قراراتك وطني العظيم بين القلب والعقل

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

لعل واحداً من أبرز أسباب بقاء الدولة العمانية ككيان مستقل والتي تعد الأقدم في المنطقة هي تلك الميزة التي بها تخطت الصعاب بكل أنواعها وتعايشت على مر الزمن مع ألوان منها لا تعد ولا تحصى واليوم ومع ما تواجه عُمان والعالم بأسره من تحول في عالم الاقتصاد هو ليس فقط بسبب الجائحة كما يعتقد الكثيرون.

لكنَّ الأسباب متداخلة وكثيرة ولعل السبب الأبرز هو الاختبار المرحلي للناتج المجتمعي ومقدرته على التعاطي مع التحولات العالمية وكذلك معرفة الدول التي ستصمد وكيف؟ وإنني على ثقة بأنَّ الوطن سيتجاوز كل تلك الصعوبات بإرادته الراسخة وقيادته الحكيمة وشعبه العظيم وعلى الرغم من صعوبة القرارات التي أتت تباعاً هذه الأيام إلا أنَّ أساس وقوة القرار السيادي للوطن لم يتغير فـقوة الريال العُماني بين عملات العالم ثابتة وكذلك فإن قرارنا السيادي بأيدينا فـعُمان لم تصغر أمام أي دولة لتمنّ عليها وبذلك تشارك في تنفيذ أجندتها أو توجهاتها أو تميل إلى أي جهة، كما أن الوطن لم يتجه إلى الممولين الدوليين وما يتبع ذلك من تدخل غير إيجابي في القرار الوطني وإننا عندما نكتب في بعض الجوانب الوطنية لا يعني ذلك مطلقاً التقليل من منجزاته والعماني شامخاً رافعاً رأسه بين الأمم ويعيش بحالٍ يساير أرقى دول العالم، وفي كل شيء إنما ودوماً نؤمن ونعلم أن هناك الأفضل ومن وطنيتنا نشترك جميعاً للوصول إليه وكذلك أن الإقلام العمانية تسبح في محيط واسع الأفق عميق الثقة.

غير أنَّ ما توالى من قرارات كان أمامها المواطن بشكل كبير أكان ذلك بالطريقة المباشرة أو غير المباشرة وفي الحالتين سيكون المساهم في تغطيتها، ومن جانب آخر فمع تقديري للقرارات الوطنية ولكني سأضع وجهة نظري في عدد من الأسئلة فـموضوع الكهرباء مثلاً وكنت أتمنى رداً على مقالٍ سابق وما وصلت إليه الأسعار أرى أنَّ الرد يجب أن يكون على مستوى أعلى بكثير من شركات الكهرباء فإذا كانت الحكومة والشركات هم من أوصل قيمة الكهرباء إلى هذا السقف العالي وإن الحكومة ستتوقف عمَّا تسميه بالدعم وعلى المواطن تغطية ذلك، فقانوناً للمواطن فرصة في إعادة النظر لكل شيء لأنه أصبح في الواجهة ولم يُشارك سابقاً في تشكيل وتنظيم عملية إنتاج وإدارة هذا المرفق ولو أنه أعطي الفرصة الحقيقة فإنِّه قد يخفضّ السعر ولن يقبل بأعداد من الهيئات والمسؤولين المحظوظين الذين يتلقون رواتب وحوافز بالملايين على حساب الفقير والغني من أبناء الوطن، وهذا الأمر غير منطقي تماماً أيضاً سيسأل عن قيمة الفاقد والمنتج والمستخدم وقيمة الغاز وعدد العمانيين العاملين وغيره وأن أي مراجعة أو تقصي لأسباب سعر الكهرباء يجب ألا تكون من نفس الهيئات والتشكيلات الحالية لإدارات الكهرباء ذلك أنهم حتماً لن يناقضوا أنفسهم.

