سالم كشوب
ممَّا لاشك فيه أنَّ التحفيز مهم ومطلوب، وإعطاء الفرصة للجميع من أجل الإبداع وإظهار المهارات والمواهب التي يتمتع بها، وخلق مساحة من العدالة للجميع للتنافس الشريف في مناخ إيجابي من الشفافية، تكافئ المجتهد المبتكر وتعطي الفرصة لمن لم يُحالفه الحظ من أجل تصحيح أخطائه، والعمل بجدية على إظهار أنه يستحق الفرصة؛ فعن ماذا نقصد بالتحفيز في مقالنا المتواضع؟!
التحفيز يبدأ أولا منذ الصِّغر من التربية التي تُشعِر الطفل أنه قادر على الإنجاز، ولديه القدرات على تحقيق ذلك، تبدأ من نظام تعليمي يهتم بالتطوير وليس التلقين، يعطى المجال والفرصة للمواهب لإظهار مواهبهم والعمل على صقلها وإعطائها الفرصة للتطور أكثر، واكتساب مزيدٍ من الخبرات من خلال خطط زمنية مدروسة تستمر لمدة طويلة، وليست فقط تتوقف بعد انتهاء مسابقة أو فعالية معينة.
التحفيز عندما تتساوى الفرص للجميع في سوق العمل، والأجدر هو الذي يتم اختياره أو منحه الفرصة لتحقيق حلم طفولته، ومن خلال وجود جهات مختصة بالتدريب والتطوير ورعاية المبدعين والاستغلال الأمثل والإيجابي لمواهبهم ومهاراتهم وتوجيههم التوجيه السليم الإيجابي؛ فالفشل أحيانا وارد، ولكن عندما يشعر الشخص بأنَّ هناك من يقف إلى جانبه ويسانده للتغلب على الفشل، سوف يبذل قصارى جهده من أجل إظهار أنَّه يستحق الأفضل، وأنه جديرٌ بشرف إعطائه الفرصة لإثبات ذاته، وتكوين مستقبله، وتحقيق الفائدة الإيجابية المرجوة؛ سواء على المستوى الفردي أو المجتمع.
فعندما يقوم الطالب صباحا إلى مدرسته أو جامعته، وهو متحمس من أجل معلومة جديدة أو مهارة جديدة أو إظهار فكرة أو مشروع بحاجة للتوجيه، وليس فقط الحضور من أجل الحضور وعدم تسجيله كمتغيب، فهذا يعد تحفيزا، كذلك عندما يتم توفير الأدوات الممكنة للعاملين في مختلف الجهات لنقديم الإضافة والفائدة المرجوة للمستفيدين من هذه الجهات، وعدم تكبيلهم بالكثير من المعوقات والإجراءات التي تمنعهم من الاجتهاد والمثابرة لتقديم الأفضل لمن ينتظرون منهم الخدمة أو يكون ذلك على حساب وقتهم وجهدهم وإمكانياتهم المادية من أجل عدم تأنيب الضمير والمكافاة المعنوية أو المادية للمجتهدين وإشعارهم بأن عملهم ومثابرتهم قيد المتابعة والثناء، وتحفيزهم نحو مزيد من العطاء والاجتهاد.
ويكُون التحفيز باهتمام الأسرة ومتابعتها للأبناء، والحرص على توفير المناخ الإيجابي المحفز، وتكوين علاقة مبنية على الثقة المتبادلة والصراحة غير المبنية من الخوف من العقاب أو التأنيب والسخرية عند ارتكاب الأخطاء، والتشجيع على مزيد من المحاولات والحث على الإصرار على الإنجاز، وأن الجميع يقف إلى جانبهم، وعدم رمي المسؤولية في المتابعة على طرف من الأسرة دون الآخر؛ فبناء الأسرة والتربية ونحن في عصر التكنولوجيا ووسائل التواصل أصبح أكثر صعوبة، وبحاجة لمزيد من المتابعة ومشاركة الجميع في تحمل المسؤولية في مناخ يتسم بالمشاركة والإيجابية والوضوح والصراحة المبنية على الثقة المتبادلة وعدم الخوف من ردة فعل الأب أو الأم.
إنَّ أيَّ مسؤول يضع نفسه في مكان الموظف الذي يعمل لديه أو المراجع الذي يراجع مؤسسته، ويعمل بشتى الطرق والوسائل لخلق مناخ من الإيجابية والسلاسة في العمل والشفافية، والتعامل بكل وضوح ومصداقية ومكافأة المجتهد في العمل، والحرص على رفع معدلات الإنتاجية لدى المقصرين قبل العقوبات، يعد ذلك تحفيزا لمزيد من الإنتاجية والكفاءة في العمل، ومن خلال معايير لتقييم الأداء تتسم بالشفافية والوضوح.
وختاما.. إنَّ التحفيز ليس شرطًا أن يكون ماديا؛ فأحيانا الكلمة والنصيحة الإيجابية تحفيز، التوجيه السليم المبني على حقائق وبشكل علمي ومنطقي بعيدا عن الأوهام تحفيز، عدم تكسير الآمال وتثبيط الهمم تحفيز؛ وبالتالي من الأهمية بمكان لأي شخص الثقة بنفسه ومواهبه، وأنه قادر على الإنجاز وتحقيق مختلف الطموحات والأهداف التي رسمها في مخيلته، والنظر بتفاؤل وإيجابية للمستقبل، وعدم النظر للنصف الفارغ من الكأس، بل النصف الممتلئ منه.