كيف تقضي على البطالة؟ (3)

 

يوسف عوض العازمي

alzmi1969@

 

"إن الأشخاص الذين يعتقدون أن كل شيء ممكن هم القادرون على الاكتشاف والإبداع" ريك برينكمان.

 

عندما نتحدَّث ونبحث عن حلول لأزمة البطالة، نجد أننا نحتاج التفكير في كيفية جذب استثمارات نافعة بما يتناسب والطموح، أمام عدة خيارات ومباحث استثمارية ذات قيمة مضافة وتحقق تنمية مُستدامة، وتقدم فرصاً جاذبة للاستثمار؛ سواء المحلي للقطاعين العام والخاص، أو حتى الشركات الدولية الكبرى المتخصصة (الشركات العالمية الضخمة مُتعددة الجنسيات)، كالاستثمار في الصناعات البترولية أو البتروكيماويات والصناعات التحويلية وغيرها، ويبدو لكل متابع أن كثيراً من الدول تتسابق لجذب رؤوس الأموال الأجنبية لعمل تكامل وقيمة نوعية إضافية للاقتصاد.

ما سبق هي استثمارات عالية الكلفة مالياً (بإمكان الشركات نفسها أن تمول مشاريعها بطرق معينة تشارك الدولة المستفيدة ببعض التسهيلات وفق نظم متفق عليها)، وتحتاج قرارات سيادية لجذبها من خلال تقديم تسهيلات مناسبة لكافة الأطراف بما لا يخل بالأنظمة واللوائح، وإن اقتضت المصلحة العامة يتم إدخال تعديلات عليها لا تمس المبدأ العام للبلد والقوانين؛ لأنَّ مثل هذه المشاريع الضخمة تضخ بها استثمارات ضخمة، وتحتاج الكثير من الأيدي العاملة متخصصة وغير المتخصصة، وهنا أودُ أن أتحفظ على مُسمى "العمالة الهامشية"؛ لأنه منطقيا وعمليا لا يوجد شيء اسمه عمالة هامشية إلا في ذهن الإداري العاجز، لأنَّ الإداري المبدع يجد لكل عامل العمل المناسب، وإلا كيف يتم التمييز بين الناجح والفاشل في الإدارة؟.

أيضاً هناك استثمارات مُهمة، كالاستثمار في مجال الأمن الغذائي على سبيل المثال لا الحصر، وهنا علينا أولاً أن نسأل كم شركة تعمل في المجالات التالية في البلاد:

 الألبان ومُشتقاتها والخدمات المساندة- الدواجن والخدمات المساندة-  اللحوم والخدمات المساندة-  المخبوزات والخدمات المساندة-  الزراعة والخدمات المساندة-  الثروات البحرية (الأسماك) والخدمات المساندة.

مما سلف هل سبق أن أُجريت إحصائيات ودراسات حول الكفاءة والقدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي، والقدرة التنافسية وتحمل ظروف الضغط العالي، وتوفير فرص عمل مناسبة للعنصر الوطني.

مما سبق التطرق إليه له عدة فوائد للاقتصاد بعدة أوجه وللأمن الاجتماعي، أيضاً يقدم مشاريع تدعم الاكتفاء الذاتي للبلاد في أحد أهم القضايا وهي الأمن الغذائي، وتفتح فرص عمل للأفراد، وتعطي قيمة مضافة للاقتصاد، وتعتبر هذه الكيانات كيانات اقتصاد حقيقي تعمل أدواته على الأرض ويحرك السيولة داخل البلد من خلال تدفقات نقدية تتداول بين أكثر من مُستفيد  سواء شخصيات فردية أم اعتبارية، وتحرك مشاريع النقل والتغليف وتسويق المنتجات المحلية وكذلك يعمل أكثر من سوق؛ كأسواق الصيانة والمواد الخام للصناعات، وأيضاً يستفيد المواطن العادي من انخفاض أسعار متوقع بسبب أن الصناعة المحلية لن تكون تكلفتها كتكلفة الصناعات المستوردة كتوقع منطقي وليس على الإطلاق، والأهم مما سبق أنه يضمن للبلاد اكتفاء ذاتيا من سلع غذائية استراتيجية.

يقول المفكر مالك بن نبي إنَّ القيمة الأولى في نجاح أي مشروع اقتصادي هي الإنسان، ليس الاقتصاد إنشاء بنك وتشييد مصنع؛ بل هو قبل ذلك تشييد إنسان وتعبئة الطاقات الاجتماعية في مشروع تحركه إرادة حضارية؛ إذ إنَّ أي استثمار أو مشاريع لايستفيد منها الإنسان كفرصة عمل أو فرصة لتحسين الدخل أوحتى تطوير الذات هي فرص مهدرة وضائعة، إنَّ الدولة الناجحة تضع نصب عينيها الإنسان؛ لأنه المحرك الأساسي لكل مشروع تنموي وحضاري.