من هي الحكومة؟!

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

لا يُمكن لأي شيء أن يقف حاجزاً بين الإنسان وما يتمنى وكذلك ليس من حق البشر فيما بينهم أن يكونوا عوامل تحدد المعنى والأفق المفتوح لطموح بني جلدتهم، ولكن المعنى نفسه يوضح أيضاً مدى حاجة الإنسان للإنسان وذلك للتكامل وبناء حياة طبيعية ترقى برقي وسلوك أهلها وبما أن الأمر بهذا المنطق والوضوح فإننا جميعاً معنيون بتقديم وإنجاز أعمالنا بالشكل الصحيح لأنه سيعود إلينا كدائرة سيمرها الجميع حتماً وإن اعتقاد الكثير منا أنه دوماً الطرف الذي لا يخطئ وأن الجميع يجب أن يقدموا خدمة أفضل بل أن يعدلوا من سلوك وطبيعة عملهم من حيث الأمانة وحسن التدبير وإيجاد الحلول لكل المعاضل التي تستجد، وبمعنى عام أمنية لحياة أفضل فمن هنا كبرت كلمة الحكومة وترسخ معناها في أنفس الكثيرين أن الحكومة تقترب كثيراً من الفانوس السحري وأن بها بشر غير البشر الذين نعرف ويمكنهم عمل كل شيء وإعطاء كل شيء غير أنهم ممتنعون فقط، بل إننا ننتظر منهم تحقيق الأماني المطلقة ولكن لبرهة من الزمن التمس جهد فكركم المقدّر أن تشاركوني بعض هذه التساؤلات، فلو أنك خُيرت للعمل في القطاع الخاص أو الحكومي وحسب المُعطيات الحالية فإني أعتقد أنك ستختار الثاني ولو أنَّ دراسة ومقارنة عامة لمعرفة النسبة والتناسب بين العاملين في القطاعين لوجد أن موظفي الحكومة هم العدد الأكبر، فهل لنا أن نشترك في الإجابة على السؤال الأساسي من هي الحكومة التي نُعلق عليها جميعاً الأمل بالأفضل، أعتقد أنَّ الحكومة هي أنا وأنت وكل ما يرى من حولنا من تأخير أو تعقيد أو حتى قصور في أي شيء، يجب ألا نخرج بفكرنا للبحث عن المتسبب من الغير دوماً أما من ناحيةٍ أخرى، وفيما بين فروق النسبة والتناسب وجسامة وحجم الأخطاء بين الوزير وأصغر موظف فهو تحت نفس المسمى بفارق النسبة ليس أكثر ولذلك أيضاً كان الفارق والتباين بين الشعوب على مر الأزمان والناجح منها من يُؤمن بالقيمة للفرد من خلال الجمع ولذلك ومن خلال هذا التوضيح أضع بعض النقاط والتمس الاستفادة منها ..أولاً، أنت كموظف فإنك تشارك في تعميم صفة ومستوى وسمعة الموظفين وإنك تقدم الخدمة للجميع ومنهم الأخ والصديق والجار، لذلك استمتع بتقديم عملك وكأنه لك شخصياً وأن لك قيمة اعتبارية مؤثرة. الأمر الآخر مثلاً أنك تطلب من الطبيب علاجاً طيّبا ودواءً نافعاً في حين أن ملفاً خاصّا به أو لأحد ممرضيه في مكتبك من أشهر لم تنجزه، فكيف يمكن قبول المعادلة، الأمر الأهم هو أن تعلم يقيناً أنَّ الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.

الأمر الآخر والذي لم يعطه الكثيرون حقه من المعرفة أنك معيّن لخدمة الوطن والمواطن وليس للتسميات والمناصب والمفاخرة وإن عملك الأول تذليل المصاعب والبحث عن الحلول حتى بالتنسيق مع دوائر أو وزارات أخرى وأن ما يسمى بملف الإنتاج اليومي هو الإيجابي منه وليس العكس وكذلك عليك وفي نهاية اليوم أن تفتخر بما قدمت من خدمة، والخدمة هي خارج المألوف والعمل الاعتيادي، لأن العمل الاعتيادي يمكن أن يقوم به الجميع.

أما وجهة نظري للدرجات الأعلى من مديري عموم وأعلى فإني أقول لهم إنك وعندما تعين حديثاً ستجد نفسك محاطاً بمجموعة من الموظفين تقادمت بهم الأيام وتعودوا على نهج ليس بالضرورة أن يكون سليماً وكذلك بقوانين ونمط وشكل من أشكال العمل، وستجد نفسك توجه بأسلوب قوي وعاصف إلى اتباع نهج قديم ولديك ساعات أو بالأكثر أيام قليلة، فأما أن تكون لديك وجهة نظر وفكر وأجندة عمل ترسمها وتعرضها بأسلوبٍ ذكيٍ جداً، وإلا فسيعلوا في وجهك الحديث وسيحاولوا أن يلصقوا فيك أسوأ ما يمكن حتى تتبع طريقتهم وأن هنالك صف ثالث وأسماء معينة تدير المؤسسة بطريقتها من زمن بعيد يتعاقب عليها المديرون ونوابهم وهم صامدون يؤثرون في كل شيء وبقوة

فلا تسمح لأيِّ موظف أن يكمل أكثر من عامين أو ثلاثة في منصبٍ واحد فلذلك جوانب سلبية مؤكدة يطول شرحها وأن أي مسؤول بأي مستوى إذا لم يحرص على لقاء موظفيه جميعاً وعلى الأقل في الشهر مرة واحدة في جو مبسط يسهل فيه الحديث والاستفسار وتبادل وجهات النظر على أن يكون شاملاً الجميع  وألا يستهان بما يقدمونه من عملٍ جليل مع الحرص الأكيد على إعطاء كل الموظفين مساحة مناسبة من حرية العمل والثقة والتصرف في كل المواقف والبعد عن اللوم المستمر وأخيراً فإنَّ الحرص القوي على البحث عن الكفاءات التي تخدم الناس يجب أن نعلم جميعاً وبكل وضوح أنها ليست في المدير أو من عمل نائب المدير بل قد تكون في موظف قد أكمل عاماً واحداً في العمل وهو أفضل من غيره كسجيةٍ وطبيعة هوايته خدمة الناس وتذليل الصعاب والإبداع وأخيراً وإذا كان عملك تسيير الأمور واتباع نص القانون وليس روحه ولا جديد تتبناه وتتحمل مسؤليته فإنَّ المنسق أو الحاسب الآلي هو أفضل بديل عنك وعليك الاختيار.

 

إسماعيل بن شهاب بن حمد البلوشي