علي بن سالم كفيتان
يتبادر إلى ذهن الجميع أنَّ الهيكلة الجديدة لمُؤسسات الدولة ستُغير من ذهنية المسؤول الذي تمَّ اصطفاؤه للعهد الجديد من حيث سرعة الإنجاز وتقليل النهج البيروقراطي الذي كان سائداً من قبل لكن المُتابع يرى أمرًا قد يكون مخالفاً لذلك التوقع فعلى سبيل المثال لا الحصر بعد أن تمَّ تقزيم مشروع من جسر على هيئة نفق ودوار علوي إلى إشارة ضوئية بسيطة في إحدى حواضرنا العُمانية فما هو المُبرر كي يستمر المشروع نصف حول من الزمن رغم أنَّ النتيجة النهائية هي عبارة عن تنظيم المرور وليس حلا للاختناق وغالباً سيطلع المشروع مصاباً بإعاقة دائمة رغم كل الوقت الذي خصص للإنجاز فمهما تكن المبررات فهي غير مقبولة وخاصة ونحن شهود بشكل يومي على مثل تلك المشاريع البسيطة العالقة فهل لم يكلف المسؤول نفسه السؤال عن ذلك؟ ولماذا الشركة المنفذة تتفنن في تعطيل الناس طوال تلك الفترة دون رقيب أو حسيب؟
تمر بنا الأيام وتفصلنا حوالي ثلاثة أعوام عمَّا أحدثه إعصار مكونو 2018 من أضرار ولا زال جسر بسيط على طريق عام معطل وطريق دولي آخر يربط سلطنتنا بدول مجاورة ومنطقة حرة لا زال مشوهاً في وادٍ واحد أو اثنين حتى أنَّ الناس تعودت على التحويلات التي يفترض بها أن تكون مُؤقتة فتحولت إلى دائمة وتمثل جزءًا من معاناتهم اليومية من هو المسؤول عن ذلك؟ فمع كل رشة مطر تبتلع المياه السطحية الجارية رقعة الأسفلت الهزيلة التي وضعها المقاول المؤقت الذي بات يقتات على مُعاناة الناس وكسب ود المسؤول الذي ولد ولا يمتلك حلولا جذرية فهو خبير في أعمال الترقيع والمماطلة فقط، أين الرقابة الإدارية والمالية للدولة من تلك المخالفات الصريحة في مجال هدر المال العام وغرس المعاناة في عموم المجتمع ورسم الصورة المهلهلة للجهات الحكومية؟
كشاهد عيان ظل المقاول الذي يشيد إشارة ضوئية يعمل بدوام واحد رغم حساسية المنطقة مروريًا وعدد العمال في بعض الأحيان لا يتعدى العشرة فتارة يحفر وتارة يردم ومن ثم يسفلت وبعدها يزيل وهلم جرا، ناهيك عن الفوضى العارمة التي تسببها مزاجيته في إغلاق المسارات دون وجود مبرر فمسار يغلق لمدة أسبوع ثم يفتح دون إنجاز وهكذا تستمر المُعاناة، وفي مكان آخر بالقرب من أكبر التجمعات التجارية في تلك المدينة حضر السيل وأقتلع رقعة الأسفلت المسكينة تحت القبو الذي يرتاده الناس للتنقل بين تلك المجمعات ولا زال منذ ثلاثة أعوام تحت التنفيذ هل يعقل حدوث هذا في أمهات المدن وأكبرها ازدحاماً وأمام مرأى ومسمع من المحافظ ونائب المحافظ ورئيس البلدية وأعضاء الشورى والبلدي؟ ففي الوقت الذي نجري من خلاله جري الوحوش لفرض الضرائب وتقليص النفقات وتقليص الموظفين نسمح بهذا الهدر أمام أعيننا لاشك أن هناك خللاً ما في الصورة يجب إصلاحه عاجلاً.
عندما يتغير الوزراء والوكلاء يفترض أن الوزارة باقية وعندما تقاعد الأقدمون يفترض فيمن كانوا من أشد منتقديهم إثبات العكس ويجب على رئيس البلدية إكمال جهود سلفه والذهاب بعيداً في الإنجاز داخل مدينته ولم يعد مقبولاً أن تظل جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط سيفا مسلطا على المواطن وشماعة يركبها المسؤولون المكلفون بخدمة المواطنين لتبرير عجزهم وإظهار الدولة وكأنها أصبحت مستسلمة لهذا الموقف فمثلما يحاسب من أخل بهيبة الدولة من العامة يجب أن ينطبق ذلك على الخاصة ممن يتفننون في رسم صورة بائسة للمؤسسات الخدمية.
الوطن ليس حديقة خلفية لأحد بل هو ذلك الفضاء الواسع للجميع فمن روابيه نشرب الماء الزلال ومن باطنه تخرج الثروات ومن عقول أبنائه تولد فرص وتحت سمائه يظل العيش الكريم هو هدف كل ساكنيه الشرفاء نُدافع عنه قولاً وعملاً ونخفي ألمنا أحياناً كي لا نجرح الوطن فلا ذنب للتراب إذا تنكر الإنسان.
حفظ الله بلادي...