أكد أن التنويع الاقتصادي السبيل الأمثل لزيادة الإيرادات العامة للدولة

معن الرواحي لـ"الرؤية": التوجيهات السامية مصدر إلهام للمجموعة لمواصلة التطوير

◄ مسيرة تحديث الاقتصاد الوطني تمضي قدما بفضل الرؤية السديدة لجلالة السلطان

◄ "دستور العائلة" موثق ويُطبق كل أسس الحوكمة

◄ تحقيق كفاءة الإنفاق العام في أي مؤسسة أو حكومة يضمن الاستدامة

الرؤية- نجلاء عبدالعال

تصوير/ نواف المحاربي

معن بن حمد بن سالم الرواحي، المُدير العام الجديد لمجموعة "بن سالم"، شاب فصيح البيان عميق المعرفة، طيب الخلق، يملك صفات قيادية مكنته من تبوؤ مناصب عدة خلال عمله خارج وداخل المجموعة، وهو الابن الأصغر لمُؤسس المجموعة الشيخ حمد بن سالم الرواحي- رحمه الله- والتي بدأت أعمالها كمجموعة باسم "مشاريع بن سالم" -ش م م- في عام 1974، وكانت قبل ذلك شركة واحدة باسم الشركة الوطنية للهندسة والمقاولات وتأسست عام 1972.. ومنذ ذلك الحين، وحتى سبتمبر الماضي، تولى منصب المدير العام للمجموعة 6 مديرين عامين من الخبرات الأجنبية، لذلك يُمثل تعيين معن الرواحي كأول مدير عام عُماني في هذا المنصب، وكذلك تعيين هشام بن أفلح الرواحي في منصب نائب المدير العام، نقلة نوعية في الثقة بطاقات الشباب، وإيلائهم الثقة التي يستحقونها في الإمساك بزمام القيادة. ويترأس معن الرواحي مجلس إدارة الجمعية العمانية البريطانية، التي تأسست في عهد المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- عام 1976.

معن الواحي 2.JPG
 

ومعن الرواحي يُمثل جيل الشباب الذي يمكن القول إنه نموذج يحتذى به، فقد تعلم وعمل في كل الأعمال المُتاحة وبدأ السلم من أولى درجاته رغم ما يحمله من اسم لعائلة من أبرز العائلات في عالم الأعمال بالسلطنة، ورغم حمله لأعلى الشهادات المتخصصة من الجامعات الدولية، وفي غمرة احتفالات السلطنة بيوم الشباب العُماني، التقت "الرؤية" معن الرواحي، بهدف تسليط الضوء على شخصية قيادية شابة، والتعرف على وسائل النجاح ونصائحه لكل شاب في السلطنة.

بداية المسيرة

وعن بداية علاقته بشركة عائلته يقول إنها بدأت منذ الطفولة، فكان أفراد الأسرة من الطلاب يقومون خلال فترة الإجازة الصيفية بأية أعمال تطلب منهم، وكانت تشبه الدوام الرسمي، فكل صباح وعلى مدار 5 أيام في الأسبوع، كان يتعين عليهم الذهاب إلى الشركة والقيام بما يُطلب منهم من أعمال، وبعضها في مجال الحسابات أو المبيعات وأحياناً أيضاً في ورش العمل، حيث يرتدي كل فرد في العائلة "زي العمال" (أفارول) ويشاركون في كل التفاصيل، ويؤكد أنَّ هذه الأعمال حتى وإن كانت بسيطة كانت تمثل له ارتباطاً أساسياً بأهمية العمل.

وبعد إتمام دراسة بكالوريوس الإدارة الهندسية في "نظم التصنيع" توجه معن لدراسة الماجستير في مجال إدارة الأعمال، ويقول إن الأسرة لم تتدخل في فرض أي اتجاه في مجال الدراسة لكن كان هناك استشارة مع الإخوة حول الأفضل مع ترك الاختيار لكل واحد لدراسة ما يرغب وما يتفق مع ميوله.

