لن تسامحكم الأجيال في أمر المياه والسدود

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

سؤالي إلى كل من يرى في نفسه المعرفة والحكمة وفصل الخطاب، فلعله يبرئ ما في النفس من ضجيج فكرٍ لا يحتمل والسؤال هو هل أن حقائق إبداعات الأوطان رؤية أو فكرة أو أنها زاوية تصغر وتكبر من خلال عقول الرجال وإذا اقنعتني بإجابة شافية فهل أنت على مقدرة أن تزيد عليها إجابة أخرى بعد أن يتمكن خيالك الواسع من القيام بمسحٍ مترفع ومن نفس الزاوية محل الطموح والأمل في حقائق ما يزخر به الوطن من كل مقومات وخاصة غنى عمان بالمياه ولماذا لم نتمكن وإلى اليوم من استغلالها أم يا ترى إننا أذكى خلق الله جميعاً ونعلم عن كل ذلك غير أنا تركناها للأجيال فالعصر الذي نعيشه لا يتناسب ومقدرتنا على تحقيق الطموح وعلينا أن نقّر بذلك لعلها تشفع لنا يوم تحلل الأجيال عصرنا الذي نعيش اليوم.

ذكرتُ يوماً أن قلمي أصغر بكثير من أن يحصي مكامن الخير والعطاء في وطني؛ بل إنني لم ولن أرخي عنان الفكر أن ينطلق من خلال تلك الرؤيا غير أني متأكد أن ما تزخر به عُمان من خلال قيادتها الرشيدة وشعبها العظيم وتباين تضاريسها وجوها وخاماتها ومياهها وموقعها وعلاقاتها الدولية وإرثها المادي وغير المادي لم ولن يراودني ذرة من شك من أنها يمكن أن تكون أفضل حالاً وفي كل شيء وبمراحل متقدمة جداً وإني وبهذا الخيال الواثق فإني لست كمن يقفز في الظلام.

كتبتُ يوماً عن مسقط وكيف يُمكن أن تنافس عواصم الدول المتقدمة في السياحة مستغلين فرقنا وفلكلورنا وقلاعنا وواجهة القصور وتاريخنا العسكري العظيم الماضي والحاضر وإرث عمان الذي لا يقدّر بثمن وتمنيت أن يعنّي واحداً من المسؤولين نفسه ويسألني التفاصيل وسأكتب عن هذا الأمر حتى تتحدث مسقط كما كان عنوان مقالي يوماً ولن أملّ لأن بالأمر كنوزاً عظيمة لايمكن تصورها ولا تصور مايمكن أن تقلب الموازين من خلاله.

اليوم وبنفس الأسلوب الذي بدأت فإني استصرخ العقول المفكرة وبنظرةٍ استباقية وأسألها ألا ترى ما يحدث بالعالم من كوارث طبيعية وغير طبيعية وأخرى لا نعلمها والتي يمكن أن تكون يوماً حرباً كونية وعلى الأوطان والشعوب أن تعيش مما تملك وتنتج وحسب فماذا لو تقطعت بالعالم السبل وإلى حين وقبل أن نذهب إلى فكر الكماليات، فماذا سنأكل وماذا سنشرب يومها؟ وإذا كان الوطن به من مقومات المياه التي تهدر في البر والبحر وأخرى مكامن بين الجبال لا تحتاج إلا إلى إغلاق لتكون سدودا عملاقة ترفد الأرض بالمياه وتحفظ الكثير منه احتياطياً استراتيجياً لكل الأجيال. غير أنَّ الأهم من كل ذلك وللمرة الثالثة بصيغة السؤال، ولكن للمعنيين بالسدود والزراعة والمياه وأقول لهم جميعاً: هل تعرفون مكونات السدود؟ هل سألتم المواطنين الذين قاموا ببناء السدود وعلى نفقتهم بنفس خرائطكم؟ هل عرفتم أن الفارق في السعر يكاد أن يكون عشرة أضعاف؟ هل قمتم بتحليل ودراسة ماذا حدث وماذا يحدث؟! هل جلستم مع المواطنين الذين أشرفوا ونفّذوا تلك السدود؟! هل كلفتم أنفسكم القيام بتجارب وعمل عن طريقهم وبقيمة سدٍ واحد، كم يمكن لهؤلاء من سدود أن ينفّذوا وبنفس خرائطكم ومواصفاتكم وإشرافكم؛ بل إنِّها أعلى بأمتار عدة، هناك حديث وصخب كبير عن خُطط مستقبلية وكأن بالتنظير والرسم والمحاضرات والرسائل المتبادلة نقنع أنفسنا بأن الأمور تسير على خير مايرام في حين أن كلمة تنفيذ هي للتتبع وللقراءة ومواءمة المتوفر وتطبيق ذلك عملياً؛ بل والسرعة فيه ساعة بعد ساعة في سباق الزمن كما هو مسرعاً لنلحق به وأخيراً وفي نفس المجال فإني ناقشت مسؤولاً كبيراً معنياً بالزراعة يوماً عندما قرأت عن مناقصة عالمية لدراسة تطوير الرمان في الجبل الأخضر.

واليوم أسألهم ويسألهم كل غيور على التطوير والمال العام: هل نفذت الدراسة؟ كم التكلفة؟ ما الحقائق التي أوردتها ولا يمكن لعقولنا أن تصل إليها؟ ماذا طبق منها عملياً وواقعاً على الأرض وليس في الملفات؟ هل كان يمكن لذلك المبلغ أن يبني سداً ونزرع من مياهه ما نشاء؟ طبقوا تلك الأسئلة على الكثير، وعُمان بها خير عظيم.