تعقيب على مقال "أقمار ثلاثة تظهر في سمائنا"

سعيدة البرعمية

بداية شكرًا للأستاذ خالد الشنفري، على محاولته تسليط الضوء على مواهب جديدة في الساحة الأدبية، أُثمن له هذا ولكن كي تتضح الأمور وجب التعقيب.

تناول الأستاذ خالد الشنفري موضوع الإضاءة النقدية التي تفضل بكتابتها، المكرّم الأستاذ حاتم الطائي بعنوان "تاءات نسائية جديدة تتمرد إبداعيًا لتُعيد إلى حياتنا الأمل" والتي مضى عليها ما يُقارب شهرين، وحسب ما أشار إليه أنه ليس بصدد الإضافة عليها، وبعد قراءتي للمقال وجدتُ أنّ المقال تناول حقائق لا تقبل التأويل أو التخمين، خاصة من كاتب كبير وأستاذ يعلم جيدًا ما هي "الملكية الفكرية" التي لا تقبل الشراكة، فوجب إزالة الغموض العالق حول تجربتي وتجربة زميلتي الكاتبة الطليعة الشحرية (حالوت أليخاندرو) مع الكتابة الأدبية، وأقول أنا والطليعة؛ لأن زميلتنا الكاتبة وداد الإسطنبولي لم يكن ظهورها الأدبي متزامناً مع ظهورنا؛ فهي كاتبة معروفة في الساحة قبلنا، وسبقتنا بسنوات، وهي مثابرة ومجتهدة ومكافحة إلى حد كبير، لم نصل نحن إليه.

أودُّ التوضيح أنَّ جميع تلك الأسماء التي تم ذكرها في المقال ليس لهم أيّ فضل في ظهوري أنا والكاتبة الطليعة الشحرية، باستثناء الكاتبة عائشة السريحية. ليس هناك أيّ شراكة أدبية تقتسمها تلك الأسماء مع السريحية في ظهورنا، ولا في تأسيس منصة "نون النسوة".

الموضوعات التي تناولها الأستاذ خالد في مقاله:

-العنوان

-ثلاث فقرات أوردها الأستاذ خالد من إضاءة الأستاذ حاتم النقدية، لكلّ واحدة منّا فقرة.

-طرح سؤال: لماذا وبعد خمسين عامًا من نهضتنا المباركة، ورفع شعار "سنعلم أبناءنا ولو تحت ظلّ شجرة" تظهر هذه الأقلام الثلاثة منذ شهور قليلة فقط، ومن صلالة بالذات، رقعة واحدة من عُمان، ويأتي ظهورهن دفعة واحدة؟

-لا شيء يأتي من فراغ وهناك من صقل الموهبة؛ فلا طالب دون مدرسة.

-التطرق للحديث عن جيل السبعينات ومُعاناته مع تعليمه وموهبته.

-حقيقة التاءات الثلاث وتجربتهن مع الكتابة والنشر ومعاناتهن في ذلك.

-ذكر أسماء أدبية موجودة في الساحة الأدبية بظفار بين عُمانيين وغير عُمانيين.

-المقال الذي كتبه عن مجلس "إشراقات ثقافية".

-الدعوة لدعم المواهب.

تناول الأستاذ خالد موضوعه بوصف جميل جدًا، وهو أننا أقمار ثلاثة، ولكن قد تتعدد الأقلام وكل الأمور في الحياة، ويظل القمر واحدًا لا يقبل القسمة على ثلاثة، إن كان هناك شخص يجب أن يُوصف بالقمر في سماء الأدب بظفار- والنسوي تحديدًا- فهي الأستاذة عائشة السريحية، التي تقتص من وقتها وجهدها، وتقدّم ورش عمل مجانية للمبتدئات زكاةً لعملها، إيمانًا منها بأنَّ في ظفار من تمتلك الموهبة، ولها كتابات قديمة وجديدة أسيرة الأرفف وأدراج المكاتب، اللاتي لا يجهلن موهبتهن، وإنما لا يعرفن طريق الوصول بها للقراء. الطريق الذي تُحيط به الأشواك المعنوية والأشواك المادية على حدّ سواء، فهي لم تكتف في ورشها بأساسيات الكتابة؛ وإنما استقطبت لها أيضًا ورشة أخرى مجانية قدمها في "اللغة والنحو" أستاذي العزيز الدكتور سعيد بيت مبارك. تلا ذلك أيضًا ورشة مجانية أخرى للأستاذ نعيم فتح في الكتابة المسرحية. ثم ورشة كتابة الشعر مع الشاعرتين عائشة الفزارية وخديجة المفرجية. لم تتوقف السريحية عند هذا الحدّ وإنما تلا ذلك أيضًا السعي لنشر نصوصنا في جريدة عُمان؛ الأمر الذي جعلنا بعد النشر في جريدة عُمان نثق بأقلامنا، ونسعى بأنفسنا لننشر ما نكتب؛ فكان التعامل مع جريدة الرؤية التي ما زلنا نكتب لها، والتي خصّنا رئيس تحريرها بإضاءة نقدية نعتبرها سابقة لأوانها.

