مدرين المكتومية
تتسارع الخطى وتتكاتف الجهود يومًا تلو الآخر لمُواجهة عدو البشرية الأوَّل الآن؛ فيروس كورونا، وقد كثفت اللجنة العُليا المُكلفة ببحث آلية التَّعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا بجانب وزارة الصَّحة، الجهود الرامية لاحتواء العدوى، ووقف انتشارها بشتى الطرق، وكان آخرها وصول كميات كبيرة من اللقاحات المُضادة لهذا الوباء، في إطار الحملة الوطنية للتحصين من هذا المرض.
الجهود الوطنية المُخلصة تحظى بمتابعة واهتمام كبير وواضح من لدن حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه-، ولذا لم يعد أمام المجتمع من بُدٍ سوى الالتزام والتقيد التام بالتعليمات الصادرة من الجهات المعنية لأخذ الإجراءات الاحترازية، فضلاً عن الإسراع في الحصول على اللقاح، لاسيما وأن وزارة الصحة كشفت عن الخطة التنفيذية للتحصين خلال شهري يونيو الجاري ويوليو المقبل؛ حيث تعكف الوزارة على تطعيم أكبر عدد ممكن من الأشخاص.
لكن يجب أن ينتبه كل فرد يعيش على تراب هذا الوطن العزيز، أنَّ المعركة لم تنتهِ بعد، بل ما زال من الواجب اتخاذ كل سبل الحيطة والحذر، فليس معنى وصول كميات كبيرة من اللقاحات أو فتح الأنشطة الاقتصادية، أننا عدنا إلى الحياة الطبيعية، لا وألف لا!! إنَّ الواجب علينا المزيد من الحذر، خاصة في ظل ظهور سلالات جديدة من المرض أشد عدوى وأسرع انتشارا. علينا أن نعلم جيدًا أنَّ الحياة الطبيعية لن تعود قبل تطعيم 70% على الأقل من المجتمع، لكي نصل إلى المناعة المجتمعية، ومع ذلك لا يُمكن الحزم بأنها ستعود بنسبة 100%.
الأدوار المخلصة التي تبذلها الجهات المعنية على اختلاف مواقعها، تؤكد أنَّ مؤسسات الدولة تسعى جاهدة لتحقيق التوازن بين متطلبات المجتمع الصحية، وبين الوضع الاقتصادي الذي تعاني منه السلطنة وكل دول العالم بلا استثناء؛ الأمر الذي يدفعنا إلى قراءة المشهد بصورة أكثر وضوحًا، ولذا فإنَّ فتح الأنشطة الاقتصادية وإبداء المرونة في مسألة الإغلاقات، لا يجب أن يُقابل بتهاون من بعض أفراد المجتمع، أو عدم الاكتراث من قبل البعض. لقد أمضينا في هذه المحنة ما يزيد عن عام ونصف العام، تحملنا الكثير والتزمت الأغلبية بالإجراءات الاحترازية، كما فقدنا الكثيرين وأصيبت أعداد كبيرة بالمرض، لذا لا يجب أن نُهدر كل ما سبق من جهود وتضحيات.
وهنا أوجه رسالة مُهمة لكل من حصل على اللقاح، ألا يتراجع عن التزامه بالإجراءات الاحترازية، بدعوى أنه حصل على التطعيم، فاللقاح- كما يُؤكد الأطباء- لا يمنع الإصابة، بل يخفف من حدتها، ويُساعد على تقليص عدد الحالات المصابة في المستشفيات.
أيضاً علينا جميعاً أن نواصل توخي الحذر والحيطة، لأنَّ السلالات المتحورة من الفيروس أسرع انتشاراً وأشد قدرة على العدوى، ولنا في المتحور الهندي العبرة والمثل!
إنها دعوة لكافة أطياف المجتمع- بعد أن أصبحت الكرة الآن في ملعبهم- للإسراع بأخذ اللقاح، وخاصة الفئات المُستهدفة خلال شهر يونيو الجاري، وأن يواصلوا الحفاظ على الإجراءات الاحترازية، فالخطر قائم وقد يزداد؛ لأنَّ الجائحة لن تنتهي وتزول بمجرد الحصول على اللقاح، وإنما تكاتفنا والعمل على الحد من انتشار الوباء، هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة الطاحنة.
ونأمل أن تجد الدعوات التي تحث على أخذ اللقاح، الصدى المُناسب من كافة فئات المجتمع، حيث ما زال- للأسف- البعض يعزفون عن تلقي اللقاح، فهناك محافظات- مثل ظفار- تشهد إقبالاً ضعيفاً على التطعيم، دون سبب واضح، على الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها وزارة الصحة للتأكيد على مأمونية اللقاحات المستخدمة في السلطنة. ولا شك أنَّ أهلنا في ظفار تضرروا أشد الضرر من الجائحة، خاصة في موسم الخريف، ولذلك يجب على الشباب الواعي والفرق التطوعية أن تعمل على توعية المجتمع في ظفار بالفوائد الكبيرة لتلقي اللقاح، وأيضاً تبصيرهم بمخاطر عدم الحصول عليه.
اللقاح بداية الطريق نحو حياة بلا كورونا، وأول الغيث قطرة، وقد قرأنا جميعاً أن المملكة المتحدة وبعد أن نجحت في تطعيم أعداد كبيرة من المجتمع البريطاني، تمكنت من تسجيل صفر وفيات خلال شهر مايو، وها هي الآن تسجل بين 5 أو 6 وفيات فقط في اليوم، بعدما كانت تسجل أعدادا كبيرة وصلت لأكثر من 1500 وفاة في يوم واحد، وهو رقم كبير مقارنة بحجم المملكة المتحدة. وكذلك الحال في الولايات المتحدة، حيث تراجعت وفيات كورونا إلى نحو 300 وفاة يومياً هبوطاً من 4000 وفاة في يوم واحد، وهذا إنجاز كبير.
وختامًا.. أرجو من كل مواطن ومقيم على أرض عُماننا الحبيبة، ألا يتهاونوا في اتخاذ الإجراءات الاحترازية حتى ولو حصلوا على جرعتي اللقاح، فالوضع ما زال صعباً للغاية، وقد ندخل مرة أخرى منطقة الخطر، ونعود للإغلاق الشامل على مدار اليوم، ولذا لا سبيل سوى بتكاتف الجهود وأن نساعد مؤسسات الدولة على تفادي سيناريوهات نحن في غنى عنها، ولننظر إلى دول أخرى وماذا حلَّ بها، ولا يجب أن نسمح أيضاً بترويج الشائعات وأن نكون عونًا لبعضنا البعض حتى نتخطى المحنة.