حيدر بن عبدالرضا اللواتي
في لمحة بصر، مضى عام على فقدان المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- الذي ما زالت ذكراه عالقة في بال وفكر العمانيين، بل في بال كل شخص عرف هذا الإنسان النبيل عن قرب أو بعد. فالسلطان قابوس- رحمه الله- لم يهدأ له بال عندما تولى الحكم في 23 يوليو عام 1970، فكان دائم الحركة والتفقّد ومتابعة المشاريع التي بدأت تتقاطر وتنفّذ على كل ولاية من الولايات العمانية في تلك المرحلة وما بعدها.
لذا فإنَّ عبارات الامتنان والشكر لهذا القائد الفذ سوف لا تتوقف، وتظل تصاحبنا طوال الدهر أمام تلك الإنجازات الكبيرة التي تحققت في عهده في ظرف نصف قرن من الزمان، وهي شاهدة للعيان في جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها.
اليوم نعيش مرحلة جديدة ونحتفل بمرور سنة على تولي مقاليد الحكم والعهد من قبل جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه-، الذي كرّس عمله منذ أول لحظة في استكمال هذه المسؤولية والمهمة التي لا تستطيع الجبال حملها. فهو يضع نُصب عينيه اسم عمان وأهلها قبل أي شيء، ويعمل جاهداً على ما يجب القيام به من أجل استكمال تلك الرسالة الخالدة التي أوصى بها المرحوم السلطان خالد الذكر قابوس بن سعيد رحمه الله.
أما المواطنون من جانبهم، فالكل يتابع ما يصدر عن جلالة السلطان هيثم من مراسيم وقرارات تصب مجملها في تعزيز مكانة السلطنة خلال المرحلة المقبلة من التاريخ الحديث. فعُمان منذ أيام دشنت خطتها الخمسية التنموية العاشرة مع بدء الرؤية الاقتصادية عُمان 2040 التي تحمل في طياتها الكثير من الأهداف الوطنية، وتسعى إلى تحقيق المزيد من المبادارت والمشاريع التي – بلا شك- سوف تغيّر من الواقع الحالي من خلال تنفيذ المحاور التي تعتمد عليها هذه الرؤية الطموحة سواء في المجال التعليمي والصحي والاجتماعي والثقافي والمالي والاقتصادي. فهذه الرؤية هدفها تحقيق تلك المحاور في فترة محددة من الزمن كما تم التخطيط لها، مع الحرص على أن يتم العمل أولاً بأول فيما يتعلق بقضايا الرقابة والحوكمة والمحاسبة ومحاربة الفساد ومراقبة كل من يحاول الإساءة إلى عمان وأنظمتها وتوجهاتها الجديدة.
وكما يعلم الجميع، فإن الكل يمر بفترات عصيبة نتيجة للأزمات الاقتصادية والمالية التي تمر بها الدول بسبب تراجع أسعار النفط العالمية من جهة واستمرار التأثيرات السلبية لجائحة كوفيد 19 من جهة أخرى، بجانب المصاعب التي خلقها البعض للبلاد بسبب فساده ونهبه للثروات الوطنية دون أي حق من جهة ثالثة. ولكن جميع هذه المعطيات وبعض التراجع الذي حصل في المجتمع يعطي قوة لأبناء عمان بتحقيق المزيد من الإنجازات وتحويل هذه الأزمات إلى فرص جديدة لاستكمال المسيرة ومواكبة التطلعات المستقبلية لأبناء البلاد، وإثراء الأرض العمانية بمزيد من الإنجازات والمكتسبات ليعيش الجميع في أمن وأمان واستقرار.
إنَّ بناء عُمان الجديدة يتطلب اليوم العمل على تنويع مصادر الدخل من خلال التركيز على آليات وبرامج التنويع الاقتصادي، بحيث تتمكن القطاعات الاقتصادية غير النفطية من المساهمة في الدخل السنوي للدولة، خاصة وأن هناك العديد من القطاعات الاقتصادية التي لم تستغل بصورة جيدة في مجال السياحة والأسماك والمعادن وغيرها. كما يُنتظر من أبناء المجتمع أن يتحركوا في مجال تأسيس الشركات المساهمة في تلك القطاعات بجانب المشاريع الصناعية في ضوء الحوافز والمزايا التي تقدّم لهذا القطاع في المناطق الصناعية والاقتصادية والحرة، مع العمل بصورة كبيرة في مجال اقتصاد المعرفة الذي أصبح يدر اليوم دخلاً كبيرا للدول التي تهتم بهذا النوع من الاقتصاد، الأمر الذي سينتج عنه مزيد من فرص العمل للشباب مستقبلاً.
إن جميع دول المنطقة بل العالم يعمل اليوم على توجيه مواردها الطبيعية والمالية لتحقيق مزيد من الإنجازات لشعوبها. وهاهي السلطنة تعمل في نفس الإطار من خلال تحقيق الاستدامة والتوازن المالي لاقتصادها الذي ما زال يعتمد بصورة كبيرة على المورد النفطي، الأمر الذي سوف يُمكنّها من تحقيق المزيد من الإنجازات لأبناء الوطن وتطلعاتهم، بجانب تمكين واكتمال المشاريع في مختلف القطاعات الواعدة.