د. خالد بن علي الخوالدي
السياحة صناعة عالمية ولها مردود مالي واقتصادي على الدول، وهناك دول تعتمد على السياحة اعتمادا رئيسياً في الدخل، والسلطنة ولله الحمد تملك كل المُقومات التاريخية والتراثية والطبيعية التي تؤهلها إلى أن تكون دولة سياحية عالمية، وستكون السلطنة كذلك إذا استطعنا استثمار هذه المقومات من جهة وكان هناك تعاون بين الحكومة والقطاع الخاص والمواطن لتحقيق هذه الغاية من جهة أخرى، علمًا بأنَّ السياحة مردوها محدود جداً وضئيل في السلطنة ولكن يمكن تغيير هذا الواقع إذا ما امتلكنا الإرادة والعزيمة والثقافة السياحية.
وأراهن على أنَّ السلطنة ستكون وجهة سياحية متميزة إذا كانت هناك إرادة صادقة من قبل الحكومة، ونقصد هنا الجهة المُختصة بالسياحة التي عليها تنفيذ رؤية إستراتيجية حقيقية للسياحة من خلال استغلال كل المقومات الطبيعية من شواطئ وجبال وأودية ورمال وغيرها، واستغلال المقومات التاريخية للسلطنة والتي لا تملكها الكثير من الدول من خلال نشر الفكر التاريخي التسامحي والتعريف بالأعلام العمانيين البارزين في علوم البحار والطب والجغرافيا والأدب وغيرها من العلوم فمثل هذه المعلومات تثري السائح الخارجي والداخلي وتوثق لحقبة تاريخية غنية، وهذا ربما يتحقق حالياً في (المتاحف) ولكن عليها إبرازها إبرازا أكبر وإقامة متاحف في كل مُحافظة، واستغلال المقومات التراثية من قلاع وحصون وبيوت أثرية وصناعات عمانية تقليدية وفنون شعبية وغيرها وجعلها حاضرة في كل موقع وولاية فنحن نلاحظ اندثاراً لصروح تراثية عديدة خسرناها كقيمة لا تعوض كما أننا نفقد تراثاً شفوياً غنياً من خلال وفاة كبار السن والذين لم يوثق ما بجعبتهم من حكايات وقصص وروايات تحكي تاريخ وتراث هذا البلد الغني بتراثه المادي والشفوي.
ومع هذا وذاك على الحكومة والقطاع الخاص التشارك والتَّعاون في خلق أجواء سياحية حضارية وحديثة يحتاجها السائح الداخلي والخارجي معاً مثل إنشاء حدائق مائية كبيرة وعلى مستوى يليق بالسلطنة وإنشاء حدائق حيوانات على مساحة مُتسعة وإنشاء قرية عالمية ثابتة تضم جميع دول العالم وتعتبر سوقاً عالمياً مصغراً، وإقامة مطاعم عالمية راقية وفنادق ذات النجوم العالمية الحقيقية وليست نجوم فقط وخدمات سيئة وأسعار مبالغ فيها، فلن نكون دولة سياحية إذا كانت أسعار الفنادق والاستراحات والشقق الفندقية عالية جداً ولا يمكن الوصول إليها، فلا يعقل أبداً سعر غرفة واحدة يصل فوق 300 ريال لليلة واحدة ثم نقول إننا نشجع السياحة وإن السياحة تثري!!
سنكون دولة سياحية إذا كانت هناك ثقافة مجتمعية تدرك قيمة السياحة وهذا سيكون من خلال تعزيز الصفات الأخلاقية التي يتميز بها الشعب العُماني بكونه شعب متسامح وخلوق ومرحب بالضيف والسائح، وعلينا أن نستنكر ما يقوم به البعض من أصحاب سيارات الأجرة من استغلال للسائح الأجنبي وضيف السلطنة والضحك عليه بأنَّه لا يفهم وابتزازه من خلال فرض أسعار مضاعفة، وضرورة توعية المقيمين أيضًا في السوق بصدق التعامل مع السائح فقد صادفت عدداً منهم يقوم برفع الأسعار عندما يشاهد أجنبياً فإذا كان سعر المادة ريالا واحدا يقوله له بخمسة ريالات ومثل هذه التصرفات يفهمها السائح ويستهجنها وربما يصف بها شعب ودولة كاملة بالاستغلال، وهنا إذا أردنا نجاح السياحة علينا توفير شرطة سياحية ترجع للسائح حقه في حال قيام أي شخص سواء كان مواطنا أو مقيما بخداعه واستغلاله، فلا نريد أي سائح ينقل عنَّا أي صفة غير أخلاقية فنحن شعب نتصف بالأخلاق الإسلامية العالية والملتزمة.
هناك جوانب أخرى مهمة ومضيئة إذا أردنا أن نكون دولة سياحية يشار إليها بالبنان سوف نذكرها في المقال القادم بحول الله، دمتم ودامت عمان بخير.