المألوف وغير المألوف!

صالح بن أحمد البادي

@salehalbadi555

Salehalbadi555@gmail.com

◄ قرار "إقامة مستثمر" خروج عن التقليد باتجاه انفتاح رائع ومدروس

رؤية "عُمان 2040"، رؤية خُطط لها لتحقيق تحول استراتيجي كبير؛ بل وضخم، في كثير من القطاعات، وجعلت هدفنا الأسمى أن تكون عُمان في مصاف الدول المتقدمة.

إنها في حقيقتها ليست رؤية تقليدية بُنيت على ما تحقق حتى الآن ثم حددت نموًا سنويًا كعادة الرؤى التقليدية، بل أتت بشكل مختلف فحددت أولًا الهدف الذي نُريد أن نصنعه ونحققه عام 2040. فقرر أن الهدف هو أن تكون عُمان في مصاف الدول المتقدمة، ثم حددت الدول المتقدمة الأفضل عالميًا، ثم حددت أرقامً هذه الدول ومستهدفاتها، ثم حددت أين يجب أن تكون عُمان بين تلك الدول المتقدمة فوضعت أرقامً ومؤشرات الرؤية وأهدافها.

علينا أن نتذكر أنه عندما نقول في مصاف الدول المتقدمة لا يعنى ذلك الدول المتقدمة اليوم، بل هي أرقام ومؤشرات الدول المتقدمة لعام 2040 وهذا يدل على حجم التحديات وعلو الفرص لتحقيق أهداف الرؤية السامية بجد وود، وهذا ليس طريقًا ورديًا بل طريق ستتخلله تحديات أكبر وأشمل من أن تتخيل، ولذلك ستصنع لذلك حلولًا من الطراز الأول العالمي وليس المحلي.

لذلك فهي رؤية عالية الطموح وبذات الوقت عالية الأهمية، وعالية الابتكار فالأرقام المستهدفة مضاعفة أضعافًا متكررة لوضعنا الحالي في كثير من المؤشرات القطاعية والوطنية المستهدفة. من يقرأها بتمعن يعلم أن الأرقام ليست تقليدية، وليست فقط تحتاج لعمل تحولات بل سنحتاج لعمل قفزات بما في القفزات من مخاطر وفرص.

لذلك فأن ما يمكن أن يحقق تلك الرؤية هى قرارات بذات الأهمية الكبرى من الصناعة ومن الإصدار ومن التنفيذ. إذ لا تصلح هندسة وقرارات تقليدية كلاسيكية ذات أثر محدود في مستهدفات للتحول والابتكار والإبحار باتجاه أهداف الرؤية، ولا تصلح كذلك إلا بمخاطرة قفزات تفتح لك المال عراض، وتحقق بها أهداف حسام وتستطيع بها من تحقيق حلمك.

وبما أن الرؤية تطمح لتحول كبير سريع فاعل، فأن قرارات الرؤية على كافة المستويات يجب أن تكون بذات الجودة والمعنى والهدف. تحتاح لقرارات تحول كبرى عاجلة لا آجلة وتنفيذ مبدع مستندين لشبابنا الذي تجدد به الهمم التنفيذية ،كما بصمنا عشرًا على تخطيطهم وعلى الاتفاق على صناعة عُمان المستقبل.

كما إن 20 سنة من الرؤية ستمر في سباق وسيمضى الوقت بسرعة لا يمكن تخيلها ولا يمكن بتاتا من الآن الاستراحة والتمدد، بل على مؤشر التنافسية ومؤشرات الخطط الخمسية أن تبقى في عقولنا وقلوبنا، وكأنها مؤشر جي بي اس يوجه البوصلة الوطنية باتجاه أهداف الرؤية، ويعمل على تقصير المسافات ورفع الجودة، واختزال الوقت والعمل على الحصاد السمين المباشر متكرر المصالح للاقتصاد الوطنى.

