هل "كوفيد19" سيوجه العالم إلى الله؟

 

 

خليفة بن عبيد المشايخي

Khalifaalmashayiki@gmail.com

 

في تسابق محموم على أشياء الدنيا وحاجاتها كالصناعات والانشغال بتطورها ونمائها، والاهتمام بالتجارة وازدهارها، والانصراف إلى عمارة القصور والدور والتباهي بإكثارها، إلى جانب الاختراعات وأهميتها.

 كل ذلك جعل من هذا الكوكب قرية كونية صغيرة يعلم أولها ما يكون في آخرها، ويعلم آخرها ما يحدث في أولها، وذلك خلال وقت قصير جدًا.

وفي خضم هذا المعترك والمتاع الذي وصفه الله تعالى بالقليل وذلك في قوله "قل متاع الدنيا قليل" غفلنا منذ زمن بعيد عن أمر مهم، وهو اقتراب حسابنا والاستعداد له، وقد أكد المولى عز وجل ذلك، منذ وجود القرآن مبينًا ذلك في قوله تعالى "اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون".

الآن لنتفكر أخي القارئ كم عمر قول ربنا تعالى الذي قرأته، أعتقد أنه ليس بجديد أليس كذلك، طيب ورغم تحذير الله عز وجل لنا وتنبيهنا من مئات السنين لذلك، إلا أن هذه الأمة كانت ولا زالت تتنقل من حال سيئ إلى حال أسوأ منه، وذلك في الابتعاد عن الله وأوامره ونواهيه، وساستها وقادتها ورؤسائها ومسؤولوها وأهلها، مشغولون بالمطاحن والمجازر، وإشعال الفتن والمصائب والمجازر والمحن، وتشجيع الباطل وتعميم الفساد والرضا به، وأكل حقوق الغير، والضرب بيد من حديد على الحق وأهله، والانغماس فيما لا يرضي ربنا، خاصة فيما يتعلق بأن يكونوا قدوة حسنة في مقدمة عباد الله في التدين والالتزام والاستقامة، والخوف والخشية منه جل جلاله، وتنفيذ أوامره بحذافيرها، وفي أن يكونوا في مقدمة الصفوف بالانصراف إلى أن نكون خير أمة أخرجت للناس، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر.

وحقيقة أقول إنه مما يؤسف له أن هذه الخيرية، لم نوفق بعد إلى أن نكون أهلها، نعم صحيح بأن المولى عزّ وجلَّ قال "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هو كم نسبة تحقق هذه الآية فينا - وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

 أي وبوضوح أكثر، كم نسبة أؤلئك الذين يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر أياً كان حجمه ومستواه ووضعه، من إجمالي سكان الأرض، ومن أؤلئك الذين لا يدعون إلى الخير ولا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر.

حقيقة أمر صعب أن يقول ربنا تعالى جل جلاله (أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري للعباد نازل، وشرهم إليَّ صاعد) يا الله يا الله فعلا أمر خطير ومصاب عظيم في الأمة وفينا.

عزيزي القارئ لقد قص الله تعالى علينا أخبار الأمم السابقة والعواقب الوخيمة التي انتهوا إليها حين شاعت فيهم الانحرافات والمخالفات والفساد والإعراض عنه تبارك في علاه، دون أن يرفع أحد منهم رأساً أو يقول كلمة فقال تعالى :" لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ".

فاؤلئك القوم أجرموا مرتين، مرة حين وقعوا في الآثام، وأخرى حين تركوا المعاصي تشيع فيهم دون أن تسود فيهم روح التناهي عنها.

حقيقة وأنا أكتب هذا المقال أشعر بحرقة شديدة تجاه ما يحدث فعلاً، فالذي يعتقد بأن القوانين الوضعية التي وضعها الإنسان الضعيف والفقير إلى الله، سترفع هذا البلاء والوباء والمحن وغيرها، وستجلب المسرة والراحة والطمأنينة والسكينة والسعادة لشعوب الأرض، أقول له أسمح لي أنت مخطئ.

إن الأحوال والأهوال عزيزي القارئ التي تعصف بالأمة بين فينة وأخرى، جزاء من جنس عملنا رضينا ذلك أو رفضناه، شئنا أم أبينا، وما يحدث بنا وفينا ومعنا وحولنا ولنا، فقط ليذيقنا ربنا من العذاب الأدنى، دون العذاب الأكبر، لعلنا نتوب ونرجع إليه، مطبقين أوامره وتعاليمه وعليهن قائمين، وعن الباطل مائلين.

 وما اكتسبته هذه الأمة وفعلته واقترفته من آثام ومصائب وبلاوي، وانصرافنا إلى غيره جلَّ جلاله، وعدم الاعتراف به وبقدرته وربوبيته وضره ونفعه حق المعرفة، حدث ما يحدث، فنزلت بنا الأوبئة وعمت فينا الأحوال السيئة المُخزية.

وفي هذا فقد تساوى في ذلك الغني والفقير، فالغني وصاحب الملك والجاه والمنصب والثروة، وكذلك الفقير إن أصابته ضراء، يمم إلى بلدان يعصى الإله فيها على مدار الساعة، ليس ليبلغ دين الله لغير المسلمين ولمن هم لا يعرفون"! لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله" ولا ينطقون بها، أو لمن هو مسلم ولكن لأحوال ما ابتعد عن دين الله، وإن السفر جاء من أجله لأجل تذكيره بالله وبعظمته وقدرته والاتيان به إلى بيئات الدين والإيمان والصلاح والتقوى.

