تأجيل القرارات الحكومية

 

فايزة الكلبانية

faizaalkalbani1@gmail.com

لابُد وأن يكون توحيد الصفوف والكلمة حكومةً وشعباً وقطاعاً خاصاً ورواد أعمال أولويتنا اليوم في مواجهة كورونا في ظل عدم توفر اللقاح بالكمية المطلوبة، إلى جانب ما يُصاحب ذلك من إجراءات احترازية وحظر وإغلاقات وغيرها، فالأزمة الطاحنة التي يمر بها الاقتصاد اليوم عالمية وليست محلية فحسب.

جميعنا يؤكد أننا كمواطنين الفئة المتضررة بالدرجة الأولى من جراء تنفيذ هذه القرارات سواء كنَّا موظفين أو أصحاب أعمال، ليس بالضرورة أننا نُعارض هذه القرارات، لكننا نطالب المسؤولين والجهات المختصة القائمة على كل هذه الخطط والاستراتيجيات بأن تختار الوقت المُناسب لفرض هذه الإجراءات.

مطلبنا نابع من استمرار تبعات وتأثيرات كورونا على حياة النَّاس، وتكدس المسرحين والباحثين عن عمل، إلى جانب إفلاس بعض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتراجع أرباح وإنتاجية الشركات بمختلف درجاتها، إلى جانب تراجع المشاريع الاستثمارية، ورفض البنوك لتقديم القروض الميسرة إلا بشروط وأولويات، كل هذه الأسباب لن تجعل من فرض هذه القوانين والمغالاة في المعيشة عمَّا كانت عليه تتجه نحو الانتعاش، وتحقيق الأهداف المرجوة؛ لأن المحرك الرئيسي للاقتصاد والقوة الشرائية في أي بلد يعتمد على المواطن، وفي مثل هذه الظروف فإنَّ وضع المواطنين يتجه نحو المؤشرات السلبية، وتتراجع القوة الشرائية نظراً؛ لمضاعفة الباحثين عن عمل، وتزايد المسرحين مما سيخلق فئة تتجه نحو مُؤشرات الفقر والعوز والحاجة، وتبقى عالة على الجمعيات الخيرية وفاعلي الخير، وهذا ونحن نعيش في كنف دولة نفطية تهدف للتحول من مستوى الحياة الريعية إلى الإنتاجية ولكن باستخدام قرارات وظروف ليست في توقيتها الصحيح.

اليوم ينبغي أن يأخذ المسؤولون في الحسبان الوضع العام للبلد وما يتكبده المواطنون من مُعاناة لتحقيق العيش الكريم، وتكون الأولوية لديهم إنقاذ المواطن وليس الاقتصاد فقط، ولابُد من العمل على تأجيل ما تبقى من قرارات قد تقصم ظهور البعض من المواطنين الصامدين العاقدين الآمال على غدٍ  ومستقبل مُشرق لعُمان وأهلها. فلتتوحد الصفوف والكلمة بين جميع الجهات والأطراف والمواطنين، ولترأفوا بما تبقى لديهم حتى لا نقضي على الأزمة بظهور أزمات أكثر خطورة  وأضرارا.

فالتطورات الحاصلة على الساحة المحلية تُشير إلى أن المواطن لم يعد قادراً على تحمل مزيدٍ من الضغوط، نعم نحن ندعم الدولة ومؤسساتها للخروج من عنق الزجاجة، لكن في الوقت نفسه لا ينبغي أن يكون المواطن دائماً هو من يتحمل أعباء ما يحدث. أقول ذلك وأنا أرى أن بعض- إن لم يكن الكثير- من أصحاب الثروات المليونية يسعون للتخارج من أعمال ومشاريع، فقط لأنَّ أرباحهم تراجعت، ولم تعد تحقق لهم ما كانوا يحققونه بنسب مرتفعة تصل لضعف الرقم!!

حقيقة أعجبتني فكرة رائدة في عدد من الدول، وهي فتح المجال أمام الأثرياء وحتى المواطنين العاديين، لكي يساهموا في تمويل ميزانية الدولة، أو على الأقل في صندوق مخصص لتنمية الوطن، ومساعدة المحتاجين.. قد يقول قائل: "بسنا صناديق" ويكفي ما أعلن عن تأسيسه من صناديق، لكن الواقع يُؤكد أنَّ الخير ما زال فينا، فلله الحمد استطعنا كعُمانيين أن نجمع 100 ألف ريال لصالح أشقائنا في فلسطين في أقل من 72 ساعة، وعبر التبرعات الإلكترونية وحدها! فما بالنا لو فتحنا الباب أم التبرعات العينية من مأكل ومشرب وملبس؟! أسأل الله أن يرفع عن الأشقاء في فلسطين ما يرزحون تحته من عدوان إسرائيلي غاشم.

أعود لقضيتنا، وهي تخصيص صندوق تشرف عليه جهة مُحايدة، يكون هدفها إدارة أموال الصندوق، واستثمارها بما يُحقق الأرباح التي تُسهم في تحقيق أهدافه، على أن يتبرع كل مواطن مقتدر بريال واحد على الأقل كل يوم، ومن لم يستطع فكل أسبوع، ومن لم يستطع فكل شهر، من المؤكد أننا سنكون قادرين على جمع 3 ملايين ريال على الأقل شهرياً، يعني 36 مليون ريال سنويًا، ولو شارك أصحاب الثروات والأغنياء في هكذا صندوق ربما نستطيع جمع 100 مليون ريال سنوياً، وهو رقم جيد إذا ما وظفناه لخدمة الفئات الضعيفة ومحدودي الدخل، وأيضاً متوسطي الدخل الذين باتوا يعانون الأمرين، فلا هم قادرون على الادخار كما كان يحدث سابقاً، ولا هم قادرون على تقليص نفقاتهم التي عادة ما تذهب إلى أمور حياتية أصيلة، وليس على جوانب تتعلق بالرفاهية وخلافه.

إنَّ المطلوب الآن من حكومتنا الرشيدة، أن تكون أكثر رأفة بالمواطن، وما يُعانيه في ظل ضعف الرواتب والاستقطاعات، بجانب ارتفاع فواتير الكهرباء والمياه والوقود، وأيضاً ضريبة القيمة المضافة، فضلاً عن غلاء الأسعار بشكل عام، لا سيما وأنَّ المراقبين الاقتصاديين يتوقعون زيادة التضخم خلال المرحلة المقبلة، ما يعني مزيدًا من الضغوط على المواطن.. فهل نربح الرهان ونرى الحكومة وقد قررت تأجيل عدد من القرارات التي أجزمُ أنها لن تؤثر على خطط التوازن المالي ولن تضر بمسيرة الرؤية المستقبلية "عُمان 2040"، فالمواطن يستحق هذا.