ويضيف الرواحي أنَّه مع إتمام الماجستير من بريطانيا وعودتي إلى عُمان: "كنت أبحث عن مكان يمكن من خلاله أن أطبق دراستي وكان تحديدا البحث عن مُنشأة صناعية يمكن من خلالها العمل في النظم الصناعية والإدارية، ووجدت ضالتي في شركة عُمان للمرطبات، وقررت الالتحاق بالعمل فيها، وفي الحقيقة فقد تعلمت في المصنع الكثير، حيث بدأتُ العمل كمهندس تصنيع، وكنت أقفُ بين العمال لساعات وأتعلم منهم أيضًا". ولذا يؤكد الرواحي أنَّه بدأ: السلم من أولى درجاته"، مضيفا: "بعد سنتين في وظيفة المهندس، أصبحت مديراً لأحد الأقسام في المصنع وتحديدا إنتاج المياه المعبأة بالمصنع "أكوافينا"، وبعد ذلك بسنة تقريبا انتقل مدير الإنتاج إلى العمل في الإمارات بأحد المصانع، فأصبح محله شاغرًا، وتم اختياري لشغل هذا المنصب، وأصبحت مديرا للإنتاج بالمصنع، وهو ما يعني مسؤوليتي عن سبعة خطوط إنتاج وهو ما مثل خبرة عملية مهمة للغاية بالنسبة لي".

صعود مُميز

صعود مُميز للرواحي الشاب لكن لم يكن كافياً بالنسبة له؛ إذ أصبح المكوث في الوظيفة "أمرا مملا" لأنه لم يكن يلبي شغفه بالتجديد والابتكار، ويقول: "بعد أكثر من سنتين في وظيفة مدير الإنتاج أصبح العمل روتينيًا؛ لأنه أصبح متكررا، ففي بداية العمل كان هناك خطط نضعها وتحديات نواجهها لكن بعد فترة أصبح العمل تنفيذاً لخطط موضوعة بالفعل والإنتاج يسير بسلاسة، وهو بالنسبة لي أمر روتيني، حتى أنني فكرت في هذا الوقت في الخروج من الشركة والالتحاق بعمل آخر سواء في مجموعة العائلة أو غيرها".

غير أنَّ ثمَّة تحد آخر أجّل قليلاً انتقال معن، ويكشف عنه بالقول: "مع بدء حسم قراري، تولى مدير عام جديد أمور الشركة، وكان لديه خطط لهيكلة العمل ومن بينها إنشاء قسم في الشركة يتولى جميع عمليات "سلسلة الإمدادات" بكل ما تشمله من نقل ومشتريات وغيرها، وبالفعل أسس هذا القسم وتم اختياري مديرًا له، وكان هذا القسم الجديد تحدياً جديداً وحماساً من نوع آخر لمُواصلة العمل، وهو ما جعلني أقرر البقاء في الشركة لمدة سنتين واكتسبت خلالهما خبرات جديدة وواجهت تحديات جديدة".

ويشرح المدير العام الجديد لمجموعة الرواحي أنَّه شغل أكثر من منصب في شركة المرطبات، وكانت سياسة العائلة تشجع أن يكمل شباب العائلة درجاتهم التعليمية بقدر استطاعتهم ورغبتهم، وكذلك أن يلتحقوا بالعمل خارج المجموعة في الوظائف التي يمكنهم الحصول عليها لاكتساب الخبرة اللازمة بعيداً عن أية اعتبارات قد تعطل حصولهم على الخبرة. ويشرح معن الرواحي أن الفكرة كانت أن التحاق أحد شباب العائلة بالعمل بمجرد تخرجه مهما كان العمل الذي سيلتحق به، قد تكون مُعاملته من قبل زملائه بها تنطوي على "بعض التمييز" والمحاباة، لذلك فإنَّ الشاب من أبناء عائلة الرواحي عندما يبدأ العمل خارج الشركة يكون قد اكتسب خبرات التعامل اللازمة والقدرة على الأداء بمساواة تامة مع زملائه.

الانضمام للمجموعة

ويمضي قائلاً: "انضممت للمجموعة عندما أخبرني أخي بأنَّ هناك منصبا شاغرا في إدارة المجموعة، وأنني مؤهل بحكم خبرتي في منصب مشابه لهذا المنصب، وكانت الفكرة التي رجحت انتقالي إلى المجموعة هي رغبتي في استمرارية البصمة التي وضعها الوالد وإخوتي في المجموعة، وأن حماسي لتطويرها واستمراريتها والخبرة التي اكتسبتها يمكن أن يُعين على تحقيق هذا الهدف".

