سرمدية الابتسامة.. وخلود العمل

بدر بن أحمد الحبسي

يعيشُ الإنسانُ حياتهُ على كفِ قدرِ الله، ويمضي في مسارهِ حتى يصل مداه، تصقلهُ التجارب، وتأخذهُ المشارب، ويراوح مكانهُ، ويُناجي زمانهُ، حتى إذا حانت لحظة الوداع، يبقى العمل يُلامس القلوب، تمامًا كديمومةِ إحمرارِ السماء عندَ إحساسِ الغروب.

من أي لُغة استطيع استدعاءَ مشاعري، ومن أي نبض يُمكنُ أن انتزع مدامعي، فلا زالَ صوتهُ يترددُ على مسامعي، هذا الذي كانت الريحُ تُنافس خُطاه، فلا تسبقهُ وهو يُقرئ السلامَ ويهبُ الوئامَ وينشرُ البهجةَ من عبقِ أريجهِ وإخضرارِ رُباه، فلله كيف مزجَ الحُب في سجاياه، وكيف وضع التسامحُ بين حناياه، وكيف إذ رحلَ سكنتنا دروبَ عطاياه.

البحرُ في صورِ العفيةِ تماهت زُرقته، قاربٌ لم تعُد به قُدرة الإبحار، وشمس يومٍ غابت دون أن ينسلخ منها النهار، تركَ الشاطئ وحيداً لا يعنيه المدُ والجزر، وحلقَ طائرُ نورس في فضاء ِاللا عودة، تاركًا سربًا من حمامٍ يبكي رفقته، ورمل تصلب إذ هجرتهُ خطوته، إلى أين يا عم سالم؟! إلى أين؟! فصه صه يا عمي لما لا تُجيب؟! وكنَّا قريبينِ، فلم اليوم أنتَ عني غريب؟! الروضةُ هُنا يا عم تننظرُ ثِمارك، وتشتاقُ حكاياكَ وأسمارك، بدرُكَ أنا؛ انطفاء فرحي حين غادرت، وسعودك يربتُ على كتفِ سلمى بوقار الصمت، وذاكَ سالم أجهش بكاؤه سارة، فلله دُركَ من رجلٍ دافق أنهاره.

العم سالم فقيدًا تبكيه الأطلال، وترثيه الرجال، سرمديُ الابتسامة، خالدُ العمل الصالح، ولا نُزكي على الله أحدًا، إنما هي أعمالهُ التي توافق أقواله، بهي الطلعة، جميل المُحيا، تأسركَ طيبته، وتطيبُ صحبته، فيه براءة أطفال باذخة، وقلب شاب مُتقد، وحنان أم وعطف أب، صديق الجميع، هزمه "كورونا" فانتصر بالموت الحق، وبدعاء لن يتوقف، فلله الرضوخ إيمانًا بالقضاء وتسليمًا بالقدر، وتلكَ ودائع الرحمن ردها إليه، وإنا إليه راجعون.

تعليق عبر الفيس بوك