هل يتدفق من ظفار أول نهر في الخليج؟

 

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

لطالما تهادت أصيلات الإبل في سهول وجبال ظفار الشماء ولطالما واكب مسيرها رجالٌ حملوا العصا أو كما يسمونها باللغة الجبالية الأصيلة (خطروق)، أولئك الرجال الذين وإلى اليوم لا يرون دونها مالاً ولا غالياً أو نفيساً ولقد تركزت الثروة الحيوانية في هذه المُحافظة نظراً إلى ما حباها الله من طقس وسهول وجبال خضراء لتكون سبباً كافياً لتزايد أعدادها ومع أنَّ هذا الجانب أخذ الحيز الأبرز في المنطقة إلا أن مكامن الخير الوفير في ظفار ولنفس الأسباب آنفةُ الذكر جعلت من الزراعة واجهة أخرى، فلقد كان أهل ظفار وحتى خارج مدينة صلالة يزرعون الكثير من المحاصيل خلال موسم الخريف وخاصةً(الدجر والذرة)، أما اليوم فلقد تنامت ثقافة استغلال الأرض زراعياً إلى درجة تستحق الإشادة والفخر بل التركيز على الجانب المائي الذي يُؤسفني بشدة أنه مهدور ومن زمن طويل ولا يُمكن أن يستمر إلى ما لانهاية فإذا كانت منطقة النجد اليوم وبجهود الأهالي الخالصة أصبحت منافستها على المستوى الدولي في مُنتجات زراعية كانت حلماً في يومٍ من الأيام وما هو قائم بفضلٍ من الله سبحانه وتعالى في تلك المنطقة لا يُمكن بأيِّ حالٍ من الأحوال أن يكون الحديث عنه في عجالة إنما يحتاج إلى تخصيص عناوين بارزة لأنها تعتبر واحدةً من مفاخر نهضة عُمان وكذلك استطيع القول إنَّ كل العوامل المطلوبة لإنتاج كل ما يُمكن تصوره من فواكه وخضار ينتجها العالم بأسره أن تكون حقيقة في أنحاء محافظة ظفار بل إنِّها يمكن أن تتفوق في الكثير وأن تكون سبباً جوهرياً لازدهار المنطقة وبكل سهولة وإذا كان الماء الذي جعل الله منه كل شيءٍ حي، فتلك هي نقطة الارتكاز وأهم عنصر من عناصر القوة التي يمكن أن ننطلق منها فلعلي أستطيع أن أبرز الأهم وكذلك ما يمكن أن يكون من حلول للاستفادة الفعلية وبطرق علمية مدروسة ولعلي أبدأ من شلالات دربات التي هي واضحة للعيان والتي تسقط ذلك الماء الزلال وينتهي في البحر وهنا يمكن الاستفادة منه بطريقةٍ أسهل مما يتوقع الكثيرون وذلك بعمل نفق داخل الجبل من الجهة المُعاكسة لتيار الماء الحالي وتوجيهه كنهرٍ جارٍ إلى الجهة الشمالية لينتهي في وادي ذهبون ومن ثمَّ إلى مناطق الصحراء المحاذية لولاية ثمريت وإذا كان أحد يرى أنَّ هذا الأمر لايُمكن تحقيقه أو أنَّه مُعجزة فإنِّي لا استغرب ذلك لأنَّ الكثير من المقومات العظيمة التي تزخر بها عُمان تمَّ النظر إليها وفي جوانب مختلفة بنظرةٍ مُتواضعة صغيرة ولم ينظر إليها بشموخ عُمان وبعظمة رجال ونساء عمان ولذلك ولدت الكثير من الأفكار التي لن تساير ما هو جديد وبما يستحق أن ينظر إليه بطموح عُمان العظيمة وكذلك فمن يُريد أن يرى سهولة شق الأنفاق فليذهب إلى جبال أوروبا ويرى مئات بل الآلاف من الطرق المزدوجة المُعبدة داخل الجبال فلو أننا وجدنا العقول المناسبة الطموحة فيمكن لهذا الماء أن يشكّل أول نهر في الخليج العربي ويُمكن أن نجد له الاسم المناسب الذي يستحق مثل نهر جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله- علماً بأنَّ النفق المعني وإذا تم وضع أنبوب بالقطر المناسب فلسوف يستوعب كمية المياه المطلوبة فقط ويمكن في الحالات الغزيرة جداً من الأمطار أن تتجه في نفس مسارها الحالي إلى البحر، ولسوف يكون لمحافظة ظفار بل كل عُمان شآن آخر في المجال السياحي والزراعي والحياة الفطرية والحيوانية وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، كذلك يُمكن أن يكون للمنطقة الغربية من مُحافظة ظفار شأن عظيم إذ ستكون سلة الفواكه النادرة على مستوى العالم ولعلي أوثق هنا أهم مصادر المياه التي تتدفق إلى البحر مباشرة دون الاستفادة منها وفقط في المنطقة الغربية من محافظة ظفار وهي عين حلوف، عين شيران، عين ضلع، خرفوت، صفقيت، الحوطة، زحل، ديم، فلو أنَّ هذه العيون تمَّ رفعها إلى جهاتٍ مختارة بين الجبال ووزعت منها أنابيب مياه فإنَّ الفواكه النادرة مثل الخوخ والمشمش والزيتون والعنب والتين يمكن أن تكون شيئاً مألوفاً وبديعاً في المنطقة الغربية من محافظة ظفار وأن طقسها ودرجة حرارتها قريبة جداً من درجة الحرارة في الجبل الأخضر فإذا أضفنا فصل الخريف الربيعي الرائع لكانت النتيجة مبهرة إلى الحد الذي لا يتوقعه الكثيرون، فعسى أن تكون لهذه الوجهات من النظر آذانٌ مستمعة وإن لم يكن ذلك فأرجو حفظ هذا المقال عسى أن تأتي أجيالٌ ترى هذا الأمر حقيقة يمكن تطبيقها وبكل سهولةٍ ويسر.