محمد بن عيسى البلوشي
لا شك أنَّ المدارس الكلاسيكية اتخذت من القيادة الرأسية نموذجاً لتشغيل مؤسساتها وخصوصا المؤسسات ذات الطابع الإنتاجي والخدمي، وتناسب هذا النموذج مع احتياجات وظروف تلك الحقب. ولكن مع نمو الأجيال وتطور المعارف أصبح هذا النموذج يُعاني من تحديات جمَّة في إدارة الإنتاج لعدم تناغمه مع الحقب المتلاحقة.
ما يدعونا للبحث عن المدارس الحديثة في القيادة هي رؤية عمان 2040 التي جعلت من النهج التشاركي أساسا في إعداد الرؤية وصياغة ركائزه المتمثلة في الإنسان والمجتمع والاقتصاد والتنمية والحوكمة والأداء المؤسسي. ومن الأهمية بمكان أن يستمر هذا النهج الحميد مع تنفيذ برامج الرؤية من خلال وجود قيادة أفقية تشاركية في المؤسسات يقوم بنيانها على الاستفادة من جميع أفكار ومهارات وجهود فريق العمل (الموظفين)، وتدفقها بشكل أفقي وسلس بين أعضاء فريق العمل في المؤسسة الواحدة، لتكون صناعة القرار في تلك المؤسسة بشكل تشاركي بين جميع المستويات الوظيفية ويمكن أن يصنعه رئيس الوحدة/الفريق أو الموظف.
من الجيد أن نطور فكرة القيادة في مؤسساتنا العامة أو الخاصة والشركات، من حيث الشكل والمضمون، فالشكل التقليدي الرأسي لتلقي التعليمات والأوامر والأفكار والحلول في مؤسسات الإنتاج أصبح يشكل عبئاً ثقيلاً في مواكبة المؤسسة للتطورات المتسارعة، وأيضاً يفقدها قيمة اتخاذ القرار المناسب في التوقيت الاقتصادي المناسب. وهنا تلعب القيادة الأفقية دورا محوريا وهاما في تجاوز أعتى التحديات بتحالف الأفكار وتكاتف الهمم.
وتتيح الإدارة الأفقية لجميع موظفي الدائرة أو القطاع الواحد سهولة نقل التحدي أو المشكلة عند اكتشافها إلى صاحب العلاقة مباشرة مع تقديم الحلول دون وسيط، وهذا ما يجعل القرار لحل تلك المشكلة سريعًا ويكسب المؤسسة الوقت الجيد حتى لا تتطور تداعيات التحديات. إلى جانب أن القيادة الأفقية تكسب الموظفين مسؤولية شاملة عن سير العمل في تلك الدائرة أو القطاع، ويبدون أفكارهم التطويرية المنسجمة مع تجديد المهام حسب تطور رسالة ومهام ورؤية المؤسسة.
أعتقد أن إحدى الخطوات المهمة التي سوف تعمل على تسريع تنفيذ المؤسسات لرؤية عُمان 2040، هي ضرورة تطوير المؤسسات الإنتاجية والخدمية لطريقة أداء مهامها بالشكل الحالي وهي "الإدارة الرأسية"، والانتقال نحو تفعيل أدوات القيادة الأفقية بالشكل المناسب، وتدريب كوادرها على ذلك كمنهج ضروري ستنعكس نتائجه الإيجابية بمشيئة الله على رؤية بلادنا العزيزة.