تأجيل تطبيق الضريبة.. مطلب إنساني

د. حمد بن سعيد بن سليمان الرحبي

Oman99433@gmail.com

بدايةً نودُّ توضيح المقصود بضريبة القيمة المضافة: هي ضريبة غير مباشرة، ونوع من أنواع ضريبة الاستهلاك، وتعدُّ من الضرائب الأكثر شيوعاً حول العالم؛ إذ تطبَّق في أكثر من 150 دولة، وتُفرض على معظم السلع والخدمات التي يتمُّ شراؤها وبيعها إلا ما تستثنيه الحكومة. ويكون المستهلك النهائي هو من يتحمل تكلفة هذه الضريبة، كما أن أغلب دول العالم تطبق ضريبة القيمة المضافة بنسب متفاوتة تقع بين 2% إلى 27%، وفي بعض الأحيان أكثر من ذلك، وهذا ما يفرضه واقع الاقتصاد العالمي، وتعتبر السلطنة جزءًا من هذا العالم الذي تتأثر به.

ولا شكَّ أنَّ الحكومة الرشيدة بذلتْ جهوداً كبيرة في مجال تنمية الاقتصاد الوطني، ورفع قدرته المالية في جوانب شتى؛ وذلك ترجمةً لرؤية "عُمان 2040" وخطة التوازن المالي (2020-2024) وخطة التحفيز الاقتصادي 2021، وكل ذلك لهو مؤشر على تصحيح مسار الاقتصاد وترشيد الانفاق وبناء اقتصاد قائم على تنوع المصادر وبناء مصادر دخل جديدة بدلا عن الاعتماد الكلي على مصدر وحيد وهو النفط.

كما أنَّ الحكومة بدأت سلسلة من الإجراءات الاقتصادية؛ من بينها: رفع الدعم عن مشتقات النفط والمحروقات وكذلك رفع تسعيرة الكهرباء والماء خلال هذا العام، والتي سترفد بلا شك الميزانية العامة للدولة.

وتمرُّ السلطنة بأزمات اقتصادية بداية من انخفاض أسعار النفط خلال السنوات الأخيرة، وارتفاع الدين العام للدولة؛ حيث وصل إلى مستويات قياسية بلغت أكثر من 17 مليار ريال عماني، وكذلك انخفاض التصنيف الائتماني الذي أثر سلبا على جذب الاستثمارات الأجنبية للسلطنة، ناهيك عن أزمة جائحة كورونا التي أرهقت اقتصادات دول العالم بما فيها السلطنة.

ومن بين الحلول المتوفرة لدعم الاقتصاد: تطبيق فرض ضريبة القيمة المضافة التي ستدخل حيز النفاذ منتصف شهر أبريل، لكن ونتيجة للظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد -والتي سنتناولها خلال هذا المقال- تحتَّم إعادة النظر في توقيت فرض هذه الضريبة.

وقد استثنتْ الحكومة بعض الخدمات والسلع من تطبيق الضريبة عليها؛ من بينها: السلع الغذائية الرئيسية وإعفاء بعض التوريدات كخدمات (التعليم والرعاية الصحية والخدمات المالية). ولكن سيؤثر تطبيق ضريبة القيمة المضافة في نهاية المطاف على معظم الأعمال التجارية التي تورد السلع أو تقدم الخدمات سواء كان ذلك مباشرا أو غير مباشر.

وتعاني السلطنة حاليا من تداعيات أزمة جائحة كورونا وما تبعها من سلسلة إجراءات احترازية وفترات حظر الحركة والتنقل...وغيرها، وما زلنا في خضم المعركة مع هذا الفيروس، ولا يخفى على أحد تداعيات ذلك على قدرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الصمود والاستمرار والتأثير السلبي على تباطؤ النشاط الاقتصادي وعلى قدرة المواطن ذي الدخل المحدود، كما أنَّه لا بد من الإشارة إلى أنَّ هناك العديد من المسرَّحين من أعمالهم، والباحثين عن عمل، والذين يبلغ عددهم أكثر 60 ألف شخص.

وعليه؛ فإنَّ تطبيق فرض ضريبة القيمة المضافة في هذا التوقيت الحرج ستكون له آثار مباشرة وغير مباشرة على القدرة المالية والشرائية لهذه الفئات.

إنَّنا نعي جميعا أهمية مساهمة الضرائب في إيرادات خزينة الدولة؛ ولكن الوقت الحالي يعتبر حرجا جداً لشرائح متنوعة في المجتمع لتطبيق ضريبة القيمة المضافة كما أسلفنا على أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمواطن ذي الدخل المحدود والمسرحين والباحثين عن الأعمال، وكذلك بعض المهن الحرة مثل المزارعين والصيادين وغيرهم، كل ذلك يحتِّم أهمية تأجيل تطبيق ضريبة القيمة المضافة لحين تعافي الاقتصاد الوطني من جائحة كورونا، أو تطبيقها مع ضريبة الدخل التي تعتزم الحكومة تطبيقها مع بداية العام 2022.

تعليق عبر الفيس بوك