مدرين المكتومية
جدل واسع يجتاح العالم حول اللقاح المضاد لمرض كوفيد-19، ونقاشات بعضها عدمي وبعضها الآخر ذو فائدة، بشأن مدى مأمونية اللقاح، وما إذا كان يتعين على كل إنسان في هذا العالم تلقي التطعيم أم لا!
حالة من التردد والتشكيك، تواجهها رؤية علمية رصينة، تدافع عن اللقاح وعن التقنيات المستخدمة في إنتاجه، الأمر الذي ولّد شعورا بالخوف لدى قطاعات عريضة في مختلف الدول، خشية أي تأثيرات جانبية قد يُسببها اللقاح، خاصة وأن اعتماد اللقاح حتى الآن في كل الدول التي أجازته، هو اعتماد طارئ، في محاولة طموحة للخروج من براثن الأزمة التي خلفتها الجائحة على المستوى الإنساني والاقتصادي والاجتماعي، وأثقلت كاهل القطاع الصحي، الأمر الذي جعل الكثير من مراكز الأبحاث وشركات العقاقير تعكف على إيجاد حل لهذه الكارثة التي لم تكن يوماً في الحسبان.
ظنَّ العالم أن الكوارث التي يُمكن أن تدمر البشرية تتعلق بالكوارث الطبيعية وأيضًا الحروب الفتاكة، لم يكن يدرك أن فيروس لا يُذكر يمكنه أن يلعب بكل تفاصيل الحياة ويزعزع كيان أسر، ويهدم اقتصاديات دول، ويشل قطاعات صحية، ويبعث الهلع في نفوس النَّاس ومن يُصاب به، ليعيش في دوامة من عدم الإدراك لما ستؤول إليه البشرية، وإن كان هذا الفيروس سيكتب النهاية للبشرية أم لا، فكان حلماً بشعاً يعيشه النَّاس، وما أن بدأ العالم يستمع إلى وجود تجارب سريرية وأن هناك لقاحاً في المعامل يتم العمل عليه إلا أن غمرت نشوة الجميع، وكأنَّ الحياة بدأت تدب على وجه الكرة الأرضية بعد سبات طويل وهلع وحزن وخوف.
ولأننا يجب أن ندرك حجم تلك المأساة التي حلت علينا، أيضاً في المقابل علينا أن ندرك أنه يجب أن نقوم بالترويج لأخذ اللقاح لأهميته في الفترة الحالية، والبعد عن الشائعات التي يمكن أن تسبب أذى أكبر مما نتوقعه بالابتعاد عن أخذ مثل هذه اللقاحات، وجود لقاح يعني إنقاذ البشرية، وبالتالي لو لم يكن لهذا اللقاح أهمية لما سارعت الدول في حجز وشراء كميات لرعاياها، وذلك تجنباً لما قد تتسبب به الجائحة، خاصة وأنَّ الكثير من الدول أصبحت تعيش الموجة الثالثة من كورونا، وهو أمر ليس بالهين أبداً، في حين أن دولاً بأكملها قامت خلال الفترة الحالية بعمل إغلاق تام لمدنها وأيضًا القرى التابعة لها، من تسجيل عدد كبير من الوفيات وأيضاً تسجيل حالات إصابة بصورة مضاعفة.
إننا ولله الحمد في السلطنة بفضل الله أولاً وبفضل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- ومتابعة اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، استطعنا تجاوز مرحلة الخطر أو على الأقل السيطرة على الوضع داخلياً، لكن هذا أيضًا يلزمنا إلزاماً تاماً بأن نعمل على الاستمرار في التقيد بالإجراءات الاحترازية، حتى تصل كميات اللقاح التي تكفي الجميع.
وعلينا أن ندرك أهمية تلقي اللقاح خاصة للعاملين في خطوط الدفاع الأمامية، وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وأن نطمئن بأن كل ما يُتداول حول الأعراض الجانبية للقاح، فإنها لا تعدو سوى نتائج طبيعية لأي لقاح يحصل عليه الإنسان، ويمكن السيطرة عليها، ومن هنا أدعو الجميع إلى تلقي أي معلومات عن هذا اللقاح أو أي معلومة بشكل عام من مصادرها الرسمية، من خلال ما يُنشر في الصحف الرسمية نقلا عن مسؤولين، وخاصة من وزارة الصحة والأطباء والخبراء، وعلينا أيضاً أن نولي وزارة الصحة الثقة التامة في أنها تتخذ كل ما من شأنه أن يوفر الحماية الصحية للمجتمع، ويضمن الأمان للجميع.