تجارة فحوصات كورونا

 

د. خالد بن علي الخوالدي

khalid1330@hotmail.com

 

تتسارع خطى الدول إلى حماية مواطنيها والمقيمين على أراضيها من تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19)، وهو ما تبذله حكومة السلطنة من خلال العديد من الجهود والإجراءات والتوجيهات والتوعية المستمرة، ومع هذه الجهود الكبيرة تظل هناك نقاط مهمة تغفل عنها الجهات المعنية ولا تُعيرها أهمية بالغة، وترسم علامات استفهام جلية للمتابعين في الشارع العُماني، ومن أهم هذه النقاط أسعار فحص فيروس كورونا.

وبدأت السلطنة بشكل صحيح من خلال إجراء المزيد من الفحوصات اليومية عبر المؤسسات الصحية الحكومية إلى جانب جهود المؤسسات الصحية الخاصة، ثم توقفت وزارة الصحة عن إجراء الفحوصات الخاصة بكورونا، وأوكلت المهمة إلى المستشفيات والمجمعات الطبية الخاصة، وهنا ظهرت المشكلة الحقيقية التي ساعدت على انتشار الفيروس بشكل كبير بين المواطنين والمقيمين بسبب ارتفاع أسعار الفحوصات التي تجاوزت حدود المعقول والممكن. فقد شهدتُ على وجود طالب ربما في نهاية مرحلة الدبلوم العام يطلب فحص كورونا لمخالطته لشخص مصاب فطلب منه 20 ريالا للفحص وبالقرب منه عاملة منزل ترغب في السفر طلب منها 25 ريالا، إذا لم يكن مستعجلا و29 ريالا إذا كان الأمر مستعجلا، وتفاجأت فيما بعد بأن الأسعار تصل إلى 50 ريالا في مؤسسات صحية أخرى، بينما الفحوصات في دول أخرى تجرى بالمجان من قبل حكومات تلك الدول وبأعداد كبيرة يوميا حفاظا على سلامة المواطن والمقيم، وفي المؤسسات الخاصة تصل الأسعار في عدد منها إلى 6 ريالات وإلى 13 ريالا في الحالات المستعجلة.

هذا يقودنا إلى أن هناك من يتربح ويحصد الأموال الطائلة من جراء هذه الفحوصات وأن الأمر خرج من الجانب الإنساني وتقدير الوضع الذي تمر به البلد بسبب الجائحة إلى الربح التجاري الكبير، ولهذا لا نستغرب عندما نرى انتشار الفيروس بشكل كبير في المجتمع، وأن الأعداد في تزايد مستمر، فمن غير المعقول أن عاملاً وافداً راتبه قليل سيذهب للفحص إذا شك في إنه مصاب بالفيروس، وكذلك الحال بالنسبة للمواطن الذي خالط مصابين وذهب لعائلته وخالطهم، فلو افترضنا عدد الأسرة عشرة أشخاص فالسعر سيكون 200 ريال، وهو مبلغ ليس عادي وسهل، يمكن تدبيره في مثل هذه الظروف، وهذا يعنى أنهم لن يجروا فحوصات وسيخالطوا غيرهم ظنا بأنهم غير مصابين، خاصة إذا ما علمنا أن بعض الناس حاملون للفيروس وقد لا تظهر عليهم أية أعراض.

إن الوضع الصحي الذي نحن فيه كان يتطلب وجود مبادرات صادقة وحقيقية من المؤسسات الصحية الخاصة، ووقفة وطنية مخلصة في ظل هذه الجائحة التي قضت على أرواح بريئة ولا زالت تحصد أرواحا أخرى بشكل يومي، والإصابات يوميا بشكل كبير حتى ضجت بهم المستشفيات. كما كان يفترض من الجهات المختصة في الحكومة فرض رقابة مُحكمة وصارمة على المؤسسات الصحية الخاصة المبالغة في الأسعار والمستغلة للوضع استغلالا تجاريا، وعلى الحكومة العودة لإجراء الفحوصات لمن يرغب وسوف تكتشف حالات كثيرة مصابة يمكن التعامل معها من خلال الحجر المنزلي المراقب، أو تقنين الأسعار لمؤسسات القطاع الخاص بحيث لا يتجاوز الفحص 5 ريالات للجميع.

إن المواطن ينتظر اللقاحات المضمونة والمجربة دولياً حتى يعود لممارسة حياته بشكل طبيعي، كما حدث في العديد من الدول التي طعمت سكانها بأعداد كبيرة، وطالما أن هذه اللقاحات سوف تتأخر لعدة أشهر، كما أُعلن عن ذلك. فعلى الجميع التكاتف والتعاون لجعل عمليات الفحص سهلة وبسيطة وغير مكلفة؛ حتى يستطيع المخالط والشاك وغيرهم إجراء الفحوصات والابتعاد عن الوسواس والحالات النفسية التي بدأت تنتشر بسبب فيروس كورونا، حفظ الله الجميع من كل شر ومرض.. ودمتم ودامت عمان بخير.