الزيارة التاريخية

مدرين المكتومية

زيارة تاريخية مُرتقبة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- حفظه الله ورعاه- إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة، مطلع الأسبوع المُقبل، يلتقي خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بينما تتوجه الأنظار وتنتظر بشغف لا مثيل له نتائج هذه الزيارة الميمونة.

تاريخية هذه الزيارة تنبع من كونها الأولى لجلالة السُّلطان المفدى- نصره الله- خارج الوطن، إذا ما استثنينا زيارة جلالته- أبقاه الله- للكويت لتقديم واجب العزاء في وفاة أمير الإنسانية الأمير صباح الأحمد- رحمه الله. كما إنها الزيارة الأولى لسلطان عُمان منذ الزيارة التي قام بها المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه-، والتي كانت في عام 2011 لحضور القمة الخليجية في الرياض.

الزيارة ستجمع زعيمي أعرق دولتين بين دول مجلس التعاون الخليجي؛ عُمان والسعودية، فعُمان بحضارتها الضاربة في عمق التاريخ، والسعودية بإرثها الإسلامي الممتد لما قبل 1442 سنة، ومكانتها الرفعية في شبه الجزيرة العربية، وتعاقب الحضارات عليها، كل ذلك يؤكد أننا أمام قمة ثنائية تاريخية ستُفضي إلى نتائج إيجابية على الجميع، وليس على البلدين الشقيقين وحسب.

وهنا ننظر إلى الزيارة من خلال منظورين رئيسيين؛ الأول: محلي داخلي، والثاني: خارجي إقليمي ودولي. أما في الجانب المحلي، فمن المتوقع أن تشهد الزيارة التوقيع على عدد من الاتفاقيات الثنائية لتعزيز التعاون المُشترك وتوثيق العلاقات الوطيدة القائمة، إلى جانب بحث مستجدات الأوضاع في المنطقة والعالم، بما يخدم جهود ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة. ويمكن القول إن منظومة التعاون الخليجي مُقبلة على مرحلة جديدة من التكامل الاقتصادي والثقافي والسياسي، فالحكمة العُمانية عندما تلتقي مع الاتزان السعودي، فإن مسارات عمل مغايرة ستتضح، وستتكشف العديد من فرص التعاون بين البلدين، والتي سيعم خيرها ليس فقط على الشعبين الشقيقين؛ بل على المنطقة بأسرها.

التعاون العُماني السعودي سيفتح آفاقاً للسلام والتنمية في المنطقة بأسرها وليس فقط علاقات تعاون ثنائي واستثمارات مشتركة، وهو أمر مُتوقع، خاصة بعد الزيارات المتبادلة بين المسؤولين في السلطنة ونظرائهم في المملكة، وهو تطور نوعي يجب أن يحظى بكل سبل الدعم، في إطار التطلعات التي تنشد علاقات أقوى وأواصر أخوة أعمق بين الدول الشقيقة، وعُمان والسعودية ستكونان نموذجًا لما يجب أن تكون عليه علاقات الأشقاء.

لا شك أن التطور الحاصل في عُمان والسعودية يشي بأن منطقتنا على أعتاب مرحلة جديدة من البناء والتنمية؛ ففي ووطنا العزيز، رؤية مستقبلية طموحة تستهدف وضع عُمان في مصاف الدول المتقدمة، وخطة للتوازن المالي على المدى المتوسط، تعمل على مُعالجة الاختلالات المالية التي خلفتها الأزمة المزدوجة لتراجع النفط وتفشي جائحة كورونا، إلى جانب رؤية وطنية طموحة لجذب الاستثمارات وتنويع مصادر الدخل وتحديث منظومة العمل، بعد ثورة التصحيح الإداري التي أطلقها جلالة السلطان المعظم- أيده الله. ونضيف إلى ذلك، متابعة حثيثة من لدن جلالة السلطان المفدى لمختلف شؤون المواطن، بدءًا من التوظيف وملف تشغيل الباحثين عن عمل، إلى مسألة تسهيل الإجراءات الحكومية، وتيسير العمل في مختلف القطاعات، مرورًا بجهود تعزيز التنويع الاقتصادي، والأهم من ذلك كله متابعة آليات تنفيذ الرؤية المستقبلية "عُمان 2040".

وفي المُقابل، نرى في المملكة رؤية استشرافية تستهدف الارتقاء بمكانة السعودية إقليميا ودوليًا، وهي رؤية "المملكة 2030"، والتي يُشرف عليها صاحب السُّمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، وهو الذي أثبت على مدى السنوات قدرته على قيادة المملكة نحو المستقبل، عبر قرارات تاريخية نفذها وما زال ينفذها.

إذن نحن- كما ذكرتُ آنفًا- مقبلون على آفاق جديدة في مسيرة العلاقات العُمانية السعودية، وخير هذه الآفاق سيعم المنطقة والعالم، وليس فقط السلطنة والمملكة، وعلينا كشعوب خليجية تؤمن بالسلام وتتحصن بالوحدة والتكاتف، أن نتفاءل بما ستُحققه هذه الزيارة من تطورات ستُلامس تطلعات الجميع، وتضفي مزيدًا من الخير والازدهار والنماء علينا جميعًا..

وفق الله جلالة السُّلطان المفدى لكل ما فيه خير وصالح وطنه وأمته، ونسأل الله لجلالته الرعاية والسلام وأن تحفه عناية الرحمن في حله وترحاله، إنِّه ولي ذلك والقادر عليه.