الترف المجتمعي إلى أين؟

 

أصيلة الحبسية **

asela.alhabse@moe.om

 

ظهرت الكثير من العادات والتقاليد الدخيلة على مجتمعاتنا العربية بشكل عام والمجتمع العُماني بشكلٍ خاص، وأحد هذه العادات الدخيلة هو الترف المجتمعي الذي دخل وانتشر في مجتمعاتنا كانتشار النار في الهشيم.

ولا شك أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة من واتسآب وفيس بوك وانستجرام إلخ... لعبت الدور الكبير في تبادل الكثير من الثقافات الاجتماعية وإظهار الكثير من العادات الدخيلة على المجتمع العربي بشكل عام وعلى المجتمع العماني بشكلٍ خاص. ولا يخفى على أحدٍ منا مدى خطورة هذا الترف على مستوى المجتمع عموماً وعلى مستوى الفرد خصوصًا. وبالرغم من ذم القرآن الكريم للمُترَفين كقوله تعالى في سورة الواقعة: "وَأَصْحَابُ الشِّمالِ مَا أصْحَابُ الشِّمالِ فِي سَمومٍّ وَحميمٍ وظِّلٍ مِنْ يَحْمُوم لا بَاردٍ وَلا كَريمٍ إِنَّهُم كَانوا قَبْلَ ذلكَ مُتْرَفِينْ". صدق اللهُ العظيم. من هذه الآيات الكريمة يتجلى لنا موقف الدين الإسلامي المُعادي للترف والمُترَفين لما له من عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع وإلا فما كان سبباً في عذاب الله وسخطه.

وتعددت مظاهر الترف المجتمعي في المجتمع العماني بأشكالٍ مختلفة بعضها على مستوى الفرد وبعضها الآخر على مستوى المجتمع.

وفي هذا المقال سنتناول بعض مظاهر الترف المجتمعي وأثرها على الفرد والمجتمع؛ فعلى مستوى الفرد تتجلى مظاهر الترف في التفاخر في بناء المنازل الفخمة والحديثة الطراز والتي أثقلت كاهل الكثير من الشباب بسبب القروض الشخصية والبنكية وكذلك التباهي بامتلاك السيارات الحديثة والفاخرة. ومنها  أيضاً اقتناء الملابس ذات الماركات العالمية دون الأخذ بالاعتبار العادات والأعراف العمانية؛ حيث أصبحت الموضة هي الأهم في اقتناء الممتلكات الشخصية.

أما على مستوى المجتمع فإحدى ظواهر الترف المجتمعي تتجلى في الإسراف والبذخ في متطلبات الزواج من المهر وهدايا العروس الفاخرة وحفلات الزفاف واستئجار القاعات الفخمة والفنادق الفارهة والبوفيه المفتوحة والسفر والكثير من المطالب التي أرهقت الشاب العماني والجأت الكثير منهم إلى القروض البنكية بل وللأسف الشديد قد يصل الأمر إلى رهن ممتلكاتهم أو ممتلكات ذويهم وكأنَّ الفتاة أصبحت سلعة تباع وتشترى بأغلى الأثمان. يقول (س. ع): "لقد ثقلت بالديون بسبب متطلبات الزواج اللا محدودة وبتَّ على وشك الانهيار النفسي من التفكير في الديون والتي تكبدتها وأنا في عمر الزهور". أما (ش. ح) إحدى الأمهات فحين سألتها عن سبب تأخر زواج ابنها في الزواج؛ فقالت باللهجة العمانية في نبرة حزن :"يا بنتي الزواج له وعليه يعني يبغاله الواحد سنوات لحد ما يكمل طلبات العروس وأهل العروس".

وختاماً.. كثير من التساؤلات تطرح نفسها، فمن هو المسؤول الأول للحد من هذه الآفة المجتمعية التي تغلغلت في مجتمعنا وأصبحت جزءاً من عاداتنا وأعرافنا دون النظر إلى تبعاتها السلبية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي بل وقد تنتهي أحياناً إلى السجون للذين أصبحوا رهينة لأهوائهم الشخصية وبعضهم ضحية لمجاراة المظاهر والعادات الدخيلة؟ أم أنَّ الأمر هو مسألة حرية شخصية كما يقول البعض ومن حق الجميع أن يعيش حياة مُترفة ومنعمَّة وإن جرَّته إلى نتائج لا تحمد عقباها؟!

 

** معلمة لغة إنجليزية بمدرسة الخشبة للتعليم الأساسي، في ولاية المضيبي

تعليق عبر الفيس بوك