الانغماس

 

وليد بن سيف الزيدي

يقصد بمصطلح الانغماس أن يعيش الفرد الموقف بكل تفاصيله بدرجة عالية من التركيز والتكرار لأحداث ذلك الموقف وخلال فترات زمنية مختلفة وطويلة. ويمكن توضيح هذا المصطلح بمثال الشخص الذي يقوم بحفظ كتاب الله أو شيء منه، حيث يتوجب عليه أن يكون ملازمًا لكتاب الله العزيز لفترات زمنية مختلفة ومتكررة وطويلة قد تصل إلى عدة سنوات لكي يصل إلى درجة الإتقان والتمكن من الحفظ.

ويمكن القول هنا إن مصطلح الانغماس كان حاضرًا في التعليم المدرسي في سلطنة عُمان خلال العام الدراسي الحالي والذي يوشك على الانتهاء. وذلك من خلال الجهود التي بذلتها وتبذلها وزارة التربية والتعليم، والمحافظات التعليمية ومراكز التدريب والمدارس الحكومية والخاصة التابعة لها. حيث من المعلوم في الفترة الماضية من بداية الجائحة تقرر تعطيل المدارس الحكومية والخاصة. ولضمان بقاء العملية التعليمة واستمرارها فقد عمدت الوزارة إلى تطبيق نظام التعليم عن بُعد في مختلف المراحل الدراسية والذي يُعد تعلمًا مناسبًا لهذه الفترة، إذ يتعلم فيه الطلبة عن بُعد وفي أي وقت وأي مكان وتحت أي ظرف كان.

لقد كان لوزارة التربية والتعليم دورًا بارزًا في البحث عن الأساليب التعليمية التي تضمن استمرارية التعليم في ظل وجود الجائحة، حيث يتمثل ذلك الدور في عمل العديد من الورش التدريبة التي كان الهدف منها جعل المعلمين والمعلمات على مختلف تخصصاتهم ومستوياتهم التعليمية قادرين على التعامل مع المنصات التعليمية مثل: منصة جوجل كلاس روم لطلاب الحلقة الثانية وما بعد التعليم الأساسي، وكذلك منصة منظرة لتلاميذ الحلقة الأولى. وقد تم تعريف وتدريب المعلمين والمعلمات على كيفية الدخول إلى تلك المنصات التعليمية، وكيفية إنشاء الفصل الدراسي الافتراضي والتعرف على الواجهة الداخلية له مثل: تبويبة ساحة المشاركات والأشخاص، والواجب الدراسي وإعادة استخدام المشاركة وتوجيه الأسئلة ومهمة الاختبار والتكليف والدرجات. كما تم تدريب المعلمين والمعلمات على عدد من البرامج والتطبيقات التي تساعدهم على جعل التعليم أكثر فاعلية بعد أن تحوّل من التعليم التقليدي المباشر إلى التعليم الإلكتروني، والتعليم عن بُعد والتعليم المدمج في ظل وجود الجائحة، ومن الأمثلة على تلك التطبيقات: تطبيق كاهوت(Kahoot) لإنشاء الأسئلة التفاعلية وتطبيق نيربود(Nearpod) وتطبيق بادلت(Padlet) وتطبيق السبورة التفاعلية(Jamboard) وتطبيق حفظ الملاحظات ومشاركتها(Keep).

وبذلك يكون اليوم كلٌ من له شأن في التعليم المدرسي قد أصبحوا متمكنين من مهارات التعليم الإلكتروني، والتعليم عن بُعد نتيجة للانغماس في تلك المنصات التعليمية وبرامجها وتطبيقاتها، واكتشاف كل يوم ما هو جديد نتيجة لتلك الممارسة المستمرة لها. ويمكن الاستدلال حول التمكن من مهارات التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد من خلال هذه التساؤلات: كيف كانت مهارات التعامل مع متطلبات التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد قبل الجائحة؟ وكيف أصبحت اليوم في ظل وجود الجائحة؟ وكيف ستكون مستقبلًا من حيث التفاعل مع التعليم عن بُعد عندما تغلق المدارس لأي ظرف كان؟

وأخيرًا من الجيد أن ندرك أنَّ الانغماس في الظواهر أو الشخصيات أو السلوكيات أو المواقف أو المعارف أو المهارات مؤشرًا جيدًا لتعميق الفهم، والخروج بنتائج دقيقة يمكن الاستفادة منها في قادم الوقت، بدليل ما تحقق من نتائج إيجابية بسبب الانغماس في تجربة التعليم عن بُعد في ظل وجود الجائحة.

تعليق عبر الفيس بوك