د. خالد بن علي الخوالدي
أيامٌ قليلة تفصلنا عن وداع عام استثنائي إنِّه عام (2020)، عام كان الفقد فيه كبيراً ومؤلماً، عشنا معه آهات وآلام، تاركاً خلفه تركة عظيمة علينا نحن أبناء عمان، صحيح إن هذه الأيام هي من تقدير الله سبحانه ولكن طوال سنوات عمري لم أتذكر أصعب من هذا العام، شوه حلاوة كل الأعوام التي عشتها وربما يشترك معي آخرون.
في بداية هذا العام رزئنا بفقد أعزَّ الرجال وأنقاهم حيث رحل إلى رحمة الباري سبحانه في وقت لم نشبع منه ولم نصدق فقده ولم نتخيله وكأنه سوف يعمر في الأرض، رحيله شكَّل لنا نحن أبناءه فقدا عظيما وجرحا عميق وألما ليس له دواء، لقد كان المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- رجلاً في أمة، وأمة في رجل؛ ففقده ليس بالأمر الهين والسهل على أبنائه الذين أحبوه وأحبهم، عام 2020 لم يكن عاما جميلا لنا نحن أبناء عُمان تحديداً ولم نسعد به السعادة الحقيقية.
وكيف تدخل السعادة إلى قلوبنا ونحن نفقد الأب الحنون والرحيم والعطوف علينا، كيف لنا أن نعرف طعم السعادة بعد أن رزئنا عام 2020 بكارثة أخرى شتت فكرنا وحطمت آمالنا وغيرت خريطة سياساتنا واقتصادنا وحياتنا بالكامل، وصفعتان في الوجه تعمي العين من شدتها وتبكيها بكاء مرا، فلم يدع لنا فيروس كورونا (كوفيد 19) أملاً في عودة حياتنا لطبيعتها، وفي ظرف عام عشنا ظروفا صعبة وأوضاعا مدلهمة وليالي مظلمة السواد، فيروس صغير هدَّ اقتصادنا وفرض علينا المكوث في المنزل وحرمنا متعة السفر وحرم أطفالنا التعليم وقضَّ مضاجعنا وفقدنا الأحبة والأصدقاء والخلان، لم يترك لنا فرصة لالتقاط أنفاسنا والتنفس الطبيعي بلا كمام، وإذا كان هذا العام قد فعل بنا ما فعل إلا أننا نملك الأمل بالله ونتمسك به لأننا نعيش في هذه الحياة على الأمل الجميل وحسن الظن بالله بأن يكون عامنا القادم عام خير وصلاح وتقدم لنا ولعُماننا الحبيبة.
أهلاً عام 2021 الذي تبدأ معه بلادنا رؤيتها المستقبلية (عمان 2040) والتي نعول عليها الكثير ونرسم خيوط الأمل والتفاؤل والثقة في حكومتنا الرشيدة وشعبنا الوفي على تحقيق هذه الرؤية والخروج بالبلاد من النفق المظلم إلى النور والوضوح والتقدم، وهناك فئة تبث اليأس والانهزام على أننا سوف سنظل في ظلام هذا النفق ويضربوا لنا أمثلة بخطة 2020 التي تنتهي بعد أيام دون أن تحقق الأهداف المرسومة لها، وعلينا ألا نستمع لهم ولا نفكر بتفكيرهم فما فات فات ولا جدوى للحديث فيه، الآن نحن نفكر في عام 2021 ماذا سنعمل على مستوى الحكومة وعلى مستوى الأفراد.
وإذا كانت الحكومة وضعت لها رؤية قريبة المدى خلال الخمس سنوات القادمة وبعيدة المدى تنتهي بعام 2040؛ فعلينا نحن كأفراد أن نضع لأنفسنا خططا وأهدافا نسعى من خلالها لتغيير مستوى تفكيرنا ونظرتنا للحياة خاصة بعد حادثة فيروس كورونا وما تبعها من أحداث أثرت فينا على كافة المستويات، علينا أن نضع في رؤيتنا أن يكون لنا دخل إضافي غير الراتب الذي لم نستطع به ترتيب حياتنا الشهرية، علينا أن نبتعد عن (استحي) وننطلق في إيجاد مصدر رزق آخر، والرزق في عُمان متوفر ومتاح فقط علينا أن نشمر عن ساعد الجد، كما على الأسر أن تفكر في الادخار بأيِّ طريقة كانت ولو ادخار بسيط فعواقب الزمان صعبة والحياة مُتقلبة.
وفي نهاية عام 2020 وبداية عام 2021 نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات للمقام السامي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وإلى الشعب العماني الأبي، داعين الله سبحانه أن يجعل العام القادم عام خير وتقدم لعُمان وسلطانها وشعبها، وكل عام والجميع بخير وسعادة ومسرة وسرور، ودمتم ودامت عُمان بخير.