لماذا يرفض البعض التغيير؟!

 

وليد بن سيف الزيدي

wssdy82@gmail.com

 

لنفترض أنَّ هناك مدرّسا مُتميزا في أدائه مع طلابه، ولكن حصل له ظرف ما لم يُمكنه من إكمال المُقرر الدراسي معهم. فجاء مدرّس آخر ليُكمل المشوار بدلاً منه، فلمَّا دخل على الطلاب وكانت الحصة الدراسية الأولى بينهما قال لهم: إنَّ مدرسكم السابق قد غادر الدنيا ولن يتمكن من إكمال بقية المقرر الدراسي معكم، وأنا سأكمل دوره بإذن الله وسوف اعتمد على نفس الأساسيات التدريسية التي كان يعتمد عليها مدرّسكم السابق (رحمه الله) من أساليب وطرق ووسائل وتقنيات وأنشطة وفعاليات، ولكني سوف أغيّر في نوع الأسلوب والطريقة والوسيلة وفي نوع الأدوات والأجهزة والبرامج أثناء عرض المادة العلمية، وكذلك سأغيّر في أدواركم ومواقعكم.

فانزعج بعض الطلاب! فلماذا هذا الانزعاج؟ هل كانوا على خطأ في انزعاجهم هذا؟

ألم يكن من الجيد التريث والانتظار قبل إصدار الحكم؟ ألم يكن من الجيد عدم التسرع في إصدار الحكم قبل الخوض في التجربة وظهور النتائج؟ ما المشكلة في التغيير في نوع الطريقة والأسلوب والفكرة والأداة؟ وما المشكلة في تغيير الأفراد وأدوارهم ومواقعهم وإن كانوا متميزين؟ هل إحلال فرد آخر محل الفرد السابق يعني دائمًا أنَّ الأخير لم يكن كفؤا؟

أليس تغيّر الزمان والمكان والأحوال يفرض علينا أيضًا التغيير في ما حولنا وبما يتناسب مع الوضع الجديد، مع ضرورة الارتكاز على المبادئ والأسس الأصيلة التي رسمها السابقون؟

 أليس الحديث مع الذات يُعطي فرصة جيدة للمراجعة قبل إصدار الأحكام حول الأفراد أو الأفكار أو المواضيع، كأن تقول مثلًا: ربما هذا التغيير فرضته الظروف الحالية، وقد يكون فيه خير كثير، وربما يحتاج إلى فترة من الزمن حتى نرى نتائجه، وأن الأصل في المؤمن إحسان الظن في أخيه ما لم يظهر عكس ذلك؟

أليس الهدف من التغيير عادة يكون في الاتجاه الأفضل؟ أليس التغيير يخلق فرصاً وأفكاراً ومواقف أخرى تساعد أصحاب القرار على رسم السياسات الأكثر نفعًا للوطن والمواطن وفي جوانب مختلفة؛ نتيجة أخذ الدروس من هذه التغيرات بعد المقارنة بينها.

إذن لماذا هذا الانزعاج من قِبل البعض عندما يحصل التغيير في الأفراد أو الأفكار أو المواقف أو المواقع أو الأدوار؟ أليس من الجيِّد تعميم هذه الفكرة في جوانب عديدة من حياة الفرد الشخصية والعامة؟

تعليق عبر الفيس بوك