◄ التشكيك في مأمونية اللقاح يستند إلى أكاذيب وشائعات غير علمية
◄ الفئات الأكثر عرضة للإصابة لهم الأولوية في الحصول على التطعيم
◄ نشجع المتعافين من "كورونا" على تلقي اللقاح لضمان مناعة لفترة أطول
◄ اللقاح يسهم في تحقيق "المناعة المجتمعية" ويجنبنا موجات أخرى من الوباء
الرؤية- مريم البادية
استضاف برنامج "استديو الرُّؤية" الدكتور زيد بن الخطاب الهنائي استشاري الأمراض المعدية لدى الأطفال بجامعة السلطان قابوس، للحديث حول لقاح فيروس كورونا، وتسليط الضوء على الحقائق العلمية المرتبطة به فضلاً عما أثير حوله من شائعات غير علمية ولا أساس لها من الصحة.
وبدأت الحلقة بنبذة تعريفية عن الهنائي، الذي تخرج في كبرى الجامعات الأمريكية؛ حيث حصل على بكالوريوس العلوم تخصص الهندسة البيولوجية والكيميائية عام 2005، من جامعة تافتس الأمريكية في بوسطن بولاية ماساتشوستس الأمريكية، كما حصل على ماجستير العلوم بعد ذلك بعام وتحديدا في عام 2006 من نفس الجامعة في تخصص "الهندسة الطبية الحيوية"، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الطب من كلية الطب بجامعة تافتس في بوسطن عام 2006.
تاريخ اللقاحات
واستهل الهنائي حديثه بإبراز تاريخ اللقاحات حول العالم، وقال إن أولى تجارب إنتاج لقاح كانت في الهند لمكافحة مرض الجدري؛ حيث لوحظ أن الأطفال الذين أصيبوا بهذا المرض وأخذوا اللقاح لم يصابوا به بعد تقدمهم في السن. وأوضح أن المختصين اتبعوا في تلك الفترة طريقة بالغة الخطورة، حيث كانوا يأخذون مسحة من جلد الشخص المصاب ومن ثم إعطائها للأطفال لبناء مناعة لديهم، مشيرًا إلى أن خطورة هذا الأسلوب تكمن في أنه يعتمد على نقل الفيروس بالكامل إلى الجسد السليم. غير أنه أشار إلى أن القرن المنصرم شهد تطورا متواصلا لتقنيات إنتاج اللقاحات الخاصة بهذا المرض، وتم القضاء عليه بالكامل. واسترسل الهنائي موضحاً تاريخ اللقاحات، حيث توالى إنتاجها، مثل لقاح الحصبة، ولقاح التهاب الكبد الوبائي، وغير ذلك من الأمراض. وفيما يخص جائحة كورونا، أوضح الهنائي أن تطوير اللقاح يستغرق وقتا طويلاً عادة من 4 سنوات إلى 30 سنة، حتى تثبت فعاليته، لكن العلماء كانوا متأهبين لحدوث أي جائحة وتطوير لقاح في زمن قياسي. وأضاف أن حدة الفيروس جعلت جميع الباحثين على أهبة الاستعداد للقضاء على المرض. وأشار في هذا السياق إلى أن السلطنة أجرت تجارب سريرية على أدوية محتملة لعلاج كورونا، منها استخدام البلازما المناعية.
ولفت الهنائي إلى أنَّ الأوبئة تختلف بين الموسمية والدائمة، وبعضها لا توجد بها خصائص الاستمرارية مثل الإيبولا؛ حيث يمكن السيطرة على المرض بالإجراءات الاحترازية فقط، علاوة على أنَّ بعض الفيروسات لا يتم تصنيع لقاحات لها لعدم خطورتها. وقال إن هناك أمراضاً كثيرة لا تمثل أولوية لإيجاد لقاح لها، بينما ثمة أمراض أخرى يحاول العلماء إيجاد لقاح لها، لكنها لم تنجح. وأضاف أن هناك لقاحات حققت نجاحا جزئيا مثل لقاح الإنفلونزا، فرغم وجوده في الأسواق إلا أنَّ فعاليته متوسطة.