كلا فالسفر إلى هناك وإنفاق الأموال وتقديم الأوقات، كان ليتطببوا وليطلبوا الصحة من المخلوق وليس من الخالق جل جلاله رب المخلوق، وهناك في تلك البلدان، يعرضون أنفسهم

من أجل التداوي والاستشفاء، على من هو مشرك بالله كل عمره.

لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها مصيبة أيها القارئ الحبيب.

إن هذا الكون بأسره وجد ليكون الدين فيه، ولولا دين الله لتسعد به البشرية جمعاء، لما وجد هذا الكون مطلقا، ولننظر إلى الأمم السابقة التي لم ترد أن يكون دين الله فيها، أين هي الآن.

 إنه في هذا السياق أود أن أقول كلمة حق وهي إن الحكومات والهيئات والمنظمات مع حلول هذا الوباء العالمي، هل اتخذت قرارات أن تتخلص في أراضيها وأماكنها مما يغضب الله ويعصى فيه، هل اعترفت بتقصيرها وعصيانها لله، وقالت لشعوبها لنتوب عن أفعالنا وأقوالنا وأعمالنا ونرجع ونفتح عهدا جديدا مع الله جل جلاله في كل شيء، هل تحدثت أو صرحت أو قالت لهم علينا إن أن نتخلص من كل شيء فيه مخالفة لأمر الله، وإنه أيها الشعوب أفرادا وجماعات عليكم إلا تفعلوا هذا وألا ترتكبوا هذا، وألا وألا إلى آخر هذا الكلام، أبدا لم نسمع عن حدوث أي شيء من ذلك.

فهم لم يتوجهوا إلى رب العباد قولا وعملا وفعلا وتطبيقا على أرض الواقع وأقصد القائمين على مصير هذه الأمة، لماذا لم يوجهوا من هم تحت إمرتهم إلى رب الأسباب قبلا، في تقديرهم ألم يحن الوقت بعد.

لماذا لا نعترف بانهزامنا وقلة حيلتنا أمام الله جلّ جلاله، المساجد وأغلقت، وعصيان الله في أماكن مُختلفة قائم حتى الساعة، من الذي بإمكانه كشف ما بنا من ضر وأمراض وأحوال وغير ذلك، أليس الله جل جلاله، فإن كانت الإجابة بنعم، فلماذا إذن لا نفر إليه، ماذا نتتظر.

اخترعوا اللقاحات والأدوية ظناً منهم بأن سينتهي كوفيد ١٩، فأتى الله جلَّ جلاله بالمتحور والعفن الأسود وغيره، ورغم أخذ اللقاح، إلا أن هنالك جموع كثيرة ماتت بعد أخذها له، فماذا يعني ذلك.

أين القرارات والأوامر والتوجيهات بمحاربة وإغلاق والتخلص من ما يغضب الله كالربا مثلاً وغيره وغيره وغيره، والانتهاء عمَّا نهى عنه عز وجلَّ كليا.

في الختام أخي القارئ أذكر نفسي وإياك بهذا الحديث القدسي فتأمل فيه وفكر فيه لأنه كلام محزن للغاية، إذ يقول ربنا عز وجل فيه "أتحبب إلى عبادي بنعمي وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إليَّ بالمعاصي، وهم أفقر خلقي إليَّ، أهل ذكري أهل مجالستي، وأهل شكري أهل زيادتي، وأهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، فإن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا، فأنا طبيبهم، ابتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب وأنا أرحم بهم من أمهاتهم".

هذا كلام الله لنا، أفلا يستحق هذا الإله العظيم الكريم الرحيم الرحمن، أن نقول كفى لكل ما يغضبك يا حبيبنا يا الله كفى، حتى يرفع عنا البلاء، أما حان الوقت لنقف وقفة محاسبة لأنفسنا قبل أن نحاسب أيا كنا في هذه الأرض.

وفقني الله وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه، ولي كلمة ورجاء خاص من اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، وهي أنه رجاءً لا تحرمونا من صلاة العشاء جماعة في المساجد والجوامع، دعوا الحظر يبدأ من الساعة ١٠ ليلاً مثلاً، أو من الساعة تسعة والنصف أي بعد انتهاء الناس من صلاة العشاء، حاولوا بارك الله فيكم ألا تكونوا سبباً في تفويت الصلوات على الناس في المساجد، فلعل دعوة تائب مجهول في الأرض معلوم في السماء ترفع عن الأمة الغمة.

فأنتم جزاكم الله خيرًا بذلك توجهون العباد إلى رب العباد، وأجر وثواب هذا الفعل والصنيع إن حققتموه، سيكون بإذن الواحد الأحد الفرد الصمد في ميزان ولي الأمر حفظه الله تعالى، وميزان حسناتكم، فنحن الآن أحوج أن يفر الناس إلى الله، وليس أن يبتعدوا عنه، وفقكم الله وبارك مساعيكم وأحسنتم.

تعليق عبر الفيس بوك