المياه تزور البيوت

 

محمد بن سعيد القري

alqariomsb@gmail.com

هل نحتاج إلى حالات مناخية من أجل معرفة تأثيرها ومستوى خطرها على القاطنين في مساكن كانوا يعتقدون أنَّها في مأمن من الأنواء المناخية المختلفة؟

عام 2007 كنت أسكن في ولاية بوشر بالعذيبة، حينما تعرضت السلطنة لإعصار جونو، حينها رأيت كمية المياه التي تُحيط بالمبنى الذي نسكن فيه، والعديد من السيارات التي جرفتها الأودية، رأيت من الطابق الخامس البيوت كأنها مجرد أحجار بيضاء وسط بركة ماء. بعد انقضاء يوم ونصف اليوم، هدأت الأودية.

حينها كنت محررا في إحدى الجرائد، خرجت، وصورت، وكتبت موضوعًا حول المباني المشيدة في الأودية التي لم تجر فيها المياه لسنوات وكان الظن بأن الأنواء المناخية لن تطالها، ولكن الطبيعة قالت كلمتها.

ذهبت لأستقصي الأمر في "الأنصب"، مبانٍ شيدت وسط مجرى الوادي، بعضها سوي بالأرض، وأخريات هدمت، وإحدى البنايات، نقلتها الأودية من مكانها إلى آخر! البيوت التي كانت على ضفاف المجرى تأثرت كثيرا، تشققات، وبعضها دخلتها المياه، وهجرت.

وعندما كنَّا نرى تلك الصور، وشكاوى الملاك، وما آلت إليه أوضاع تلك المخططات في ظل الأنواء المناخية، وأن التخطيط العمراني والسكاني الذي لا ندري كيف كان وكيف وزعت، ستظن ولو للحظة بأنه درس سيستفاد منه في قادم الأيام وأن الأمان فوق كل اعتبار.

وبالرغم من تشكيل لجان لدراسة هذه الحالات، وبعد سنوات، نسي ما حدث، وعوضاً عن إيقاف توزيع الأراضي بتلك الطريقة، إلا أن الأمر أخذ منعطفًا آخر. بل زادت الإنشاءات والمباني في الأماكن المتضررة نفسها، وكأنه لم يحدث شيء هنالك، أو أن الأنواء المناخية لا يمكن لها أن تتكرر مرة أخرى بتلك القوة!

ولمن ترجع الأسباب، في صاحب المبنى الكبير الذي يشيد تلك المباني طمعاً في دخل مغر، معرضًا حياة الآخرين إلى مصير تجري الرياح بما لا تشتهي السفن! أو بعد اكتمالها يبيعونها بمبالغ كبيرة تخلصًا من أية مسؤولية. أو من الجهات التي وافقت على إعطائهم تلك التصاريح للبناء! أم نلقي باللوم على المياه، ونشدو: "تطوف بنا ليلاً كمِثْل عدونا... وقعوست داري ثم خربت بقعتي".

وها نحن اليوم، نشهد الكثير من حالات دخول المياه للبيوت في محافظات مختلفة، وكأنه الأمس، مكررا ما يحدث، مخططات سكنية تتعرض لدخول المياه في البيوت، فأي دراسة لما حدث سابقا، وأي تخطيط مستقبلي وأي تقسيم وأي علم يتبع لتفادي ما يمكن تفاديه؟!

تعليق عبر الفيس بوك