لماذا الحنينُ إلى الماضي؟!

وليد بن سيف الزيدي

يمكن أن يكون الماضي هو تلك المرحلة الزمنية التي مضت من عمر الإنسان، سواء أكان في الزمن البعيد أو القريب، حيث عاش كل فرد مواقفا عديدة من تلك المرحلة مع أقاربه وأصدقائه وزملائه وفي أماكن عديدة، كالبيت والمدرسة والمسجد والملعب والحارة ومكان العمل.

فلماذا الحنينُ إلى الماضي؟!

هل بساطة الحياة وبراءة الأفراد في المرحلة التي مضت هي السبب؟ أم قلة التواصل اليوم بين أفراد تلك المرحلة نتيجة ظروف الحياة هي سبب آخر؟ أم جائحة كورونا وما ترتب عليها من أسباب التباعد بين الناس هي سبب ثالث؟

هل الحنين إلى الماضي يكون بشكل مُطلق أم في مواقف وأشخاص معينين؟ ولماذا تلك المواقف والأشخاص؟ وهل يشعر بها الجميع أم هي مقتصرة على أشخاص دون غيرهم؟  وهل تتفاوت درجة الحنين إلى الماضي من شخص إلى آخر؟ وما أسباب ذلك التفاوت؟ هل الحنين إلى الماضي هو من الفطرة التي خلق عليها الإنسان؟

هل هناك علاقة بين الواقع الذي يعيشه الفرد اليوم وبين الحنين إلى ماضيه؟ وما طبيعة تلك العلاقة؟ وهل الحنين إلى الماضي ظاهرة عاطفية أم فكرية أم يجمع بين الجانبين؟ وهل له فترة زمنية شعورية محددة كأن يكون يوم أو يومين أو أقل أو أكثر من ذلك؟ وهل له مرحلة عمرية محددة من مراحل حياة الإنسان؟ وما هي هذه المرحلة؟ ولماذا هذه المرحلة دون غيرها؟

هل يمكن الحكم على ظاهرة الحنين إلى الماضي بأنها إيجابية أو سلبية من خلال شعور الفرد والتعبير عنها وملاحظة آثارها؟ وهل هذا الشعور والآثار كافية للحكم على الظاهرة أم نحتاج إلى مقياس آخر؟

ألا يدفعك الحنين إلى الماضي زيارة المكان أو الشخص الذي تُنشد لقاءه؟ ألا يدفعك الحنين إلى الماضي إلى الاعتذار إلى من أساءت إليهم بالقول أو الفعل في تلك المرحلة التي مضت؟ أليس زيارة المكان واللقاء مع أفراد تلك المرحلة سيقلل من ذلك الشعور والتفكير فيه؟ إذا كان الأمر كذلك فلماذا إذن لا تقوم بذلك؟

لماذا لا تُجرى دراسات حول هذه الظاهرة التي تُشغل فكر ومشاعر صاحبها بين فترة وأخرى، من خلال عمل مقابلات مع بعض الأفراد حول هذه التساؤلات أو غيرها؛ حتى يتم الخروج بنتائج تساعد على فهم هذه الظاهرة بشكل جيد ودقيق؟ هل سبق وأجريت دراسة على هذه الظاهرة؟

هل الكتابة حول ظاهرة الحنين إلى الماضي ذو قيمة وخصوصًا في هذه الأيام، حيث أصبح البعض من الناس يعيش في ظل الآثار الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية التي خلَّفتها الجائحة؟ أم أنَّ هذا الموضوع القصد منه أن يدفعنا إلى التفكير بظواهر سلوكية غير سوية تظهر من بعض الأفراد التي نراها ونلمسها كل يوم في جوانب الحياة الاجتماعية والعملية ويكون لها أثر سلبي على الإنتاجية وعلى سير ما خطط له في تحقيق الأهداف؟

ألا يمكن الاستفادة من هذه التساؤلات التي طرحت حول ظاهرة الحنين إلى الماضي في عمل دراسة نوعية حول ظاهرة سلوكية أكثر أهمية؟ وفي حالة تم الاستفادة من هذه التساؤلات في دراسة ظاهرة سلوكية معينة داخل الوطن العزيز أو خارجه ألن يكن لنا دور في المساهمة في الوصول إلى نتائج وحلول تُساعد على فهم هذه الظاهرة التي تم دراستها من خلال هذه التساؤلات؟ ألم يكن العديد من الدراسات التي أجريت في مختلف دول العالم ومنها الدراسات الحالية حول جائحة كورونا مبنية في بداية الأمر على تساؤلات ثم تطورت إلى تطبيق ومن ثم خرجت بنتائج وحلول تمثلت في الوصول إلى اللقاحات المضادة للفيروس؟

إذن أليس من الجيد أن يتم دراسة العديد من الظواهر السلوكية غير السوية سواء كانت ذات طابع نفسي أو فكري والتي يعيشها الفرد خلال مراحل حياته المختلفة؛ حتى تتوفر لدينا قاعدة من البيانات تساعد على فهم مثل تلك الظواهر من حيث الأسباب والآثار والحلول والمقترحات؟

لماذا لا تُؤسس مراكز بحوث ودراسات في مختلف محافظات الوطن العزيز عُمان تعنى بدراسة مثل هذه الظواهر السلوكية وغيرها وبما يتفق مع رؤية عُمان 2040، والتي سيكون لها نتائج إيجابية في فهم أصحاب هذه الظواهر مما سيساعد على الوقوف على أسبابها وإيجاد الحلول لها فينعكس ذلك لصالح الفرد والمجتمع والمؤسسة التي ينتمي إليها؟

أليس من الجيد أن يكون لعُمان دور في المساهمة في البحث العلمي العالمي من خلال هذه الدراسات الأصيلة ذات القيمة العالية في المساهمة في حل العديد من المشاكل التي يُعاني منها الأفراد في مختلف دول العالم؟ ألسنا بذلك نكون قد عملنا في إطار المواطنة العالمية التي تهتم بها أيضًا رؤية "عُمان 2040".

تعليق عبر الفيس بوك