طالب المقبالي
منذ تولي حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم، والسلطنة تسير على خطى ثابتة ومدروسة وفق النهج الذي رسمه جلالته منسجمًا مع الوعد الذي قطعه على نفسه في الخطاب السامي الذي ألقاه عقب أداء القسم في الحادي عشر من يناير لعام 2020 في الجلسة المشتركة لمجلسي عُمان والدفاع تنفيذًا لأحكام المادة السابعة من النظام الأساسي للدولة.
فقد أكد جلالته- نصره الله- أنه: "... على الصعيد الخارجي فإننا سوف نرتسم خطى السلطان الراحل مُؤكدين على الثوابت التي اختطها لسياسة بلادنا الخارجية القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التَّدخل في الشؤون الداخلية للغير واحترام سيادة الدول وعلى التَّعاون الدولي في مختلف المجالات، كما سنبقى كما عهدنا العالم في عهد المغفور له بإذن الله تعالى حضرة صاحب الجلالة السُّلطان قابوس بن سعيد بن تيمور داعين ومساهمين في حل الخلافات بالطرق السلمية وباذلين الجهد لإيجاد حلول مرضية لها بروح من الوفاق والتفاهم، وسنواصل مع أشقائنا قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الإسهام في دفع مسيرة التعاون بين دولنا لتحقيق أماني شعوبنا ولدفع مُنجزات مجلس التعاون قدماً إلى الأمام".
وتحقيقاً لهذا الوعد فإنَّ الزيارة الرسمية الأولى لجلالته- أبقاه الله- إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة تأتي بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله، وهنا أستذكر حسب قراءاتي أن الزيارة الأولى للمغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- كانت أيضًا للمملكة العربية السعودية الشقيقة، وهي الزيارة الأولى بعد توليه مقاليد الحكم في البلاد، وكانت في الحادي عشر من ديسمبر عام 1971؛ وذلك تلبية لدعوة من المغفور له بإذن الله تعالى جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة.
إنَّ هذا الترابط والتناغم ليس وليد الصدفة، وإنما جاء نتيجة لأهمية البلدين، والثقل والمكانة الريادية للمملكة في المنطقة. وعلى مدى الخمسين سنة الماضية كانت- وما زالت- تربط السلطنة علاقات متينة وراسخة بشقيقتها المملكة العربية السعودية في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية.
ومع الإعلان الرسمي للزيارة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمكتوبة إلى جانب وسائل التواصل الاجتماعي تبرز أهمية هذه الزيارة وما ستحققه من عوائد اقتصادية لخدمة البلدين إلى جانب تقوية وتعزيز الروابط في شتى المجالات.
وحسب البيان الرسمي فإن الزيارة تأتي تأكيداً على عمق العلاقات التاريخية بين سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية الشقيقة انطلاقاً من حرص قيادتي البلدين على توثيق الروابط المشتركة التي تجمع القطرين الشقيقين، وتلبية للدعوة الكريمة الموجهة إلى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- من أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية الشقيقة. وقد ذكر البيان أنه بعون الله وتأييده سيتم خلال زيارة جلالته بحث كافة جوانب التعاون التي من شأنها أن ترتقي بالبلدين إلى المستويات التي تلبي تطلعات أبنائهما وتحقق الأهداف المرسومة والغايات المنشودة في كافة المجالات، وصولاً لنتائج تخدم المصالح المشتركة للبلدين، وتكفل حاضراً ومستقبلا أكثر ازدهاراً ورخاء وإشراقاً.
فالسلطنة والمملكة العربية السعودية تجمعهما رؤى مشتركة في العديد من الأمور والقضايا التي تهم البلدين، كما يتطلع البلدان إلى تقوية الروابط الاقتصادية التي يعتزم البلدان توقيعها في قادم الوقت، والتي من شأنها تقوية اقتصاد البلدين .
وفي حديث لصاحب السُّمو السيد فيصل بن تركي آل سعيد سفير السلطنة المعتمد لدى المملكة العربية السعودية- نشرته جريدة الرؤية العمانية- كشف فيه أنَّه من المتوقع أن تُبرم السلطنة والسعودية "في القريب العاجل" عددًا من الاتفاقيات التجارية المشتركة، لافتًا إلى أنَّ الكثير من هذه الاتفاقيات ذات أهمية للقطاع الخاص. جاء ذلك في اللقاء الافتراضي المشترك الذي عقَّدته غرفة تجارة وصناعة عُمان، مؤخراً، مع اتحاد الغرف السعودية، لمناقشة تعميق مستويات التعاون التجاري والاقتصادي الثنائي، ورفع مُعدلات الفرص الاستثمارية بين البلدين بحضور كل من صاحب السمو السيد فيصل بن تركي آل سعيد سفير السلطنة المعتمد لدى المملكة العربية السعودية، وسعادة عبدالله بن سعود العنزي سفير المملكة العربية السعودية المعتمد لدى السلطنة.
وقال سعادة رئيس غرفة تجارة وصناعة عُمان خلال كلمة ألقاها إنَّ اللقاء يأتي في إطار تعزيز جهود التواصل والتعاون الاقتصادي والتجاري بين القطاع الخاص في البلدين، وتطوير العلاقات التجارية والاطلاع على التجارب وتبادل الخبرات، وتكثيف جهود إيجاد شراكات تجارية واقتصادية خاصة في القطاعات المستهدفة ضمن الرؤيتين المستقبليتين "عُمان 2040" و"المملكة 2030".
من جانبه تحدث سعادة عجلان بن عبدالعزيز العجلان رئيس مجلس اتحاد الغرف السعودية، عن عُمق العلاقات الاستراتيجية الاقتصادية بين البلدين، مشيرا إلى أنَّ المملكة تسعى من خلال رؤيتها 2030 إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الصديقة والشقيقة، ومن بينها السلطنة، ويؤكد ذلك مساندة كافة الجهات المعنية في المملكة لهذا اللقاء، وأضاف العجلان: "نسعى لتوسيع آفاق التعاون في كافة المجالات الاقتصادية، والوقوف على الفرص الاستثمارية والتجارية المتاحة لقطاعي الأعمال في البلدين.
خلاصة القول.. إن عُمان والسعودية ماضيتان بقوة نحو تحقيق الشراكة بين البلدين في إطار رؤيتي البلدين، رؤية "عُمان 2040" ورؤية "المملكة 2030" والخير قادم بإذن الله.