إنعاش السياحة المحلية من الموت السريري‎

أنيسة الهوتية

السياحة تُثري إن كانت منتعشة، أما في حالة الركود فهي تعتبر ميتة سريريًّا! تتنفس رئتها، وينبض قلبها، ودماغها حَي إلا أنهُ حَيٌ مَيت! وَكُنتُ قد كتبت في حسابي بالإنستجرام أن قانون الحَجر المؤسسي الإلزامي للقادمين إلى السلطنة لمدة أسبوع أنعش قِطاع السياحة الفُندقية الذي كان قد تلقَّى الضربة القاضية مع الجائحة أكثر من غيره، وأفادته قبل أن تُفيد قضية تفشي الفيروس!

ولأنَّ الغالبية العظمى من القادمين من الخارج غيرُ مُصابين، ونتيجة فحص "كوفيد 19" تُثبت ذلك، والتي لولاها لما تمكنوا من الصعود إلى الطائرة التي أقَلتهم إلى مسقط! وإن كانت الخشية الأساسية من تفشي الفيروس لما كان مسموحاً باستقبال القادمين من قبل سيارات تاكسي المطار العادية، أو أهالي المسافر القادم ثم أخذهم له إلى الفندق للحجر!! فهذا التصرُّف بحد ذاته غير منطقي! ولو كان الأمر من أجل الوقاية وحسب من انتشار الفيروس، لكان يجب إجبار الفنادق التي تُقَدِم خدمة الحجر المؤسسي بتوفير وسيلة نقل -ممتثلة لقوانين الوقاية- مِن المطار إلى الفُندق، كما تمَّ إجبارهم على توفير ثلاث وجبات مُتكاملة وقطعتين للغسيل! بأسعار أقل من أسعارهم الواقعية حتى ينتعشوا تِجاريًّا. والدليل أن أغلب الفنادق تشترط للحجز رؤية نتيجة فحص "كوفيد 19" التي لم تُكمل 72 ساعة.

ولو استمرَّ هذا المقترح العبقري كقانون إلزامي بخطة إستراتيجية سياحية ذكية وطويلة المدى، لكانت السياحة المحلية ستفوز في سباق الماراثون السياحي وليس فقط أن تتنفس وتستيقظ من سريرها!

لكن يجب وضع أمر بسيط جِدًّا ومُهَمش لبساطته في عين الاعتبار؛ فهو غاية في الأهمية وَيُعد مِن أساسيات الخُطط الإستراتيجية لإنعاش السياحة المحلية في أي دولة؛ وهي: "أسعار خاصة للمواطنين":

في النقل الجوي، والبري، والبحري وغيره؛ فأقل قيمة متوسطة لتذكرة سياحية إلى ومن صلالة 92 ريالا، وخصب 86 ريالا، والدقم 73 ريالا، وتلك أسعار غير مشجعة للحركة السياحية المحلية للمواطنين! ومثله مثل أسعار تذاكر المواصلات العامة، وغيرها.. فبيع 10 آلاف تذكرة في الشهر بفائدة 20% أفضل من بيع 500 تذكرة بفائدة 80%، وبذلك أكون قد ضربت عدة عصافير بحجر واحد وأولها سمعة المؤسسة التِجارية العاملة في المجال، واستمرار حركة الترويج والمبيعات بتوازن. وعلى قولة شيابنا: "مُوتر شال ثنين زيد عليه أربع، ترا الدرب واحد".

أيضًا يجب توفير أسعار خاصة للمواطنين في الإقامات الفندقية والمنتجعات في كل المواسم؛ فالحلُّ الوحيد للجذب هي الأسعار الخاصة مع مميزات جانبية؛ مثل: تخفيضات في الوجبات وبقية الخدمات لمقيمي الفندق خلال المواسم. وكان من الممكن أن يستفيد القطاع الفندقي أكثر من فائدته الحالية في الحجر المؤسسي الإجباري بتوفير نفس الأسعار للمواطنين باستمرار! فإنَّ أعداد المواطنين الذين سيحجزون على هذه العروض أكثر بعشرات المرات من أعداد المسافرين القادمين إلى السلطنة.

وكذلك تقديم أسعار خاصة في المطاعم والمقاهي التجارية، وهي جُزءٌ لا يتجزأ من السياحة الوطنية.

وبعد الأسعار الخاصة، أستطيع القول إنَّ تخفيض قيمة الوقود سيساعد أيضاً في تنشيط السياحة المحلية، لأن صرفية التنقل بين المناطق والولايات ستكون أقل؛ وبالتالي سيتم استهلاك السيارات أكثر، وتشغيل الكراجات والمغاسل بطاقة مُضافة، وستدور عجلة مبيعات السيارات وقطع الغيار بسرعة أكبر مع سرعة استهلاك السيارات.

وهذا وأكثر لإنعاش السياحة المحلية في الوقت الحالي مع أزمة الجائحة، أما لكل الأوقات فإنَّ السياحة لدينا تحتاج إلى جِهازِ إنعاشٍ طبي مع أطباء متمرسين لتنشيط السياحة الطبية، وكذلك إلى أطباء تجميل لإضافة بعض الرتوش التجميلية، ومُدرب لياقة بدنية يعلمها الاحتراف الرياضي والتنافس في البطولات تنشيطاً للسياحة الرياضية، ومعلم تاريخ يدرسها السياحة التاريخية والتراثية، وغيرهم الكثير للسياحة الثقافية، والإعلامية، ومهرجانات الطعام، والتسوق، والاستمتاع بتفاصيلِ عُمان الممتلئة جَمالاً.