حمود بن علي الطوقي
في بهو فندق قصر البستان، وعلى أنغام عزف الشباب العُماني المبدع مقطوعة موسيقية للنشيد الخالد "صوت للنهضة نادى"، سمعت صوتًا يُناديني، التفتُ إليه فإذا بعدد من الأصدقاء تربطني بهم علاقة تعارف، ولكن لم نلتقِ منذ زمن، اقتربتُ منهم، سلَّمت عليهم، جلسنا معا نتجادب أطراف الحديث، كان عددهم أربعة؛ أحدهم قال: نتابع مقالاتك ونشكرك على طرحك الجميل، قد نتفق معك في بعض الأطروحات وقد نختلف، ولكن تبقى وجهات نظر. قلت له: هذا صحيح ويبقى الود بيننا، وكما يقال الاختلاف في الرأي لا يفسد الود.
بادرتهم بالسؤال عن أحوالهم، فكان الرد: "الحمد تقاعدنا، ولهذا تجدنا في هذا المكان الجميل، فقد آن الأوان لأن نفسح المجال لجيل جديد يُكمل المشوار". قال لي أحدهم: أنا تقاعدت من جهة عسكرية بعد خدمة طويلة من أجل عمان، والحمد لله على هذه النعمة التي نعيشها في عُمان؛ فالمتغيرات التي طرأت بإحالة الجيل السابق إلى التقاعد ممن أكملوا 30 سنة في الخدمة، سواء في القطاع العسكري أو المدني في رأيي خطوة إيجابية، ولا شك أنها جاءت وفق خطط مدروسة رسمها مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- وأعتقد أنَّ هذه الخطوة ستكون مفيدة لنا كمواطنين عملنا لسنوات في الجهات العسكرية أو الأمنية أو المدنية، وأن نكون متفائلين بالمستقبل المشرق لبلادنا الغالية عُمان، فقد آن الأوان لأبنائنا ليُكملوا المشوار، وعلينا أن نكون سندا لهم، ونغرس فيهم التفاؤل والإيجابية وحب العمل والإخلاص فيه، وأن تكون معنوياتهم مرتفعة وعالية، ويجب علينا أن نقف معهم بتقديم النصح والإرشاد، ونقف معا صفا واحدا لتكملة المسيرة التي زرع ثمارها والدنا الراحل جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- ويُكمل المسيرة والنهضة المتجددة جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه.
هذه النظرة الإيجابية المفعمة بالحيوية والنشاط أثلجت صدري، رغم أن هناك في المقابل من ينظر إلى التقاعد بنظرة تشاؤمية؛ كونه فقد الكثير؛ فما زال قادرا على العطاء وما زال في مُقتبل العمر، هكذا أوضحت وجهة نظري أثناء هذا الحوار الهادف. وتابعت قائلا لهم: صحيح أن قرار التقاعد أمر لا بُد منه، وهو من الضروريات، ولكن في نفس الوقت لا بُد من مراعاة الظروف؛ فليس كل موظف خدم 30 سنة قادرًا على التكيُّف مع الوضع الجديد بعد مرحلة التقاعد؛ فهناك فئة استقبلت التقاعد كصاعقة، وفئة أخرى استقبلت خبر التقاعد بردا وسلامة لأنها كانت قد تهيأت لهذا اليوم.
ازداد النقاش حماسًا؛ كوننا كلنا متقاعدين، وكلنا يهمنا أن ننعم باستقرار بعد مرحلة عمل طويلة اتسمت بالحيوية والعطاء في خدمة عماننا الغالية.
ودَّعتُ أصدقائي أملا في لقاء قريب، وكون مقالي جاء لوصف حالة كأنموذج من شخص (متقاعد)، فأحمل هذا المقترح لجهات الاختصاص، أتمنى دراسته بعناية واهتمام، وهذا المقترح سوف يفيد هذه الشريحة بشكل كبير.
المقترح الذي أنشده في هذا المقال، وأتمنى أنْ يُتبنى من جهات الاختصاص كالآتي:
أقترح على الجهات المختصة والمشرفة على صناديق التقاعد؛ سواء المدنيين أو العسكريين، منح كل المتقاعدين بطاقة تحمل اسم "بطاقة المتقاعد الذهبية"، تحمل هذه البطاقة مميزات متعددة لحاملها؛ حيث يحصل حامل البطاقة على مميزات وخصومات تصل إلى 25% في مختلف منافذ البيع والشراء، ويحصل حامل البطاقة على تخفيضات وخصومات أيضا في مكاتب السفر والسياحة، خاصة أثناء سفره بواسطة الناقل الوطني وتخفيضات في الفنادق والأندية الصحية والمطاعم والمرافق السياحية، وكذلك تخفيضات في المستشفيات والعيادات الخاصة، وأثناء التسوق؛ بحيث يحصل على خصومات خاصة، كذلك يحصل على تخفيض أثناء تدريس أبنائه في المعاهد والمدارس الخاصة وكذلك الجامعات. ويحصل على التخفيض أثناء شرائه للسيارة الجديدة أو حتى المستعملة من وكالات بيع السيارات.
هذه البطاقة "بطاقة المتقاعد الذهببة" ستكون بمثابة رد الجميل لهذا المتقاعد، والذي أسهم لمدة طويل في رفد صندوق التقاعد من راتبه الذي يُستقطع منه طوال فترة عمله؛ سواء في الحكومة أو في القطاع الخاص.
فلنجعل من التقاعد مرحلة انتقالية جميلة بحزمة من المميزات والخدمات، هنا سوف نقول بفخر: "أنا متقاعد إذن أنا موجود".