لقاح آمن تماما
وشدد الهنائي على أن اللقاحات من أكثر وسائل الوقاية أمانا في تاريخ الطب، لافتاً إلى أن التطعيمات غالباً ما يكون لها أعراض جانبية قليلة جدًا، وتنحصر في آلام موضعية بمكان وخز الإبرة، إلى جانب احتمالية الحمى التي تتلاشى بعد يوم أو يومين من أخذ اللقاح. واستنكر الهنائي قيام البعض بالتشكيك في مأمونية اللقاحات، مشيراً إلى انتشار بعض الدعوات في الغرب لعدم التطعيم، الأمر الذي أدى إلى عودة أمراض مثل الحصبة إلى عدد من الدول الغربية. وذكر الهنائي خلال "استديو الرؤية" أن اللقاحات تمر بمراحل عدة من التجارب فضلاً عن اختبارها وتدقيقها ومراقبتها من الجهات المعنية الدولية والوطنية، وذلك قبل الموافقة عليها، لكنه أشار إلى أنَّ الجهود لإنتاج لقاح لمرض "كوفيد-19" تسارعت وتيرتها غير أنه لم يتم حذف أي مرحلة، بل مرت بجميع المراحل المعتادة. وقال إن هذه المراحل بدأت بالتجربة على أحد الحيوانات ثم على أعداد صغيرة من المتطوعين من البشر، ثم على أعداد كبيرة منهم، وبعد تجربة اللقاح عليهم وعقد مقارنة بين من حصل على اللقاح وأؤلئك الذين تناولوا "لقاحا وهميا" (ماء وملح)، وذلك بهدف الوصول إلى نتيجة الحماية التي يوفرها هذا اللقاح. وأوضح الهنائي أنَّ اللقاح الوحيد المعتمد حتى الآن هو اللقاح الذي أنتجته شركة فايزر الأمريكية بالتعاون مع بيونتك الألمانية.
وحول وصف "الاعتماد الطارئ للقاح"، قال الهنائي إن هذا الوصف إجراء عاجل تتخذه الدول والمنظمات للسماح باستخدام لقاح خارج نطاق التجربة، خاصة وأن اللقاح أثبت سلامته لدرجة تجعل المنفعة المرجوة أكبر بكثير من أي أضرار يتوقع حدوثها مستقبلاً.
وأشار الهنائي إلى أنه نتيجة لمحدودية الجرعات المنتجة من اللقاح، فمن المُقرر صرفه للحالات الأكثر عرضة للخطورة وهم العاملين في القطاع الصحي، وكبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، مثل السكري والضغط وغيرها، ثم بعد ذلك تطعيم كافة أفراد المجتمع. وأوضح أن الفئات التي لن تحصل على اللقاح هي ذاتها التي لم يجرب عليها اللقاح حتى الآن وتحديد فاعليته عليهم، مثل النساء الحوامل والأطفال، لكن من المُرتقب أن يُجاز صرفه لهم متى ما تم تحديد فعاليته عليهم.
المناعة المجتمعية
ونصح الهنائي الجميع بأخذ اللقاح، لضمان حماية النفس، والمساعدة في بناء المناعة المجتمعية، ومن ثم تقل خطورة العدوى وتعود الحياة إلى طبيعتها. ويرى الهنائي أنه يتعين كذلك على المتعافين من كورونا الحصول على اللقاح، لبناء مناعة دائمة، وقال: "لم يتم تنفيذ التجارب السريرية للقاح فايزر على مصابين بكورونا أو مُتعافين، وأن جميع من أخذ التطعيم هم من غير المصابين، لكن لا بأس من الحصول على الحماية لأن مناعة المصاب تتلاشى بعد 4-6 أشهر".
وكشف الهنائي أن فيروس كورونا لن يختفي تمامًا، بل ربما يعاود الانتشار في صورة موسمية، وخاصة في فصل الشتاء، لافتاً إلى أن دراسات أجريت على فيروسات كورونا الأخرى، وتبين أنها موسمية، لكن تلك الموسمية أقل في السلطنة نظراً لطبيعة ارتفاع درجات الحرارة معظم أوقات السنة. غير أنَّه توقع انحسار الوباء في العالم بشكل شبه تام بحلول الصيف المقبل في حال تم تطعيم نسبة عالية من المجتمع، لكن بدون التطعيم ستستمر الجائحة مدة أطول. ونصح الهنائي الجميع بضرورة مواصلة الإجراءات الاحترازية وأخذ اللقاح لجميع فئات المجتمع، لتفادي موجات أخرى من الوباء.