فنجان قهوة

 

وليد بن سيف الزيدي

إنَّ دوام الحال من المُحال بمرور الزمن، سواء كان هذا الحال حسنًا أو سيئًا. وليس أدلُّ على ذلك عندما ينظر الفرد منِّا إلى حاله خلال مراحل حياته المختلفة. وبمعنى آخر يمكن أن يكون حال الإنسان سواء المادي أو النفسي في مرحلة ما حسن والعكس في مرحلة أخرى، وهذا أمر طبيعي في الحياة الدنيا.

من هنا أريد القول إنه من الضروري تغيير المسار في خطط الحياة العديدة سواء كانت القصيرة منها أو الطويلة المدى وبما يتفق مع الواقع الذي نعيشه. وهنا سوف أركز على خطة الإنفاق كواحدة من خطط الحياة التي نحتاجها في هذه الفترة؛ وذلك بحكم أننا نشهد ارتفاعًا بشكل أكبر من السابق في أسعار الإنفاق بجوانبه المتعددة والتي تظهر بشكل واضح في ارتفاع أسعار البترول بالدرجة الأولى وبشكل مؤثر نتيجة لاعتماد الفرد على وسيلة النقل (السيارة) بصورها المتعددة ذهابًا وعودة وبشكل يومي سواء كان ضمن الولاية الواحدة أو ضمن المحافظات والولايات الأخرى من حيث التنقل. وكذلك ارتفاع في قيمة فواتير الكهرباء والمياه، وارتفاع في قيمة بعض المواد الغذائية والسلع التجارية وخصوصًا في الأيام التي سبقت فترة الإغلاق الكلي لأيام عيد الأضحى المباركة، ومن ثم رافق ذلك ارتفاع في قيمة الأيدي العاملة بسبب ذلك الارتفاع الذي سبق ذكره قبل هذه العبارة وباعتبارها أنها جزء من هذا المجتمع تؤثر وتتأثر به. نستنتج من ذلك أن العلاقة بين تلك الزيادات في الأسعار مرتبطة ببعضها البعض من حيث التأثر والتأثير.

 فما أسباب هذا الارتفاع في الأسعار بشكل يفوق طاقة بعض أفراد المجتمع سواء المواطن أو المُقيم منهم وخصوصا أننا نشهد ارتفاعًا جيدًا في الفترة الأخيرة في أسعار البترول في السوق العالمي مقارنة بالفترة القريبة التي مضت؟ أم أن ارتفاع أسعار البترول في السوق العالمي باتت لها علاقة بارتفاع أسعار ما ذكر سابقًا في الداخل؟ وهل وضعت خطة لمعالجة ارتفاع الأسعار بما أنه أصبح هاجسًا لدى العديد من أفراد المجتمع؟ أم يتم الإعداد لها الآن ضمن جدول زمني دقيق سيُعلن عنها لاحقًا؟ وفي حالة وجود تلك الخطة أو جارٍ العمل على إعدادها لماذا لا تخرج الجهة المسؤولة وتُعلن ذلك من باب جبر الخواطر وإعطاء الأمل لغدٍ مشرق وتهدئة من ضاق به الحال وخصوصًا في ظل وجود الجائحة وتداعياتها؟ أم أن كل هذه المؤشرات التي نلامسها اليوم تُريد أن تُخبرنا بأنَّ هذه المرحلة من عمر الدولة تتطلب هكذا إجراءات وعلينا نحن كأفراد أن نتأقلم معها وذلك لضمان تحقيق نجاح رؤية عُمان 2040، وكذلك لمواكبة العديد من دول العالم من حيث الدخول في جو من التنافس من أجل تحقيق المؤشرات والمراتب المتقدمة في مختلف جوانب الحياة الحالية والمستقبلية سواء العلمية منها أو الثقافية أو الصحية أو السياحية أو الاقتصادية أو غيرها؟ أم أن هنالك أمور أخرى نحنُ لا نعلمها كأفراد عاديين بحكم بعدنا عن الأرقام الأولى من حيث تسلسل المسؤولية؟

نعم.. أليس من الجيِّد الأخذ بهذه التساؤلات لعمل دراسة نوعية مع ضرورة التركيز على أهمية نوع العينة التي ستجيب على تلك التساؤلات؟ وبإذن الله سوف يكون لي مقال في جريدة الرؤية في قادم الوقت يتكلم عن أهمية نوع عينة الدراسة في البحوث العلمية والتي تضمن لنا الحصول على نتائج دقيقة حول الظاهرة المراد دراستها.

عمومًا.. ما يُهمني في هذا المقال هو أن أوضح دورنا نحن كأفراد وبما يُحقق مصلحتنا ومصلحة وطننا الغالي على المدى القريب والبعيد، وذلك من خلال العمل على تغيير مسار خطة الإنفاق الحالية بخطة إنفاق جديدة تتناسب مع الظروف الراهنة. ولن أخوض في كيفية وضع خطة الإنفاق الجديدة؛ وذلك نظرًا لاختلافها باختلاف صاحبها وظروفه وأولوياته. ولكن أقول لنفسي وأقول لك أخي العزيز اجلس مع نفسك قليلًا من الوقت وأبدأ بالتفكير والمقارنة بين خطتك الحالية في الإنفاق والوضع الراهن؛ حتى تستطيع الخروج بخطة إنفاق جديدة وناجحة وتتناسب مع الواقع الذي تعيشه اليوم.

فمثلًا: كم يكلفك فنجان القهوة عندما تقوم بإعداده بنفسك وفي بيتك مقارنة بشرائه من الخارج؟!

وهكذا يمكن لك أن تقيس ذلك بأمثلة أخرى من واقع حياتك مع ضرورة التركيز على تحقيق أهدافك التي رسمتها وليس إلغاؤها، وذلك وفق خطة الإنفاق الجديدة التي تناسب واقعك الجديد.

تعليق عبر الفيس بوك