الدبلوماسية الاقتصادية العمانية

فايزة بنت سويلم الكلبانية

faizaalkalbani1@gmail.com

(1)

فرص استثمارية واعدة نعيش تفاصيلها خلال المرحلة الحالية ضمن خطط التحفيز الاقتصادي لتحسين بيئة الأعمال بالسلطنة، ويبقى الرهان معقودًا على تحقيق آليات التنفيذ لما تمَّ الإعلان عنه من مشاريع واستثمارات محلية وأجنبية، كما واكب ذلك إعلان وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار عن برنامج إقامة مستثمر والذي يُمنح بموجبه المستثمرون والمتقاعدون الأجانب حق الإقامة الطويلة في السلطنة لمدة 5 أو 10 سنوات قابلة للتجديد مع الالتزام بالضوابط المُنظمة لذلك.

ومما لاشك فيه أنَّ العلاقات العُمانية السعودية تحظى برعاية سامية مشتركة من لدن حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية حفظهما الله ورعاهما، وهي علاقات متينة راسخة تقوم على التكامل.

وهذا ما أكدت عليه سعادة أصيلة الصمصامية وكيلة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في كلمتها خلال زيارة وفد السلطنة لمقر اتحاد الغرف السعودية واللقاء بأعضاء مجلس الأعمال السعودي العُماني وعدد من أصحاب الأعمال، وقدمت الدعوة لتشكيل فرق عمل تشمل كافة القطاعات الواعدة وأبرزها القطاع السياحي والنقل البحري والصناعات التحويلية. ولعل الخبر المُبهج بأن السلطنة والمملكة ناقشتا إمكانية إنشاء منطقة صناعية سعودية في السلطنة، يؤكد الجهود الرامية لتعزيز التعاون الاستثماري بين البلدين الشقيقين، فقد كشفت تفاصيل هذه المباحثات ان السعودية ستعمل على تطوير وتشغيل وإدارة المنطقة المقترحة، وبناء مسارات لوجستية؛ لنقل البضائع بين المناطق الاقتصادية الخاصة السعودية والعمانية والاستفادة من الأثر الاقتصادي المشترك.

(2)

إلى جانب الاستثمارات السعودية العُمانية في السلطنة المتمثلة في مشاريع توليد الطاقة  الكهربائية وتحلية المياه، جاءت زيارة الوفد العماني للمملكة مُبشرة ومُؤكدة على استمرارية التكامل بين البلدين لخلق مسارات للتنويع الاقتصادي المستدام، وداعمة لأهداف رؤية "عمان 2040" ورؤية "المملكة 2030"؛ حيث طرحت السلطنة 150 فرصة استثمارية تقدر بـ1.5 مليار ريال عماني للمملكة العربية السعودية في قطاعات التطوير العقاري والصناعة والسياحة والثروة السمكية والطاقة المتجددة والبتروكيماويات. وتبشر بأنَّ السلطنة ستسعى جاهدة لتذليل التحديات التي تواجه الاستثمارات الخارجية عامة والسعودية خاصة وفقاً لهذا التوجه المبرم.

(3)

حجم التبادل التجاري بين البلدين لم يصل إلى مستوى الطموحات، حيث انخفض بنسبة 5.56% في 2021 مُقارنة بالعام 2020، إلا أنه من المرتقب قريباً افتتاح المنفذ البري المباشر الذي يربط بين السلطنة والمملكة العربية السعودية والبالغ طوله 680 كم، والذي من شأنه العمل على تعزيز وتسريع وتوسيع حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، حيث من المتوقع أن يختصر المسافة بأكثر من 800 كيلومتر، وهذا سيفتح المجال لسرعة حركة البضائع وشاحنات النقل.

لكن ما زالت النداءات مُستمرة من قبل المستثمرين وأصحاب الأعمال لضرورة تفعيل تواجد الأنشطة والخدمات والمرافق الأساسية على امتداد خط الطريق البري كونه معبرًا حيويًا ومُهمًا، والذي سيختصر المسافة بين البلدين لكونه مباشرًا دون الحاجة للمرور بدولة الإمارات العربية المتحدة؛ وذلك من خلال المرور بالربع الخالي بالرغم من التحديات الفنية التي واجهت الطريق البري مما نتج عنه التأخير في استكمال أعمال المشروع كون أن الجزء الذي يمر بالأراضي السعودية يخترق صحراء الربع الخالي إلا أنَّه تمَّ التغلب على هذه التحديات وغيرها.

(4)

حراك استثماري آخر بين السلطنة وتركيا، ليترجم سنوات عديدة من الصداقة والتعاون المشترك في مجالات وملفات وقضايا عدة، وكما تابعنا جميعا مؤخرا وقعت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار برنامج تعاون مع وفد تجاري من منطقة جبزة التركية، وذلك بهدف استقطاب استثمارات تركية إلى السلطنة من خلال المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم. هذا البرنامج المُعلن يتطلب التزامًا في تحقيقه من قبل الجهات المختصة ولا سيما في ظل الأوضاع الراهنة، وذلك ضمن أهداف تعزيز استقطاب الاستثمارات الأجنبية. ومن المتوقع أن يتم تشغيل المرحلة الأولى للمشروع في 31 أكتوبر 2023 وتقدر التكلفة الاستثمارية للمشروع بـ10 مليارات دولار.

همسة استثمارية

اليوم اقتصاد السلطنة بحاجة ملحة إلى هذا النوع من الحراك الاقتصادي لتنويع مصادر الدخل وجذب الاستثمارات وتفعيل جميع الأطراف للوصول لهذه الغاية بالتعاون مع السفارات العمانية بمختلف دول العالم، بحيث لا يقتصر دورها على الجوانب السياسية، إنما يتعدى ذلك لتكون لها بصمات في جذب الاستثمارات الأجنبية للسلطنة والترويج للمُواقع السياحية والاستثمارية بالسلطنة.