الإحلال في شركات النفط والغاز

 

د. خالد بن علي الخوالدي

khalid1330@hotmail.com

 

تتسابق الخطى لمُستقبل أبناء هذا الوطن الغالي، وتعمل المُؤسسات المعنية بالتوظيف كخلية نحل تنتقل من مكان لآخر لإيجاد فرص عمل للشباب، وهذه المُهمة الوطنية علينا جميعاً أن نتكاتف لنجاحها بشكل مُستمر وليس لظرف معين ووقت محدود، وعُمان ولله الحمد بيئة خصبة والوظائف بها متوفرة فقط تحتاج إلى إدارة صادقة وتنفيذ أمين والاستماع إلى الشارع وإلى الإعلام التقليدي والجديد، فربما فكرة ومقترح بسببها ننتقل من الندرة في الوظائف إلى الوفرة فيها، وهنا أقترح التركيز في الإحلال على شركات النَّفط والغاز.

فمن خلال جلسة بسيطة مع أيِّ موظف في شركات النفط والغاز تستمع إلى أرقام فلكية في عدد الموظفين الوافدين في هذه الشركات والشركات المُتعاقدة معها، وإلى أرقام مذهلة في رواتب هذه العمالة، وتحدثك نفسك لماذا هذه الأرقام في وطن به من الشباب العباقرة والملهمين والأذكياء والمُجدِّين والباحثين عن أمل ووظيفة يستروا بها حالهم ويعملوا من خلالها على بناء مستقبلهم ومستقبل عُمان قاطبة؟ وفي سؤال يمكن أن يسأله أي سائل: ماذا يملك الوافد أكثر من العُماني حتى تكون له السيادة في هذه الشركات؟ وأرجو ألا تكون الإجابة مثل ما كان يُشاع بأنَّ العماني "ما مال شغل"!! وأنه لا يحب أن يتطور ويتعلَّم. إنها كذبة تمَّ الترويج لها من قبل البعض وصدّقها الغافلون، لكنها لا تنطلي على من له عقل وفكر، فالعُماني مُبدع ورائع ومُحب للعمل ولوطنه، فقط امنحه الثقة واعمل على تحفيزه ورفعة شأنه ولا تُهِنه في وطنه من خلال تحكم المدير الأجنبي فيه، أو من خلال منحه رواتب مختلفة عن العبقري صاحب الاختراعات الذرية الذي يأتي ليتعلم الحسانة معنا.

على الجهات المُختصة بالتوظيف أن تنظر إلى هذا القطاع نظرة مُختلفة فهو القطاع الذي يمنح رواتب عالية وميزات مختلفة عن كل القطاعات وبه عددٌ من الوافدين يزيد عن 3 أضعاف العُمانيين الموجودين في هذه الشركات، وهنا لا بُد للحكومة أن تكون لها كلمة وموقف قوي مع هذه الشركات، فمن كان يروج عن العماني أنَّه كسول وغير مُهتم ولا يحب العمل تُكذّبه شركة تنمية نفط عُمان (PDO) التي اهتمت بالعماني ووجدت فيه الإنسان المبدع والمحب لوطنه ومهنته فعلمته ودربته وأهلته لدرجة أن كل الشركات تبحث عنه وتُقدم له كل الإغراءات بالرواتب العالية، كما إن له مكانة في مجتمعه بحكم ثقافته وتعليمه الراقي. أما الشركات الأخرى التي جعلت الوافد هو المسؤول والآمر والناهي، فقد صوّر لنا أن العماني غير منتج و"دلوع"، ولم يُدرك أنَّ العماني المحب لوطنه وسلطانه اشتغل في جميع الأعمال والوظائف وتمسك ببصيص الأمل رغم الرواتب الهزيلة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

على المؤسسات المعنية أن لا تكتفي بالتوظيف وإنما عليها بالمراقبة ومتابعة الموظفين العمانيين بهذه الشركات؛ فهذه الشركات تعمل في أهم قطاع حيوي وهو قطاع وطني بامتياز وللعماني الإمساك بكل زمام العمل به، وعلى المؤسسات المعنية إلزام هذه الشركات بمنح العماني الراتب الذي يليق والوظيفة التي يعمل بها، فمن غير المعقول أن الوافد في نفس الشركة يتسلم راتبًا بالآلاف إلى جانب السكن والتذاكر و"راحة 5 نجوم"، بينما العماني ابن الوطن يتسلم من هذه الشركة الفتات، ويُواجه بالتنكيل من المسؤول الوافد، علمًا بأنَّ الشهادة قد تكون ذاتها وقد يكون العماني أعلى منه في الشهادة العلمية!!

فقط امنحوا العُماني الفرصة والثقة ولن يخيب ظنكم، فكِّروا بمنطقية بأن قطاع النفط والغاز هو المستقبل لأبناء عمان، وبأن هذا القطاع به من التَّحيز للوافد الشيء الكثير.. اعملوا على النزول للواقع واستمعوا للشباب العامل في هذا القطاع، وستسمعون ما تشيب له رؤوسكم، فضلاً عن دهشتكم من حجم التفريق بين المواطن والوافد الذي تُفتح له الأبواب. فقط عليكم بالاستماع لهم وأعدكم بأنكم ستغيرون وجهة نظركم عن أحقية هذه الوظائف ولمن يُفترض أن تؤول. لا تستمعوا إلى الأعذار الواهية التي سيقولها المسؤولون في هذه الشركات من قبيل إن العماني غير مُدرَّب وغير مُهيأ.

إنَّ هذه الشركات تملك عقودًا مع شركة تنمية نفط عُمان، وعليه لابُد للحكومة أن تفرض شروطها في هذه العقود، وأهمها أن العمل حق للعُماني، إلا إذا لم يتوافر من الشباب العماني من هو أهلٌ لهذه الوظيفة.. ركزوا على توظيف الشباب في هذا القطاع وستجدون أثر ذلك، في كل مناحي الحياة؛ الاجتماعية والاقتصادية وغيرها.. ودمتم ودامت عُمان بخير.