دستور عُمان الجديد.. البقاء للأصلح

 

حمود بن علي الطوقي

حمل المرسوم السلطاني رقم 6/2021 بإصدار النظام الأساسي للدولة العديد من المُعطيات نحو نهضة عُمانية متجددة، تسعى لمُواكبة المرحلة، وفق تطلعات الرؤية المستقبلية "عمان 2040"، والتي دخلت مرحلة التنفيذ مع مطلع العام الجديد.

المرسوم الجديد لرسم خارطة عُمان الجديدة سيركِّز على مستقبل عمان وأبنائها الأوفياء، واستبشر المواطنون خيرًا بصدور النظام الأساسي للدولة في العهد الزاهر لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- وبقراءة سريعة للمرسوم، فإنَّ جلالة السلطان -حفظه الله- سيتابع باهتمام مجريات تنفيذ الرؤية المستقبلية، ولعلَّ تشكيل لجنة تتبع جلالته مُباشرة لمتابعة إنجازات الوزراء والوكلاء في إطار نظام الحوكمة، سوف يضع هؤلاء المسؤولين تحت المجهر، ومن يُخفق في أداء مهامه الوظيفي سوف يُساءل، فيما سيتم تقييم أصحاب الإنجازات؛ فالمرحلة المقبلة مرحلة عمل وليس أي عمل بل عمل يتسم بالمهنية والجودة في إطار حكومة تكنوقراطية شابة تم اختيارهم بعناية لقيادة قاطرة المرحلة.

المرسوم السلطاني السامي حمل العديد من التطلعات المستقبلية، ومنذ صدور المرسوم لم تتوقف الاتصالات على مدار الساعة من قبل الفضائيات العربية والأجنبية، واستفسارات الزملاء من الصحفيين يسعون لمتابعة التغيرات الجديدة التي طرأت على البلاد، مع صدور النظام الأساسي الجديد للدولة الذي سوف يحل محل النظام السابق الذي صدر عام 1996.

هذا المرسوم جاء أيضا تزامناً مع مرور عام على تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم مقاليد الحكم في البلاد؛ حيث يمثل تاريخ 11 يناير مرحلة انتقالية بالنسبة للسياسة العمانية، ولا شك أنَّ هذا المرسوم كما جاء في ديباجة هذه السطور يحمل المزيد من الخير للوطن والمواطنين، وجاء استمرارا لمشاركة أبناء الوطن وتمكينهم من صنع مستقبلهم في جميع مناحي الحياة، وصونا للوطن، وحفاظا على أرضه ووحدته ونسيجه الاجتماعي، وحمايةً لمقوماته الحضارية، وتعزيزا للحقوق والواجبات والحريات العامة، ودعمًا لمؤسسات الدولة، وترسيخًا لمبادئ الشورى. كما جاء المرسوم لتأكيد المبادئ التي قامت عليها سلطنة عُمان، وأرسى دعائمها مؤسس نهضة عمان الحديثة السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- حيث تحقَّقت لعُمان في عهد حكمه الذي امتد خمسة عقود إنجازات ضخمة على مُختلف الصعد، وبرز اسم عُمان في المحافل الإقليمية والدولية كقلعة شامخة مُحبة للأمن والرخاء، بدورها في إرساء أسس العدالة ودعائم الحق والأمن والاستقرار والسلام بين مختلف الدول والشعوب.

لقد جاء صدور النظام الاساسي للدولة في عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- والذي يقود قاطرة التغيير، لمواصلة الجهود نحو مستقبل أفضل يتَّسم بمزيد من الإنجازات التي تعُود بالخير على الوطن والمواطنين، واستمرارًا لمشاركة أبناء الوطن وتمكينهم من صنع مستقبلهم في جميع مناحي الحياة، وصونا للوطن، وحفاظا على أرضِه ووحدتهِ ونسيجه الاجتماعي، وحمايةً لمقوِّماته الحضارية، وتعزيزا للحقوق والواجبات والحريات العامة، ودعمًا لمؤسسات الدولة، وترسيخًا لمبادئ الشورى، واستقلال القضاء الذي يعد ركنا أساسيا لدولة القانون والمؤسسات.

إنَّ المواطن العماني من مسندم إلى ظفار يتطلع لمستقبلٍ واعدٍ خلال المرحلة المقبلة، مرحلة تتسم بالوضوح في الرؤية تمثلت في وضع آلية محددة ومستقرة لانتقال ولاية الحكم في السلطنة، ووضع آلية تعيين ولي للعهد وبيان مهامه واختصاصاته. إنَّ هذا الجانب من النظام الاساسي للدولة أزال للمواطن تلك الضبابية وأصبح المواطن العماني يعرف من هُو ولي عهد البلاد وسلطانه القادم.

وأستحضر هنا سؤالًا وجِّه من قبل أحد الصحفيين لوالدنا السلطان الراحل جلالة السلطان قابوس -طيب الله ثراه: لماذا لا تُعلن وليًّا للعهد في سلطنة عُمان؟ فأجاب جلالته رحمه الله بما يلي: "ضمن إطار تقاليد الأسرة العمانية الحاكمة، فإن منصب ولي العهد تقليد لا يُؤخد به؛ فالوضع يُترك لحين الحاجة؛ حيث تفرض الكفاءة نفسها عندها يكون منصب ولي العهد ضروريا. نعم أعرف أن هناك تساؤلات لكنها تساؤلات غير عمانية خصوصا من قبل الذين لا يعرفون العُرف الذي صارت عليه الأسرة الحاكمة هنا". والآن ومع صدور النظام الاساسي للدولة والذي وضع آلية لتعيين ولي للعهد، فإنَّ رد جلالة السلطان قابوس -رحمه الله- أصبح واضحا.

اختم مقالي بالتضرُّع إلى الله عز وجل بأن يحفظ ابن عمان البار جلالة السلطان هيثم بن طارق، ويمد في عمره، ويوفقه في قيادة المسيرة المظفرة للعهد الجديد، ونُعاهده على أن نقفَ معه حكومة وشعبًا صفًّا واحدًا لبناء عُمان الحديثة لنمضي معه نحو غد مشرق.