الأمر الأهم من كل شيء وإذا كانت هذه الإجراءات ضمن خطة إنقاذ الاقتصاد، فلماذا توجه المخططون والمفكرون في معظم الأمور إلى المواطن مباشرةً وكم فعلياً ستوفر الحكومة اكتوارياً مما أعلنت عنه وهل هو الحل الأمثل أعتقد وبالمنطق أن ذلك ليس دقيقاً وإني أضع الصورة العامة للأمر وفي عمق الشعور كأنَّ الحكومة تساير جوانب دون أخرى في المشهد العام للاقتصاد لأنَّه وفي الوضع العام لم يتغير أي شيء وكأن جوانب الصرف الأخرى لا يعنيها خطة إنقاذ الاقتصاد وهنا سأعطي بعض الأمثلة للاستدلال وليس الحصر وأرجو تقبل ذلك من منطلق حب عُمان ومنا جميعاً.

هناك بنايات حكومية بأعداد خيالية تمَّ بناؤها فلو أن نفس الفكر الذي رفع دعم الكهرباء والماء وجوانب أخرى وخصص عشرة بالمئة من تلك المباني بديلاً عن المباني المستأجرة في كل عُمان لحل جزءًا كبيراً من المعضلة.

الأمر الآخر الاتفاقيات والتعامل مع الشركات والتعاقدات ما هو الجديد فيها؟ هل هو منطلق من إنقاذ اقتصادي وهل تمت مراجعة أي منها مثل ما كتبنا عن سدين يقاربان مئتي مليون دولار مثلاً.. ماذا تحقق فعلياً في السياحة والتعدين والاستفادة الكاملة من كل دول الجوار العُماني والعلاقات العمانية الطيبة مع دول العالم.

هل هناك مؤسسات وجهات قد كان نفعها مرحلياً وعلينا إعادة النَّظر فيها؟ ولماذا لا يتم دمج الكثير من المُسميات الفنية المُتشابهة وكلٌ بقيادته وورشه ومستودعاته وكل ما يتعلق به، في حين أنَّه في حالة الدمج يمكن أن يتم توفير مئات الملايين من الريالات كل عام؟ وأين المحاسبة العادلة في كل تلك الجوانب وأين إقالة أي مقصر في الواجب إذا وجد، فلو أن الإعلانات عن كل تلك الجوانب يومياً لكان الاطمئنان في قلوبنا مسايراً لما يراد تطبيقه وإلا فإنَّ اقتسام المعاضل وتوزيعها يجعل الأحداث في بعضٍ منها ينظر إليها بعاطفة القلب وأخرى ينظر بجديتها واحتسابها بدقةٍ تُخاطب العقل.

وأخيراً.. اقترح على أصحاب القرار إعلان حالة طوارئ اقتصادية من خلال لجنة وطنية تنطلق من الفكر العملي وليس الشهادة الورقية وإنني على ثقة كاملة بأنها فرصة تاريخية للوطن، سيستفيد منها فوق ما هو متوقع من الجميع يكون واجبها أولاً تتبع ومراجعة ومساءلة كل الجهات دون ذكر السيادية فوق قوانين الوطن ومعرفة كل ريال واحد كم دفع لك أين صرفت هذا المبلغ، وهل أن اللجنة مطمئنة في صرف الأموال العامة وكالتالي لأي مشروع أو عمل يومي مثل قيمته،أهميته، نوعيته وهل تمَّ الصرف والصرفة كأفضل ما يمكن، ثم إنَّ اللجنة تتولى وفوق قرار المناقصات ومعقباً لها بالموافقة على صرف أي مبلغ فوق مئة ألف ريال ويكون لها ممثلون في كل المحافظات وتعمل بشكل مستمر ولا يحق لها تأخير أو تأجيل أي مشروع إلا لمدة محددة، وبذلك سيتم الإطلاع على جوانب قد تكون اليوم في الظل، ومنها سيخرج الوطن بفوائد لا حصر لها.

تماماً مثل النجاح الباهر لمنصة التعليم التي استصعبها الكثيرون لكن راهنّا على نجاحها واليوم أصبحت واقعاً وخبرة رائعة للأجيال.