وكانت البداية للرواحي في قسم معدات البناء الثقيلة، وبعدها انتقل إلى أقسام أخرى داخل المجموعة ومنها قسم الموارد البشرية، وبعد فترة وجيزة أصبح عضواً في مجلس إدارة مجموعة بن سالم وهي إحدى شركات مجموعة الرواحي القابضة، وبعد سنة صار نائبا للمدير العام قبل أن يقرر مجلس إدارة المجموعة أن يسند إليه منصب المدير العام للمجموعة.

ويقول الرواحي إنَّ الشركة في خلال آخر 35 سنة وضعت أنظمة متوازنة وقوية وبنية أساسية قوية، مضيفا: "أعتقد أن دورنا كجيل جديد هو التركيز على الابتكار والاعتماد على رفع الإنتاجية مع تقليل التكاليف التشغيلية، وأرى أننا كإدارة جديدة، ومع وجود هشام الرواحي أيضاً كنائب للمدير العام فقد اتفقنا على العمل لمدة 3 أشهر في إعادة هيكلة الشركة بما يمكننا ضخ طاقة متجددة في الشركة ومُواكبة العصر بما فيه صالح المجموعة، وضمان استكمال المسيرة الرائعة التي قدمها من سبقونا، مع التركيز أيضاً على اللامركزية في العمل ودمج بعض الأقسام وتوفير الوقت في أداء الأعمال، وذلك استلهاماً من المراسيم السامية الصادرة بدمج بعض الوزارات ومع المنهج الذي تسير عليه عُماننا الحبيبة تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه-".

الشركات العائلية

وحول ما يُتفق عليه عالمياً من أن الشركات العائلية في غالبيتها لا تدوم أو على الأقل تضعف بحلول الجيل الثالث، يرى معن الرواحي أنه بالفعل يمكن أن تكون هذه المقولة "حقيقية"، ما لم يكن هناك "دستور عمل" ونظام محدد يحكم آليات عمل الشركة أو المجموعة. ويشرح معن الرواحي تجربة المجموعة فيما يخص هذا الجانب، فيقول إن مجموعة الرواحي "تقوم على أساس نظام عام أو ما نطلق عليه "دستور العائلة" وقامت الشركة بتوثيق كل تفاصيل العمل في هذا الدستور، وفيه على سبيل المثال حصص كل المساهمين، وكيف تدار الشركة، وكيف أن الإدارة قائمة على معايير معينة وليس للمساهمين التدخل في شؤون الإدارة التفصيلية، وهذا الكتاب موثق وموقع عليه من جميع المساهمين، حتى إننا أخذنا رأي المُفتي العام للسلطنة سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي في نظام الحوكمة لدينا". ويؤكد الرواحي أنَّ هذا النظام أسهم في استمرار توثيق الثقة وتقوية اللحمة بين أفرادها،

الوضع الاقتصادي

وكشاب عُماني مرَّ بخبرة علمية وعملية جيدة فإن له آراء يربط فيها بين وضع الاقتصاد العماني واقتصاد المجموعة، ويقول إن ما يتم التركيز عليه الآن لتقوية الاقتصاد العماني هو نفسه ما نركز عليه لتقوية عمل المجموعة، فخططنا تقوم على أهمية تنويع أعمال الشركة بما يضمن تنويع الدخل، وعدم تأثر الشركة إذا ما طرأ ظرف ما على الإيرادات من أحد مصادر الدخل، وكذلك التركيز على كفاءة الإنفاق وضمان إنتاج جيد بتكلفة جيدة.

ويؤكد الرواحي أنَّ الحكومة- كما القيادات الشابة في الشركات العمانية سواء الخاصة أو العائلية- لديهم نفس التوجه، وهو ما يعتقد أنه يحتاج تفاعلا من الحكومة خاصة فيما يتعلق بتسهيل الإجراءات وجذب الاستثمارات، مؤكداً أن التوجه الواضح لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان المعظم- أيده الله- يترجمه بقوة هذا التفاعل؛ حيث تبنى جلالته- حفظه الله- الكثير من المبادرات والقرارات الاقتصادية التي تدعم الاقتصاد والقطاع الخاص وترشيد الإنفاق وتنويع الدخل وفتح المجال أمام انطلاق القطاع الخاص في تحمل المسؤولية.

تعليق عبر الفيس بوك