عيدٌ برائحةِ الكَيّ !!

راشد بن سباع الغافري 

يأتي عيد الأضحى هذا العام مختلفا بشكل استثنائي  في مراسمه التعبدية ومظاهره الإحتفالية لأول مرة منذ أن وعينا كيف نستقبله وكيف نحتفل به.

فلا الشعائر ستؤدى كما كانت تُؤدى ، ولا الوصل والزيارات ستُنفذ كما كانت تُنفذ.  سنفتقد في هذا العيد سماع أصوات التكبيرات التي تنشرح لها النفوس ونحن ذاهبون لأداء الصلاة ، سنفتقد الرزحة، وعرضة الخيل ، والعرسيّة ، ورائحة قهوة التّجمع على الحلوى العمانية.   سيفتقد الطفل لملابس العيد وبهجته ، وللعيدية وأحلامها ، حتى وإن لبس ملابسه وأُعطي عيديته  فإنها لن تشعره بما كان يشعر به من قبل وهو يلتقي بأقرانه من أبناء عمومته وأخواله وجيرانه .   سيفتقد الجد لتحية أحفاده ، والأب لقبلة أولاده الذين يسكنون في بيوت أخرى . 

ولأول مرة سيقضي الفرد منا العيد في بيته وبين جدران أربعة، دونما قدرة على الخروج منه ، وهو أمر لم يحدث من قبل ولا نتمنى أن يحدث من بعد .  وفوق هذا وذاك يأتي هذا العيد وكثير من الأسر والعوائل تعاني من فقدان أشخاص من ذويها، إما بالموت ؛ أو بالتنويم في المستشفيات ، وهناك أسر أخرى من لم تطالها مثل تلك الأقدار لكنها ستتعاطف حزنا لمصاب جار أو قريب أو زميل أو صديق .  عيدٌ بقدر ما يفرح فيه الناس ؛ إلا أن تلك الفرحة لن تكتمل هذه المرة مع حالات الفقد تلك ، ومع القوانين والتشريعات التي فُرضت عليهم ؛ والتي حَدّت من تواصلهم ، وأجبرتهم على الانعزال والانغلاق في بيوتهم . 

تشريعات هي بمثابة الدواء المُرّ الذي تقدمه الأم الرَّؤوم لحماية أبنائها من مخاطر الداء وتطوراته؛  فالدواء الذي لا يُستساغ عادة يكون فيه الشفاء ، وهكذا كان الحظر الذي أثّر على الناس في مناحي حياتهم وأرزاقهم. وفي أحيان أخرى نُجبر على الكيّ والذي هو آخر العلاجات، وهكذا كان الإغلاق التام والذي سلب منا الكثير من مظاهر الاحتفال بالعيد. ومع ذلك وجب علينا تقبل أنواع العلاج التي تقدمها لنا أمنا عُمان ، بل والمسارعة في التداوي بها والتشجيع عليها ، حفظا للأرواح ، وتجنبا للأمراض والآهات ، وأملا في أن يرفع الله عنا هذا البلاء.

ختاما لقد ألفنا النِّعمة لسنوات عدّة، وربما تبطّر بعضنا عليها ، فطغت عند البعض كثير من الظواهر السلبية في الأعياد على حساب الشرع والشيعة.    ومن يدري فقد تكون مثل هذه الأوضاع قد جاءت لتذكرنا بما كنّا فيه من نِعم بسطها الله لنا لسنين عديدة لم يشكرها بعضنا حق شكرها ، وهو الذي قبضها عنّا اليوم علّنا نتعظ ونعتبر، ونتفكر في حالتيّ البسط والقبض. 

ومع تهانينا التي نزفها للمسلمين في الأرض بحلول العيد؛ بقدرها نقدم تعازينا ومواساتنا لمن فقد عزيز لديه، أو حُرم من رؤية غالي وقضاء العيد معه، ونسأل الله أن يكون هذا الكيّ هو أنجع العلاجات مع الاحترازات والجهود الأخرى التي تبذلها الحكومة لتظل عمان وأهلها بألف خير ومسرة، وأن يعود العيد في ثوب جديد ليُنسينا ما مررنا به من أحزان وآلام.

تعليق عبر الفيس بوك