التطبيل المُعاكس ونظرية المؤامرة

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

جرى عرف أنه من رأى عملاً معيناً قام به مسؤول في أي دولة من دول العالم وامتدحه أحد، اعتُبر ذلك العمل تطبيلاً في بعض المواقف، وعلى أية حال، وكما اقرأ الأمور دوماً أن كل شيء في الحياة نسبي تماماً وليس لأحدٍ فضلٌ على أحد أن يجعل من فكرة الآخرين خاطئة، وأن فكرته حل نموذجي لا تعقيب عليها، ومع ذلك حتى الجوانب النسبية خاضعة للتمحيص والقراءة النقدية؛ لأن بعضها يميل إلى مسايرة توجه العامة غير المدروس في بعض الأحيان، أو حتى لخدمة أجندات وأفكار بطرق غير مباشرة مستغلة ذلك التوجه في ترسيخ تلك الأجندات التي قد لا يرى حقيقتها الجميع إلا بعد فوات الأوان.

لذلك بعض التطبيل- إذا جاز التعبير- هو ذلك الفكر الذي يتبناه بعض من يجد في نفسه الاعتقاد بأنه على الطريق والرؤية الكاملة، وبها يُوحي إلى الكثير من الناس أن السواد الأعظم من وضع بعض الدول في الجانب الخطأ، ولديه من المعرفة لايصال أفكاره بأسلوب مُغلف ومقنع، إما بطريقة علمية ومهنية موجهة لأسباب، أو من خلال توجه ذاتي واعتقاد تردد في ذهنه لفترة طويلة من الزمن حتى أصبح يُشبه الحقيقة، ويعبر عنه بطريقته، غير أنه- ووقوفاً عند هذا الجانب- فإن الاعتقاد لدى البعض أنه ومن خلال بعض التغريدات والمقالات أنه يُصلح من جوانب الخطأ أو أنه حارس للمبادئ في المجتمع، أو أنه يُعبر عن وجهة نظره وحسب، دون حدود لذلك.

ومن المؤكد أنه قد يكسب شعبية كبيرة بذلك، أو أنه سيوضح بعض الأخطاء من منطلق الاعتقاد المعرفي،أولأنه متفرج لا يعلم عن حقائق الأمور شيئاً، ولو كان في مكان التنفيذ لما استطاع القيام بشيء. وقد يكون ذلك ليس أكثر من فُقاعات تطيرُ مع الهواء عند التعمق في حقيقتها، وكذلك من منطلق نظرية المؤامرة التي يرى فئةٌ من الناس- من خلالها- أن الكثير ممن حولهم مخطئون، وأنه لمجرد الإصلاح لجوانب معينة سوف يكون العالم بخير!

فمثلاً لو افترضنا أن مغرداً يتحدث كثيراً عن عدم وصول اللقاح في بعض الدول، غير أنه وإذا استُدعي لأخذ اللقاح فإنه لن يتجاوب مع ذلك، في حين أنه قد يكون يشن حرباً هوجاءً في هذا الاتجاه. مثل هذه الجوانب قد يستهين بها البعض، غير أنَّ ذلك قد يكون ضاراً وبقوة؛ بل إنه قد يكون مفصلياً في التعاطي مع رؤية الأوطان وتماسكها وبقائها، ومن تلك الأوطان هو نفسه وأُسرته وأملاكه، ولذلك فإن هذا النوع من التطبيل يسبب في الكثير من الدول فقاعات كبيرة وكثيرة تكون نتائجها كارثية، دون أن يعلم، ولك أن تقرأ التاريخ على مستوى الدول ونتائج ذلك على أرض الواقع.

أما اكتشاف بعض النتائج فقد يكون بعد فوات الأوان، وقد يتمنى لو أن الزمن يعود ليكون حديثه وتوجهه مختلفًا، ذلك أن أي دولة على وجه الأرض لم تكسب عن طريق الحديث السلبي خيراً، وعلى جميع المستويات وبكل الأرقام التى تهم كل من ينتمون إلى ذلك القطر.

إن ما يُميز أي توجه في أي نوع من النقد تحديداً، هو ذلك النقد الذي يبحث عن الأفضلية، وعن حلول، وعن طرح أفكار جديدة بناءة منها وبها، تُساعد على الوصول إلى حياةٍ كريمة أفضل، ولذلك أُوجدت مبادئ لحرية الرأي وحرية التعبير والمساحة المناسبة لذلك، لجني ما هو أفضل، ولكسب عقول الجميع في أي وطن، وعدم استبعاد أي فكر؛ بل الاستفادة من الجميع وتشجيعهم، فهل لنا وبكل مسؤولية ومعرفة وحساب المصالح الفردية والوطنية العليا أن نتعرف ونعرف من هو "المُطبِّل الحقيقي"؟!