يوسف عوض العازمي
alzmi1969@
"لا يتعامل التخطيط طويل المدى مع القرارات المستقبلية؛ بل مع مستقبل القرارات الحالية" بيتر دراكر.
----------
كي يتم التعامل مع البطالة كقضية وطنية أن تستدعي الجدية في الحل والإسراع قدر الإمكان لمواجهتها، الركون للهدوء والتريث والتخفيف من أثرها على المجتمع أمر غير مجد، حتى أنه لا يجب أن يترك الحل للارتجالية أوبحسب جهد المسؤول الفلاني أو مزاج المسؤول العلاني، بل مهم أن تتم المعالجة عبر شكل مؤسسي متكامل تنضوي في إطاره كل المعلومات والخطط والجهود، والتعامل المؤسسي المنظم قانونيا بلوائح وأسس ونظم تنظم العلاقة بين أطراف العلاقة الثلاث: العاطل (رجل/ امرأة) والجهة المستفيدة (المشغلة)، والدولة (راعٍ ومنظم للعلاقة بين الموظف وجهة العمل من خلال اللوائح والقوانين).
وأقترح وجود جهة مركزية مختصة بمعالجة البطالة كمتابعة وتنفيذ وإشراف تضم ممثلين تنفيذيين من كافة الجهات ذات العلاقة بملفات البطالة، كذلك علينا عدم إغفال أن للبطالة نماذج وليس أنموذجا واحدا، هناك العاطل المسرح قسرا من عمله لأي سبب كان، وهناك فئة مهمة جدا وهي فئة الذين انهوا تتفيذ أحكام قضائية بالسجن، من المهم التعامل مع الكل وتوزيع الفئات كشرائح متعددة مع عدم تجاهل فئة لصالح فئة أخرى، وسأعطي خط عريض للحل لكل فئة (المجال لا يسمح بتفاصيل): العاطل عن عمل (أول مرة، ويحمل مؤهلا دراسيا أو أكاديميا أو خريج التعليم المهني)، وهذه الفئة يكون لها قاعدة بيانات بناء على ثلاثة طرق:
- خريجي المعاهد والجامعات تقوم الجهات التي تخرجوا منها بإرسال الأسماء فورا مع إتمام التخرج، أي يصل اسم الباحث عن عمل بدون أن يُراجع شخصيا، وتتكفل الجهة العلمية بتزويد جهة البحث عن عمل بكافة بيانات الطلبة حديثي التخرج. (هذه الطريقة يعمل بها بعدة دول منها الكويت).
- بنفس الوقت تكون لدى الإدارة المركزية لائحة بالجهات الحكومية والخاصة الطالبة للعمالة وفق التخصصات المدونة والشروط المطلوبة، وهل تطابق هذه المتطلبات مع بيانات الخريجين، وهل هناك خريجين بإمكانهم مباشرة العمل فورا مع الجهات الطالبة؟
- تسويق ونشر مؤهلات الخريجين على الجهات الحكومية والخاصة التي تكون قد قدمت طلبات احتياج مسبقا.
بالطبع ما سبق تصورات سريعة ومختصرة ولم أدخل في التفاصيل.
هناك أيضا فئة المُسرحين من الوظائف، حيث يقوم المسرح نفسه بمراجعة الإدارة المركزية للبحث عن عمل ويزود الإدارة بكافة المعلومات الشخصية الضرورية، كبيانات شخصية زائد المؤهلات إن وجدت والخبرة كذلك إن وجدت. وتقوم الإدارة المركزية كذلك بالبحث بقاعدة البيانات المفترض وجودها لعلها تجد عملا مناسبا للباحث.
توجد كذلك إحدى أهم الفئات، وهي فئة الذين انهوا تنفيذ الأحكام القضائية هؤلاء يفترض أن تتكفل إدارة السجون بإرسال بياناتهم إلى إدارة البحث عن عمل، وبالذات هذه الفئة يكون لها اهتمام خاص؛ نظرا لأمور لا يسعها هذا المقال كي يعودوا عناصرا فاعلة ومنتجة بالمجتمع.
ومن المهم أن يتولى قيادة الإدارة المركزية للبحث عن عمل أناس مبدعون وأمناء ذوو مواهب إدارية يستطيعون أن يقدموا حلولا معقولة وواقعية لباحثي العمل، وأن تكون إدارة العمل وفق ضوابط ولوائح واضحة تمنع التجاوز قدر الإمكان، فنحن لسنا في مجتمع ملائكي، لكن نحاول تحقيق المفيد للجميع.
أخيرًا.. الحديث عن الحلول المعالجة لمشكلة البطالة لا ينتهي، وهي إحدى أبرز المشكلات التي تعانيها كثير من الدول إن لم أقل كل الدول، وكما شددت العلاج النافع لها يجب أن يقترن بإرادة سياسية عليا لديها القناعة التامة بالأهمية القصوى لهذا الملف الاجتماعي/ الاقتصادي/ الأمني؛ لأنه وكما أسلفت أيضا سابقا بأن العاطل عن العمل هو مشروع جاهز لجريمة متوقعة، وأيضا فريسة سهلة للخارجين عن القانون، وحقيقة أني حاولت قدر الإمكان إبراز أهمية المشكلة، وتسهيل الشرح والعرض بدون إدخال أي مصطلحات أوألفاظ أجنبية يحب الكثير إستدخالها بالمقالات لبيان فهاميته، لكني في هذا المقال والمقالات السابقة كنت أضع باعتباري أتحدث لأكبر مراتب المسؤولين، وبلغة يفهمها ويستسيغها رجل الشارع البسيط (كلنا بسطاء لاشك)، لاشك أن المقالات لم تحوي كل شئ وهذا متوقع فهنا لست كاتبا لتقرير يقدم لجهة ما، أوبحث علمي، إنما اجتهاد وطرح لحلول وعرض لمعطيات تحتاج بدل المقال كتبًا وليس مقالات، حاولت الاختصار قدر الإمكان حتى لا يزيد عدد السلسلة المتواضعة، وحتى يترابط الموضوع.. قد أصبت في العرض وقد أخفق وهذا أمر طبيعي، والعذر هو الاجتهاد والكمال لله.
بالنهاية علينا الاجتهاد للصالح العام والسعي إليه وبه، سائلا الله التوفيق والسداد لي وللجميع.