لم أجد لوحة رسمها ولدي من أثر..!

 

محمد بن رضا اللواتي

في حفل ختام أعمال مُخيم الرؤية الصيفي الأوَّل، أقام المشاركون الصغار معرضاً فنياً للوحاتهم والرسومات البديعة التي رسموها ضمن دورة على مدى أسبوعين لتعليم الرسم الأكريكي، حينها لم يُصدق أهالي الأطفال أنَّ برنامجاً لمدى أسبوعين فقط لتعليم الرسم، تمخض عن لوحات معبرة جدًا أبدعها أؤلئك الصغار، في حين أنهم ما شاهدوا أي عمل فني لأولادهم طوال سنة دراسية كاملة يقضونها في المدرسة التي يرتادونها يوميًا.

فلا المدرسة فكرت لإقامة هكذا معرض لإبداعات الطلبة، ولا الطلبة قد جلبوا يوماً لوحة لهم أنهوا إعدادها في حصة الرسم والتي يحضرونها طوال عام كامل!

قال أحد الآباء حينها إنِّه ما وجد لوحة رسمتها أنامل ولده من أثر طوال السنوات الثمانية التي قضاها في المدرسة، باستثناء السنتين الأوليين، حيث كان يأتي قبيل نهاية العام بسجل يحوي أعماله الفنية التي مارسها في الصف.

أين الخطأ يا تُرى؟

هنالك جواب عتيد تُقدمه بعض المدارس حينما يتساءل الآباء عن أثر لأداء أطفالهم في حصة التربية الفنية، وذلك الجواب هو أنه علينا أن نمضي وفق المنهج المُحدد من قبل وزارة التربية والتعليم!

وقلة قليلة منهم، قد يُصارحك قائلاً بأنَّ التربية الفنية، وصناعة المهارات الإبداعية لم تلق في مناهجنا التعليمية اهتماماً خاصاً أبداً. لقد ضاعت بين الحصص! في حين، تعتمدها مناهج عالمية بصفتها مادة إلزامية يستند عليها المنهج التعليمي لرفد إبداعات الصغار وإبرازهم وتقوية جانب المهارات فيهم.

ومؤخرًا برزت دراسات تنادي بأهمية إدخال عنصر الخيال في العملية التعليمية (التعلم التخيلي)، وضرورة فصل العملية التعليمية عن التلقين، والتفريق بين حشو عقل إلكتروني بالمعلومات وبين جعل الفكرة المراد فهمها بين يدي المتلقي لكي يتأملها أولاً، ويتخيلها ثانياً، ويشعر بها ثالثاً، ثم يتقنها، فحينها إتقانها يكون قد مرَّ عبر جميع القنوات النفسية التي تحيط بالكائن البشري حين يتعلم ويتلقى الأفكار، فهو لا يتلقاها دون أن يتناولها خياله فيهيم معها إلى آفاق عجيبة، ولا يتقنها إلا بعد أن يشعر بها، لذا يجب الحذر من اعتبار تعلم الكائن البشري شبيهاً بحشو دماغ آلي بالمعلومة.

غُرف التربية الفنية والرياضية وما يشبهها من مواقع استشعار الأبعاد الإبداعية في الصغار، بإمكانها تحمل مسؤولية غرس هذه الجوانب فيهم، من هنا يتوجب النظر إلى النشاط الفني بنظرة أخرى، وتطوير دروس المهارات، على أن تكون مُؤشرات الاهتمام تتمثل فيما تقوم به المدرسة من معارض فنية وإبداعية لطلابها، وما يضعه الطالب بين يدي ذويه بين الفينة والأخرى، نتاج أعماله الإبداعية التي أتمها في درس التربية الفنية.

لقد نشرت جريدة الشرق عدد 24 نوفمبر – استطلاعاً حول أهمية مادة التربية الفنية، شاركت فيه أسماء تربوية عدة، منها الدكتورة لطيفة المغيصيب — أستاذ مساعد في قسم العلوم التربوية بكلية التربية، جامعة قطر — والتي ذكرت – ضمن ما ذكرته – حول أهمية مادة الفن: " أنَّ مرحلة المُراهقة أكثر المراحل التي يحتاج فيها الشباب إلى دعم مواهبهم لإخراج إبداعاتهم، ولكن لانجد اهتمامات كافية في المدارس والجامعات، فالأنشطة الفنية بدأت تتقلص بشكل ملحوظ....لافتة إلى أنَّ هناك الكثير من المواهب بحاجة إلى الرعاية ويجب أن تنتبه المؤسسات لهؤلاء الموهوبين".

وكما بدأنا المقال بمخيم الرؤية الصيفي، لنختم به كذلك، فلقد حكت لنا أم بأن ابنتها بعد أن جربت عملياً فكرة إخراج فلم سينمائي قصير في المخيم مع رفيقاتها، باتت اليوم وبعد قراءات طويلة في هذا المجال الذي عشقته، تنتج فلما قصيراً شهرياً، وتتوق لفرصة المشاركة بأعمالها في معارض السينما العالمية للأفلام القصيرة، وتقول الأم إن ابنتها موقنة أنه لا يتميز المهندس المعماري عن مخرج الأفلام السينمائية الهادفة بشيء أفيد منه.

mohammed@alroya.net

 

 

 

 

 

الأكثر قراءة