التحديات والمخاطر في المؤسسات الصغيرة

 

 

عادل الحبيشي *

Adel.hubaishi@zubairsec.org

من خلال عملي في السنوات المنصرمة، وجدت أنَّ أغلب التحديات والمخاطر التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ترتبط ارتباطا وثيقا بآليات عمل المؤسسة؛ حيث إنَّ أغلبها لا يملك خطة عمل أو إستراتيجية واضحة، وإن كان يملكها فهي لتأدية غرض من اثنين؛ إما للحصول على تمويل و/أو الحصول على تصاريح لبدء المشروع، وبمجرد انتهاء أو إتمام الغرض منها تبقى محفوظة على سطح المكتب، ولا يتم الرجوع لها بأي شكل من الأشكال. كما أن معظم هذه الخطط تتم صياغتها إرضاءً للجهة التي تقدم لها ولتحقيق غايات معينة.

كُلنا يعرف أنَّ خطة العمل شيء مهم؛ حيث منها وبها يمكن تحديد المخاطر المتوقعة، وكذلك آليات حدوثها وسبل مواجهتها.

وتحوي خطة العمل تسعة عناصر رئيسية؛ تبدأ بالملخَّص التنفيذي وشرح فكرة المشروع والسوق المستهدف والمنافسة وإستراتيجية التسويق والعمليات التنفيذية وتحليل فكرة المشروع والخطة الخمسية والجوانب المالية.

إذا ما قام صاحب المشروع بكتابة الخطة بصورة حقيقية وهو مؤمن بها وملتزم بتنفيذها، فسيستطيع تحديد المخاطر والتهديدات في كل عنصر من عناصر خطة العمل؛ بدءا من فكرة المشروع؛ حيث إنَّ غياب الرؤية الحقيقية للمشروع يعني عدم تحديد الهدف الرئيسي الذي يطمح لتحقيقه؛ من خلال هذا المشروع؛ مما يُفقِده الوجهة الصحيحة للعمل والرؤية بمثابة مؤشر البوصلة التي تحدِّد مسار العمل العام أو الإستراتيجية العامة لأي مشروع.

كما أنَّ الأهداف الرئيسية للمشروع هي بمثابة المعايير التي يمكن أن يقوم بالقياس عليها للتأكد من سير المشروع حسب الرؤية الموضوعة، وللأسف هناك من يغير أهدافه الرئيسية للمشروع لعدم تحقُّقها، ولا يغير من آليات العمل ولا حتى يحاول اكتشاف أين وقع الخطأ أو أسبابه.

وفي السوق المستهدف، فإنَّ أغلب المؤسسات وإن كان لديها منتج ممتاز إلا أنَّها لم تستطع تحديد الشرائح الرئيسية المستهدفة لهذا المنتج/الخدمة، فتراها تقدم منتجا ممتازا، ولكن يفتقد للقيمة الحقيقية للمستهدفين؛ مما يُؤثر على آليات التسويق؛ فتراها تتخبط في وضع الخطة التسويقية، وكثير منهم يقدم الرسالة الخطأ في موقع خطأ وحتى بالسعر الخطأ.

وتحوي العمليات التنفيذية في خطة العمل: آليات العمل اليومية والاحتياجات من عمال ومواد خام وأدوات ومعدات؛ حيث وبناءً على السوق المستهدف، سيتم تحديد حجم الإنتاج ونوعه، ونوع المعدات اللازمة للإنتاج...وغيرها من الأمور، وتكمُن الكثير من المخاطر في الإنتاج وسير العمل اليومي ونوع الموظفين والخبرات المطلوبة، والتي لن نستطيع تحديدها إذا ما كنا لم نعمل بصورة صحيحة على السوق المستهدف، وعرفنا ما يقدمه المنافسون في هذا السوق، وآليات عملهم وعلاقاتهم بعملائهم، وكيف يقدمون منتجاتهم/خدماتهم لهم.

وبناءً على هذه العناصر السابقة، سنستطيع تحليل فكرة المشروع بصورة موضوعية ودقيقة، وسنحدد ما هي نقاط القوة والضعف، وأين تكمُن الفرص، وما هي التهديدات والمخاطر التي ستحيق بنا؛ مما سيعطينا فرصة للعمل على وضع إستراتيجيات للعمل على تفاديها و/أو حلها والتخفيف من أثرها.

نقطة مهمة يجب أن نعيها؛ فكثير من الناس يخلطون بين مفهوم المخاطر والمشاكل؛ فالمخاطر هي أمور من المحتمل حدوثها مستقبلا، وإن حدثت فلها تأثير إما سلبي أو ايجابي، أما المشاكل فهي أمور سيئة حصلت في الماضي، إذن فالمخاطر قد تكون سلبية أو ايجابية متى ما حددت المخاطر استطعت تحديد مدى تأثيرها، وهل سيكون كبيرا أو بسيطا أو متوسطا، وهل سيكون أيجابيا أو سلبيا، ومتى ما تم تحديد نوع وحجم التأثير كان وضع الحلول سهلًا؛ سواء كان بالتفادي أو تحويل الخطر مثلا من خلال التأمين، سيسهل علينا تعديل الخطة وتحسينها وتطويرها وتفادي المخاطر الكامنة.

وتختلف المخاطر؛ فمنها القانوني والمالي والمعنوي، ولن نستطيع تحديد هذه المخاطر إلا بتحديد آليات عملنا، والتي يجب أن تكون واضحة في خطة العمل.

لذا؛ يجب على كلِّ صاحب مشروع أيًّا من كان أن يكتب خطته لنفسه ولموظفيه، خطة ليست فقط لتحقيق هدف بعينه، وإنما لتحقيق الرؤية المرجوة من المشروع نفسه.

 

* مستشار أول بمركز الزبير للمؤسسات الصغيرة

تعليق عبر الفيس بوك