على المسؤول أن يضع نفسه مكان المراجع

 

سالم كشوب

sbkashooop@gmail.com

 

من المُؤسف حقًا عندما نسمع أحيانًا عن مُعاناة بعض مراجعي الجهات الخدمية من عملية تأخر إنجاز مُعاملاتهم عن الوقت الزمني الذي من المفترض يتم فيه إجراء تلك المعاملات والتي أحياناً تكون مرتبطة بجهات أخرى من أجل إتمام إحضار مستند أو إثبات معين للاستفادة من خدمة مُعينة، فالمراجع هو خط الدفاع الأول؛ لأنه من يعايش تجربة التعامل مع تلك الجهات ويخصص وقتًا معينًا من جهده وماله لإنجاز بعض المُعاملات المرتبطة بمختلف نواحي حياته الشخصية والتجارية وبالتالي من المفترض أن يجد احترافية في الإنجاز تُعبر عمّا تصرح به تلك الجهات في رؤيتها ورسالتها وأهدافها العامة ويعكس مدى التزامها ومتابعتها الحثيثة لتطوير مختلف الخدمات التي تُقدمها للمراجعين.

من الملاحظات العجيبة أنه أحيانًا نجد بعض الموظفين في الأقسام التي تتعامل مُباشرة مع الجمهور لا يملكون الخبرات والمهارات اللازمة؛ سواء من ناحية إعطاء المعلومة بشكل صحيح أو إظهار التعامل اللائق، وكأنه مجبور أو ليس من ضمن مهام عمله، مما يضع في مخيلة المراجع صورة سلبية عن تلك الجهة، نتيجة سلوك وتعامل موظف. هنا لسنا بصدد التعميم، لكن نتمنى أن يتم اختيار من هو قادر على إظهار مختلف الجهات بالشكل الذي يرغب فيه المراجع، ويعبر عن مدى الحرص على الإنجاز الملموس على أرض الواقع، وإنهاء مسألة إعطاء الصلاحيات لموظف واحد دون غيره من زملائه، مما يضعه في ضغط وازدحام غير مُبرر، وأحيانًا تكون المصيبة أكبر في حال غيابه أو عدم تمكنه من الحضور لظرف ما، وعدم وجود بديل قادر على القيام بدوره على أكمل وجه. المراجع في الأساس لا يعنيه- أو غير مختص- بالظروف الداخلية في مؤسسة، بقدر ما يعنيه الحصول على المعلومة الصحيحة من المرة الأولى، ومعرفة المدة والفترة الزمنية اللازمة لإنجاز مُعاملته، والأهم من ذلك ملامسته للرغبة والتصميم على تقديم الخدمة بالشكل الذي يتنماه أي فرد يكون في خطته مُخطط زمني مُعين لإتمام ما خطط له.

النقطة الأخرى التي للأسف ما زالت موجودة، وهنا يلام فيها المسؤول الذي لا يتنازل في أحيان عن الخروج من مكتبه العاجي إلا بعد تزايد الملاحظات والشكاوي، وهي عملية الالتزام بالدوام والتوقيت من قبل بعض موظفي تقديم الخدمة، فعندما يتكرر مشهد تواجد المراجع قبل الموظف فهو مُؤشر يبعث على عدم وجود متابعة وتواجد المسؤول لمتابعة موظفيه أو عدم قدرته على السيطرة على المهام والمسؤوليات والأجندة التي من المفترض تحقيقها. هنا لابُد لأيِّ مسؤول أو موظف أن يضع نفسه في مكان المراجع، ونقصد المراجع الذي يُبكِّر في القدوم لجهة ما سواء للاستفسار أو طلب إنجاز خدمة ما، ويكرر من عملية الزيارات بسبب غياب المعلومة الصحيحة من الزيارة الأولى، أو للأسف احيانًا عدم وجود إجابة واضحة عن تساؤلاته وانتظار وصول المعلومة أو إعطاء صلاحية معينة من الشخص المعني، الذي قد يكون غير متواجد، ولا يملك سواه تلك الصلاحيات، وما يصاحب ذلك من تضحيات؛ سواء في وقت المراجع وجهده أو المبالغ التي يصرفها لإحضار مستند ما قد يكون غير ضروري أو مرتبطا بجهات أخرى، كان من المفترض إبلاغه للمراجع في المرة الأولى لزيارته، حتى يستطيع توفير كافة المستندات المطلوبة لإنجاز معاملاته أو وجود مستند واضح لمتطلبات إنجاز المعاملة.

وفي ضوء التحول الرقمي نجد للأسف أن هناك الكثير من الجهات لا تزال في سبات عميق عن هذا التحول وهنا نقصد عدم جود تطبيقات سلسة ليس فقط للتسجيل وإنما للإنجاز فأحيانًا تكون هناك بعض التطبيقات الإلكترونية فقط للتسجيل ويضطر طالب الخدمة بعد محاولات عدة للاستفسار إلكترونيا عن وضع معاملته أن يقوم بزيارة أقرب فرع للجهة صاحبة الخدمة والمؤسف حقًا عندما يكون الرد الطلب لا يزال في الإجراء ولا يوجد هناك توقيت أو رد متى سيتم إنهاء المعاملة بدلاً من وجود خاصية الرد الإلكتروني الذي يظهر احترافية وتواصلا فعالا مع الزبون، مما يعود بنا إلى نقطة البداية واعتماد المراجعة العادية التقليدية في ظل تكرار بعض تلك الجهات أهمية الاعتماد على تطبيقاتها الإلكترونية وهي بالأساس غير محفزة ومشجعة ويصاحبها الكثير من الأعطال وبطء الإنجاز.

ختامًا المراجع شريك حقيقي وفعَّال لإنجاح خطط واستراتيجيات أي جهة ومن الأهمية بمكان إظهار الاهتمام من قبل مختلف الجهات على أرض الواقع الحرص على تقديم مختلف الخدمات بكل سلاسة مما يحقق للجميع النتائج التي يسعون لها من تقليل الازدحام لدى بعض الجهات أو تسهيل الإجراءات ووضوحها لدى طالب الخدمة مما يحفز ويشجع على تكاملية الأدوار وتحقيق مختلف الأهداف وعلى أيِّ شخص سواء كان مراجعاً أو موظفاً أو مسؤولاً أن يكون هدفه التعامل الاحترافي والرغبة في الإنجاز وتوفير الوقت والجهد فالكل مسؤول ومُساهم في هذا الدور.

"اكسب قلوب الآخرين بطيب الكلام وجميل الاهتمام وصدق الالتزام وحسن المعاملة " أفلاطون.