الكهرباء نعمة أم نقمة؟

 

زين بن حسين الحداد

 

عندما يُريد المسلم البدء بشيء ما فهو يسبقه بالبسملة كما يأمره دينه. والله تعالى قرن اسمه في البسلمة بصفاته الحميدة (الرحمن الرحيم) من بين كل الصفات والأسماء الأخرى. وفي أيامنا هذه التي تكثر فيها الأزمات المادية والصحية، يحتاج الناس للرحمة العاجلة. وبعد الصفعات المتتالية أصبحت البيوت تئن بفاجعة جديدة اسمها فواتير الكهرباء فلن تجد شخصاً أو بيتاً لم يتضرر من ارتفاع الفواتير، فهل من رحيم يرحم من في الأرض ليرحمه من في السماء.

إن من أعظم اكتشافات البشرية اكتشاف الكهرباء وهي نعمة لا يمكن الاستغناء عنها في عصرنا الحالي حيث أصبحت الحياة كلها مربوطة بها، ولا شك أن الكهرباء أحد أهم منجزات النهضة المباركة عند وصولها إلى كل المواطنين مع المياه والطرق والصحة والتعليم وغيرها. ولكن ما يحدث اليوم من ارتفاعات فلكية لأرقام الفواتير أمر مقلق للجميع قد يحول هذه النعمة إلى نقمة.

ومن أهم أسباب ارتفاع أسعار الفواتير رفع الدعم الحكومي عن الكهرباء ولكن الغريب أنَّ الفاتورة لم ترتفع بمقدار الدعم وإنما وصلت لارتفاعات كبيرة وأرقام فلكية تصل لأربعة أضعاف لدى الكثير من المواطنين ويبقى التساؤل إلى متى سيدفع المواطن الفاتورة (التقديرية) بدلاً من الواقعية ناهيك عن التأخر في تسجيل قراءتها، ولماذا لا تتحمل الشركات عجزها عن أخذ القراءات الصحيحة في وقتها!!

عند البحث عن مصدر إنتاج الطاقة الكهربائية نجد أن توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي وبالرغم من أننا دولة منتجة للغاز وغنية به إلا أن هذا الأمر لم يشفع بأن يكون سبباً في نزول الأسعار إلى مستوى دخل الفرد، فهل الانتقال إلى الطاقة البديلة سيكون حلاً بالنسبة للشركات المنتجة للكهرباء لتقليل التكلفة! ومتى سيسمح للمستهلك بأن يخفف على نفسه باستخدام مصادر أخرى للطاقة؟

لن أنسى أحد أسباب ارتفاع الفواتير ولو بشكل نسبي ألا وهو سوء استخدام المستهلك والتبذير المبالغ فيه من البعض ولابد أن نتجاوز مرحلة الإسراف وأن يصرف الشخص مايحتاجه بعيدًا عن البذخ والبحث عن شراء أجهزة موفرة للطاقة، ومع ذلك فإنه لا يبرر الارتفاع المبالغ فيه..

خصخصة الكهرباء تحتاج لوجود هيئة قوية ذات قوانين رقابية صارمة تحمي حقوق المستهلك، ولكن الخصخصة بها من السلبيات الكثيرة مثل ارتفاع أجور العاملين وتكاليف الخدمات وغيرها من المشاكل التشغيلية. كذلك كثرة الشركات وتفرعاتها الكثيرة يشكل عبئا كبيراً، فهل نحن بحاجة الى تأميم الكهرباء أم إلى الدمج والابتعاد عن كل هذا التفرع الذي قد يسبب زيادة في تكاليف الإنتاج. وإذا كان من يدير هذا الملف غير قادر على إيجاد حلول لهذه المشكلة فمن سيجد الحل؟

لا بد أن نعي أن تأثير الكهرباء لن يقتصر على المواطن الفقير أو حتى الطبقة المتوسطة بل سيصل إلى المستثمر وأصحاب المشاريع والمصانع ويكون الضرر كبيرا في كل الجوانب. من الظلم معاملة شهور الصيف التي تشتد فيها حرارة الشمس كباقي الشهور لحاجة الناس فيها إلى أجهزة التكييف. لذلك يجب إعادة النظر في التسعيرة وعودة الدعم من جديد إلى صف المواطن. نطلب من جلالة السلطان -حفظه الله- أن يتدخل في موضوع الكهرباء ولسان حال الناس "يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المحسنين".

تعليق عبر الفيس بوك