ترجمة- رجاء اللواتية
نشرت مجلة "علم الأعصاب وعلم الأمراض النفسية" ورقة بحثية أُعدت قبل 100 عام، توقعت مواضيع رئيسية في علم الأعصاب بمفهومه الحديث والمعاصر.
ففي عام 1920 كان علم الأعصاب مختلفا تماما عنه الآن، وفي الواقع لم يكن مصطلح "علم الأعصاب" قائما بعد، ولم تتم صياغته إلا بعد 40 عاما أنذاك. ومع ذلك فلقد وجدت افتتاحية رائعة لمجلة في العام 1920 والتي أظهرت أن بعض الأسئلة الأساسية في علم الأعصاب اليوم كانت متوقعة منذ قرن مضى.
وبحسب الدراسة، يتبنى مؤلف افتتاحيتها تشبيهًا عسكريًا مذهلاً لوصف العلاقة المتعثرة بين علم النفس و"علم وظائف الأعضاء" (ما نسميه اليوم علم الأعصاب)، ويتجلى عدم وجود التنسيق بشكل خاص في الهجوم المشترك على مشكلة السلوك التي يبنيها علم النفس (كما كانت، من الهواء) وعلم وظائف الأعضاء (كما كانت، من الخنادق). يبدو أن المعلومات التي حصل عليها أحدهم قد أسيء تفسيرها من قبل الآخر.
كانت حرب الخنادق، بالطبع، لا تزال حاضرة في أذهان الجميع حينذاك في عام 1920. فبينما يبدو التشبيه من الحرب العالمية الأولى قديمًا اليوم، فإن الهدف من هذا المقطع من الافتتاحية صحيح كما كان دائمًا: لا يزال علم النفس وعلم الأعصاب يتناولان نفس المشكلة ولكن من زوايا مختلفة دون وجود أي تنسيق أو تعاون بين العلمين.
لكن الافتتاحية، تستمر في تقديم وجهة نظر أكثر وضوحًا. ويبحث المؤلف مسألة تحديد وظائف الدماغ، مثلا ماذا يفعل كل جزء من أجزاء الدماغ؟ وبحلول عام 1920، عرف العلماء أن أي ضرر في أجزاء مختلفة من الدماغ سوف يسبب عجزًا مختلفا. فعلى سبيل المثال، كان معروفًا أن تلف الفص القذالي للقشرة الدماغية يسبب عجزًا بصريًا وأن الحواس الأخرى لها مناطق مميزة خاصة بها من القشرة الحسية.
ومع ذلك، يشير محرر الافتتاحية إلى أنه سيكون من الخطأ افتراض أن دليل وجود الضرر هذا يخبرنا "أين يحدث الإحساس في الدماغ". يجب ألا نفترض أن الظاهرة النفسية للإحساس قد تم تحديدها بواسطة اختصاصيون الفسيولوجيا (علم وظائف الأعضاء) فيما يسمى بالمناطق الحسية. كل ما يُدعى هو أن هذه المناطق أو المراكز المختلفة تشكل محطات انتقال للنبضات العصبية المشتقة من فئات معينة من المنبهات/المنشطات "ما تم تحديده من وظائف الدماغ" ما هو إلا مجرد مسار لتوصيل النبضات العصبية التي قد تعزز الإحساس بطريقة أو بأخرى؛ إنها ليست النقطة في الفضاء التي ينبثق عندها الإحساس مدعوما
وفي مجال المصطلحات الحديثة، كان المؤلف يحذر من فكرة أن وظائف الدماغ، وخاصة الأحاسيس الواعية (الكواليا)، يمكن تحديدها حصريًا لمناطق معينة من الدماغ، فقط لأن هذه المناطق انتقائية لتلك الوظائف.
هذا النقاش ظل مستمرا لمدة 100 عام فيما بعد، واليوم يناقش علماء الأعصاب بصورة فعالة ما إذا كان الإدراك الواعي للمنبهات الحسية ينشأ من نشاط عصبي داخل القشرة الحسية، أو إذا كان يتضمن المزيد من نطاق المعالجة العامة في القشرة الأمامية. وهذا النقاش صعب ومعقد لكنه يدور حول نفس القضية التي أثارها كاتب الافتتاحية عام 1920.