ماذا لو؟ (2)

صناديق استثمارية للمحافظات

ناجي بن جمعة البلوشي

تنشط الحركة الاقتصادية في أي دولة من دول العالم عندما يضخ فيها كثيرا من السيولة، هذه السيولة موزعة على أنواع كثيرة من الاستثمارات وبها تزداد بدورها حركة السوق، ما يعني زيادة فرص الأعمال لجميع القطاعات المترتبطة بذلك الاقتصاد وبه يؤدي إلى زيادة فرص التشغيل في تلك الدول .

تعودت حكومات دول المنطقة على ضخ هذه السيولة وحدها منفردة في أسواقها وهذا ليس من باب الصدفة بل لما يعانيه قطاعها الخاص من ضعف وتهميش مع تحكم حكومي في كل قطاعات الأعمال مدعوماً بشفاعة حكومية ودعم لا منتهٍ مما أدى إلى وجود قطاع خاص مستقل يعيش ويحيا على تلك الاستثمارات وإلا فإنه لن يكون موجودًا في السوق إذا ما توافرت تلك الاستثمارات بالسيولة الحكومية، هذه السيولة نفسها تختلف باختلاف حجمها المتناسب مع استثماراتها وبالتالي تختلف الاستثمارات مع مدى ما يضخ من سيولة فعندما يضخ في ميزانية أي دولة خليجية سيولة كبيرة يكون السوق فيها قوياً وتكون فرص الأعمال حاضرة مما يترتب عليه وجود شواغر للتشغيل، أما إذا قلصت تلك الدولة استثماراتها من السيولة فإنَّ العكس يكون موجودًا في السوق فتبدأ الشركات في القطاع الخاص بالانسحاب من السوق والخروج إلى أسواق بها السيولة والاستثمارات متوافرة وبالتالي يبدأ تسريح الموظفين منها.

مثل هذا السوق الكبير هناك أسواق مُصغرة تعمل على نفس هذا النحو من التفاصيل وإن كانت مصغرة لكنها بنفس الآلية فعندما تضخ الحكومة استثماراتها لمشاريع في محافظة من محافظات السلطنة تجد أن هناك انتعاشاً فيها أو في ولاياتها التي اشتملت على تلك الاستثمارات فيكون الانتعاش في حركة السوق المحلي لكل محافظة ومعها يبدأ العاملون لحسابهم والموفرون للخدمات بالتواجد والحضور ليسدوا خدماتهم لتلك الشركات الكبيرة التي أسندت لها كل تلك الأعمال، التوظيف يكون حاضرًا معها كذلك لما تحتاجه تلك الشركات من موظفين لفترة عملها في تلك المنطقة، ولأنَّ السيولة هي العنوان الأمثل لتلك الاستثمارات وهي قاطرة العجلة كلها فإنِّها متربطة بداية بما يضخ من استثمارات فضخ مئات الملايين من الاستثمارات يعني وجود الكثير من الموردين والكثير من العمال مع تأمين المدة الطويلة من العمل لهم، كما إنَّ السيولة الضعيفة يكون معها العكس تمامًا، فضخ سيولة تقدر بمليون ريال عُماني في ولاية ما مؤكد أنه يختلف عن ضخ سيولة مقدارها 100 مليون ريال.

نعلم جميعنا أنه في مناطق الامتياز البترولية نشأ نوع من الشركات يُسمى "شركات المجتمع المحلي"، والتي حصلت على عقود خاصة من شركات البترول العمانية والعالمية دون أي منافسة من شركات القطاع الخاص، وذلك تشجيعاً لتلك الولايات ولأبنائها على خلق فرص عمل، وهو حق من حقوقهم الملتزمة بها الدولة تجاههم.. هذه الفكرة ولدت أفكارًا لدى أبناء ولايات أخرى في السلطنة للقيام بمثل هذه الشركات، لذلك قامت بعض ولايات السلطنة بأفكار استثمارية كانت مناسبة وفعَّالة؛ حيث قامت بإنشاء شركات محلية مقفلة تقوم باستثمارات محلية داخل الولاية. ومع أنه تم توظيف عدد لا بأس به من أبنائها إلا أنها غير واضحة الملامح ككيانات استثمارية حقيقية، وذلك يرجع لأسباب ربما منها قلة رأسمالها، لكنها كفكرة قدمت قدراً مناسباً من السيولة لتلك الولاية.

ولأنَّ الأفكار تتبعها أفكار مطورة لها فإنه في نظري هذا المجال سيكون أوسع وأكثر فعالية إذا توافرت فيه السيولة الأكبر، لذلك ماذا لو؟ كان هناك في كل محافظة من محافظات السلطنة صندوق استثماري خاص بها يكون لمحافظها فيه حق الرئاسة المبدئية ولفترة التأسيس (مبدأ الثقة) هذا الصندوق يشمل كل أبناء المحافظة والولايات التابعة لها مع إمكانية المساهمة من أبناء المحافظات الأخرى.

محافظة مسقط مثلاً بإمكانها أن تجمع ما يقارب 100 مليون ريال عُماني من مساهمات أبنائها جميعهم مع أبناء المحافظات الأخرى، وهكذا ستكون محافظة مسقط نقطة البداية لتلك الصناديق الاستثمارية، التي ستشمل كل محافظات السلطنة؛ فترفع بدورها الاستثمارات في الولايات التابعة لها أو في المحافظات المحتاجة إلى الاستثمارالناجح، فالهدف من ضخ السيولة هو عُمان بكل جغرافيتها وهذا ما يعني نشاط السوق وما يتبعه من حركة قد ذكرناها. حفظ الله عُمان وأبنائها وحفظ جلالة السُّلطان هيثم بن طارق وأطال في عمره.