وكاقتصادي متخصص أصفق بيدين وبحرارة مثلًا على قرار معالى وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في شأن إقامة مستثمر، ومنح المستثمر الراغب في الاستثمار الاستراتيجي بعُمان الأمان فرصة للإقامة من 5- 10 سنوات تتجدد حسب اشتراطات معينة. وأجدُ القرار تحولًا في قراراتنا التقليدية ،وأنني إذا أحيي الوزير الشاب لأجدنى أصطف بقوة معه، فالتنافسية العالمية، والتنافسية حولنا ورؤيتنا عالية الأهداف تفرض علينا ذلك. إنه قرارًا صحيح بتوقيت أصح في شهر سبتمبر وما بعده فترة ذهبية للانفتاح العالمى القادم، وعندها سيكون جيدًا فنحن ومع نهاية العام على أعتاب نموًا اقتصاديا يتوقع للسلطنة أن يكون الأعلى بين دول المنطقة. وهذا القرار سيكون داعمًا لتحقيق ذلك النمو المُستهدف والعمل بقرارات تحول صحية وصحيحة.

عندما هاتفني من يتحدث لي عن رغبته في استقطاب مقترحات لتحفيز الاقتصاد الوطني، أرسلت عدة صفحات من بينها مقترحات وتسهيلات أعلى في حجمها وحجم أثرها من إقامة مستثمر، ووصل لمقترحات لتجنيس من يكونوا سندًا لاقتصادنا الوطني، فأنت تحتاج للاقتصاد وأحجامه، وتحتاج للمستهلكين، وكلما نما السكان صحيًا وكانوا من أفاضل مستثمرى العالم، أو كفاءاته وكلما زاد لديك حجم الإنتاح الكلي مجتمعيًا. وأصبح المواطنون منتجين أكثر، وكان ذلك سببًا في نمو الاقتصاد الإنتاجي بالسلطنة، وزيادة معدلات الاستهلاك كذلك بالجانب الآخر، فالبشر منتجون ومستهلكون.

نحتاج كذلك للاقتصاد الصانع للوظائف، وذلك كله يحققه مستثمرين مميزين بالعالم، واستقطابهم قد يلزمنا أن نفعل حتى أكثر من تسهيلات إقامة مستثمر. التنافسية حولنا شديدة وتنافسية العالم بعد الخروج من مضيق ضيق جدًا لعالم كوفيد-19 سيكون شرسًا في الاستقطاب وتسهيل القوانين؛ لأن العالم يُريد أن ينتقل من كارثة كوفيد-19إلى ما بعد سلالة "دلتا" المتحورة، وسيكون ذلك النجاح متوقعًا بشكل كبير والمنطقة والعالم جاهزة له.

بواقع الحال أن تسهيلات إقامة مستثمر نجاح تشريعى مميز وتحول بالقرارات؛ بل إنني مقتنع أن التاريخ سيسجل لوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وبمستوى وزاري أن هذا القرار تصدر قرارات التحول التي نبحث عنها في عُمان لهذا العام.

شكرًا الوزير الشاب أبا تيمور، وشكرًا كل المسؤولين والفرق التخصصية التي صاغت هذا القرار، فنحن نعلم أن مقترح القرار مر بجهات متعددة. وسنقول شكرًا مرة ثانية عندما نجد تسويق القرار يتم ببراعة مبتكرة ولأهداف محددة، ثم سنكون أكثر سعادة عندما يكون التنفيذ بذكاء وسرعة وتفاعل. فالقرارات بدايات الطريق وليس نهايته وحصولهما يتم بعد تنفيذ رائع مجيد، والأهم أن يفهم معناه ومغزاه كافة المخططين والمنفذين والمراقبين؛ ليتحقق الهدف وروح القرار ونصنع ما نريد لوطن النجوم عُمان.

العالم تواقٌ لأن يرى تنافسية أكبر، ولننظر دومًا إلى ما تفعله أفضل اقتصاديات العالم المتقدم، ولنفعل مجددين ومتجددين بروح عُمانية عالمية وليس عُمانية ما يجعلنا في مقدمة الركب ليتحقق لعُمان هدفها في أن تكون في مصاف الدول المتقدمة روحًا وجسدًا، ونتاجه كل يوم أكثر لتحقيق المؤشرات التي اتفقنا عليها جميعا برؤية "عُمان 2040"، وألزمنا أنفسنا برؤية قدمها أبناء الوطن لأبناء الوطن كافة عبر التوقيع عليها جميعا بقلم الوطن.