وطنٌ يكبر ولا يشيخ

 

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

 

(1)

خمسون عاماً تمر كلمح البصر، خمسون عمرًا، خمسون حلماً، وعُمان تتجدد كل يوم، تسير إلى عليائها بثبات، تمر على النجمات في السماء البعيدة، وتُعيد تشكيل التاريخ..تكتب كل يوم ملحمة، وتخط كتاباً من المُعجزات، بلدٌ تشرق شمسها ولا تغرب.. فكيف لنا أن لا نحبها؟!

(2)

من شوارع ترابية، وخدمات صحية مُتردية، ومدرستين بسيطتين، وقرى تعيش ظلامها، ومدن لا تفتح أجفانها منذ ساعات المغرب الأولى، إلى دولة تضيء بإنجازاتها، وتعيش أيامها، وتُعاصر عالمها، وتبزّ أقرانها، ومدن لا تنام، هكذا كانت عُمان، وهكذا أصبحت..

فأي معجزة تلك التي صارت إليها بعد خمسين عاماً فقط؟!!

(3)

قاد السلطان الراحل قابوس بن سعيد ـ طيّب الله ثراه ـ ثورة التغيير والتعمير، لم يبخل بأيِّ ثمين لأجل شعبه، أتقن دور العظماء، ولم يتوانَ يوما عن خدمة وطنه، كان (أيقونة) حب خالدة، أضاء بلاده بعد ظلام، وأنارها بعد عتمة، وجعل منها سلطنةً يفخر بها أبناؤها، لقد وعد فأوفى، وخطط فأنجز، وقال ففعل..

رحمه الله رحمة الأبرار.

(4)

وها نحن نعيش عهد السلطان هيثم بن طارق ـ أطال الله عمره ـ، في عالمٍ مليء بالتحديات والصعاب والشدائد، فكان حسامه قاطعاً، ورؤيته للمستقبل واضحة، وخطواته مدروسة، وتجديده سريعاً، فعمان تكبر ولكنها لا تشيخ، والمستقبل يحتاج إلى تضحيات جسام، لكي تظل عمان واجهة للسلام والوئام، والمستقبل المشرق..

ولكن كل شيء يحتاج إلى قليل من الصبر، وكثير من التضحية والتفاؤل بالغد.

(5)

العمانيون يعيدون اليوم تشكيل التاريخ، يرفعون وطنهم في قلوبهم، ويحملون مصابيح الأمل في عالم يضج بالعتمة، يرسلون رسالات التلاحم، والانتماء، والوفاء، والولاء، ففي قلب كل عُمان تسكن عُمان في هدوء وسلام.

فعُمان أمانة يحملونها، وعهد ينجزونه، ووطن يفتخرون به.

(6)

مرَّت على عُمان خلال الخمسين سنة الماضية الكثير من الأعاصير السياسية، والاقتصادية، والكوارث الطبيعية، والتحديات الصعبة، واجتازت كل ذلك بفضل الله، ثمَّ بسياسة وحنكة القيادة الحكيمة، وتعاضد القائد والشعب، فضرب العمانيون بذلك أعظم الأمثلة في التكاتف، والتلاحم، وخرجوا من كل ذلك أكثر قوة وصلابة.

هكذا هي الشعوب الحيّة التي تملك الإرادة والعزيمة والقدرة على تجاوز الصعاب مهما كانت، لأنها تُؤمن أنَّ الوطن أعظم من كل شيء.

(6)

ها نحن نعيش هذه الأيام ذكرى خمسين عاماً من عُمر النهضة العمانية، ولعلها ـ رغم استثنائية الحدث ـ لم تكن كما اعتادها العمانيون، ولا شك أنَّ التحضير لمثل هذه المناسبة كان مبكراً منذ سنوات، ومعدًا له بعناية ودقة، غير أنَّ الظروف التي مر بها الوطن والعالم هذه الأيام منعت كل ذلك، ولعل في الأمر خيرًا.

 ورغم كل ذلك فالمُناسبات العظيمة تحيا ولا تموت تمامًا كما هو الوطن.

فللوطن وقائده وشعبه كل الإجلال والتقدير والأمل بغدٍ أفضل، ومُستقبلٍ مشرق بإذن الله.