د.خالد بن علي الخوالدي
Khalid1330@hotmail.com
العالم أصبح قرية صغيرة كما يعرف الجميع، وهذه القرية تنهال عليها الملايين من المعلومات والبيانات بشكل متسارع وكثيف، والبيانات المطروحة متضاربة، وبعض الأحيان متناقضة وبها الكثير من الشكوك والافتراء والقليل من الصدق والحقيقة، وبين هذا وذاك يظل المتتبع والمتابع في حيرة من أمره خاصة مع انتشار الإشاعات والتزوير والرعونة في الطرح، وقد ظهر بما لا يدع مجالاً لمزيد من التفكير ضرورة وجود المُتحدث الرسمي لكل قطاع على حدة أو متحدث رسمي باسم الحكومة ككل.
وكثيرة هي الأحداث التي أحدثت ربكة كبيرة وصمتاً رهيباً من المؤسسات المعنية ولعل آخرها حادثة دخول عدد من الطائرات القادمة من جمهورية الهند الصديقة والتي أعلنت اللجنة العليا في قراراتها الأخيرة منع دخول مواطنيها، أو من دخل إليها من السلطنة، وحدث جدال شديد ومحتدم في وسائل التواصل الاجتماعي حول دخول هذه الطائرات لأجواء السلطنة، وفسرها بعضهم على أنها ترانزيت ووصفها البعض بأنها رحلات مجدولة ويمكن دخولها قبل سريان تنفيذ قرار اللجنة العليا في السادسة مساءً. وظهرت أقوال وترددت شائعات كثيرة وتخوف من قبل الناس من انتقال الفيروس الهندي المتحور إلى السلطنة، ومع هذه الضجة الواسعة كان يجب ظهور مُتحدث رسمي يزيل هذه الضبابية ويوضح الموقف بصدق وشفافية حتى تهدأ النفوس وتقل الأحاديث والتأويلات.
وأذكر قبل أكثر من سبع سنوات ومع ظهور البرنامج الإذاعي (هذا الصباح)، والذي أخذ شهرة واسعة وصيتا متناميا بين المتابعين، والبرنامج كان يتطلب الربط بين المواطن والجهة المعنية بالمطالبة أو الشكوى، وحينها تمت مخاطبة المؤسسات الحكومية لتأهيل متحدث رسمي عنها، وتم عقد دورة تأهيلية وحضرت شخصياً هذه الدورة بعد إن تم ترشيحي كمتحدث رسمي عن بلدية صحار، ولكن هذه التجربة لم تستمر حيث توقف البرنامج وتوقفت معه فكرة المتحدث الرسمي لكل مؤسسة.
وأرى من وجهة نظري أن وجود المتحدث الرسمي أصبح ضرورة ملحة ومهمة خاصة في ظل جائحة كورونا وغيرها من الأحداث المهمة والحساسة التي تتطلب سرعة التوضيح، ففي ظل هذه الجائحة مثلاً غير معقول ولا منطقي ظهور وزير الصحة أو أحد أعضاء اللجنة العليا في كل مناسبة وعند أي حدث عرضي، وفي نفس الوقت من غير المقبول ترك الأمر للتكهنات والإشاعات وللمغرضين ومتحيني الفرص للهجوم، والنقد اللاذع لجهود كبيرة بذلت من قبل المؤسسات الحكومية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني.
إن وظيفة المتحدث الرسمي تطورت بشكل كبير جداً، فلم تعد الحكومات هي من تحدد متحدثا رسميا لها فقط بل أن الأمر توسع بشكل ملفت جداً، حيث أصبح للعديد من الأندية واللاعبين والفنانين، وحتى مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي متحدث رسمي، ومن هنا فإن أمر المتحدث الرسمي أصبح واقعا لابد أن نتعايش معه ونطبقه ونستفيد من خدماته، وسوف يسهل هذا الأمر لوسائل الإعلام المحلية والعالمية وحتى مواقع التواصل الاجتماعي وجود بيانات ومعلومات رسمية ومسؤولة، وسيتناغم هذا مع متطلبات الجمهور وحقهم في الحصول على المعلومات.
ويشترط في المتحدث الرسمي الصدق والموضوعية والالتزام الأخلاقي في أطروحاته، كما يشترط أن يكون لبقاً ويملك مواهب تمكنه من التحدث مع وسائل الإعلام والتصرف والحنكة والدبلوماسية خاصة في المواقف الصعبة. كما أنه يجب أن يكون مُطلعا ومثقفا في مختلف الجوانب خاصة فيما يتعلق بعمل مؤسسته، وتوضيح الحقائق بشكل لا يجعل للإشاعات سبيلا ولا للمزات والتكهنات مأوى. وقد حان الوقت الآن لوجود المتحدث الرسمي أكثر من أي وقت مضى، فنحن نواجه سيلاً من المعلومات لا تتوقف وبها الكثير من الأخبار الكاذبة، ومن هنا علينا التصدي لها ولن يكون التصدي سهلاً، بل يحتاج إلى تحرك مؤسسي وعلى مستوى كبير وأحد هذه الجهود الممكنة هو وجود المتحدث الرسمي، ودمتم ودامت عمان بخير.