تابعت المُبدعة السريحية عطاءها، فأسست "منصة نون النسوة" كأول منصة أدبية نسائية، لها فريق إداري وفريق إعلامي وفريق للتدقيق والمُراجعة، وتضم المنصة مجموعة من الأقلام المميزة من بينهن: رهف العولقية التي فازت بمسابقة أفضل نص في جامعة التقنية بصلالة، ولها مشاركات على مستوى السلطنة. كذلك الكاتبتان تقوى الجرّاح والكاتبة أشواق المعشني، اللتين لهما تجارب مع النشر، وهن مُقلاّت في النشر نوعاً ما، بحكم دراستهن، والكثير المبدعات اللاتي ينتظرن الفرصة المناسبة  للنشر، والورش مستمرة، وهناك ورشة مجانية تقام حاليًا في أساسيات الكتابة مع الكاتبة عائشة ومنضمات أخريات.

الفقرات الثلاث التي تناولها الأستاذ خالد في مقاله والتي سبق أن وردت في إضاءة الأستاذ حاتم، لا أدري حقيقة ما الذي أتى بها إلى مقاله، بما أنه أوضح في البداية أنه ليس بصدد تلك الإضاءة ولا الإضافة عليها.

السؤال الذي تفضل بطرحه الأستاذ خالد الشنفري مشكورًا، سأجيب عنه، كي أوضح ذلك اللّبس في الموضوع، الذي سبق وأشرتُ إليه في بداية حديثي، وهو أنَّ الكاتبة وداد الإسطنبولي سبقتنا في الكتابة بسنوات، ولم يكن ظهورها مقرونًا بظهورنا ولا أعلم لماذا البعض يظن هذا، أمّا أنا والكاتبة الطليعة الشحرية (حالوت أليخاندرو) فخرجنا من ورشة الكاتبة عائشة السريحية.

ظهرنا في هذا الوقت بالذات ومنذ شهور قليلة، لم تتجاوز بعد الستة أشهر، بسبب تلك الورشة التي تخللتها ورش أدبية متنوعة في اللغة والمسرح والشعر، جميعها مجانية، وهذا لم يأتِ إلا بعد جهد وتضحيات وزكاة علم من قِبل مُقدميها، ومثابرة منّا أيضًا.

كما تفضل الأستاذ خالد بمقولة رائعة وهي أنه "لا شيء يأتي من فراغ"، نعم؛ وأنا أتفق معه، فهناك من يعمل بصمت ويدعم المواهب ويُحقق الأحلام، فالتحية هنا للكاتبة عائشة، التي نحن من مخرجات ورشتها، والتحية أيضًا لكل من الدكتورسعيد بيت مبارك والأستاذ نعيم فتح، والشاعرتين عائشة الفزارية وخديجة المفرجية، هذه الأسماء التي كان يُفترض أن يتضمنها المقال.

هذه- وبكل موضوعية- حقيقة التاءات الثلاثة وتجربتهن مع الكتابة والنشر، لم تكن لي ولا للطليعة مُعاناة في هذا المجال؛ لأنّ هناك من احتوى أقلامنا، لكن وداد كانت موجودة قبلنا تكافح وتثابر وتشدّ الهمة، أُحيّ فيها عزيمتها وجميل سعيها.

التطرق للحديث عن جيل السبعينات، لن أخوض فيه بحكم أنها حقائق معروفة لدى الجميع.

أمّا عن الأسماء الموجودة في الساحة الأدبية بظفار، التي ورد ذكرها في المقال، بين عُماني وغير عُماني ووصفهم الأستاذ خالد بأنهم الأساتذة الذين كان لهم الفضل في إظهار مواهبنا واكتشاف قدراتنا، ولا أدري لماذا جزم بأنها "حقيقة ظهور التاءات الثلاث معا" على أيديهم  علماً بأننا- أنا والطليعة- لم يسبق لنا التعرف إليهم ولا الالتحاق بورشهم أو مجلسهم الأدبي، ربما هذا ما يُخمنه، كون زميلتا الكاتبة وداد الإسطنبولي قد التحقت بورشهم مُسبقًا، ولكن هذا لا يفرض التعميم دون التأكد من صحة المعلومات ونشرها.

هناك أيضًا غيرهم من يدعم ويتبنّى المواهب، بتقديم الورش والدعم، ويعمل بصمت ولا يجب أن يُهضم حقهم، فقد جادوا لنا بعلمهم وكتب طبعوها على حسابهم الخاص، دون كلل أو ملل، ودون المنّ أو السعي للشهرة.

النقطتان الأخيرتان، وهما الحديث عن المقال الذي تفضّل الأستاذ خالد بكتابته عن مجلس إشراقات والنقطة الأخرى التي تدعو لدعم المواهب، حقيقة لا أعلم سبب التطرّق لهذا الجانب، وعلاقته بما نحن فيه من تجربة بسيطة ما زلنا على أولى عتباتها، أمّا الدعوة لدعم المواهب، فهذا موضوع في غاية الأهمية وأتفق معه.

وختامًا.. بارك الله جميعكم سعيكم، وجعلكم مصابيح يُهتدى بها.

تعليق عبر الفيس بوك