عيدك يا وطن

مدرين المكتومية

ها قد حلت علينا أغلى ذكرى وطنية، وأسمى مناسبة، بها تبتهج القلوب، وتسمو النفوس فخرا وعزًا بما تحقق من منجزات تنموية ينعم بها كل مواطن على هذه الأرض الطيبة.. إنَّها ذكرى العيد الوطني الخمسين للنهضة، تلك النهضة التي أسسها ورسخ جذورها في ترابنا المقدس، المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- ويمضي على نهجه القويم حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه.

نحتفلُ هذا العام وقد رحل عنا "أعز الرجال وأنقاهم"، لكن الله عوَّضنا بمن توسَّم فيه السلطان الراحل "صفاتٍ وقدراتٍ تُؤهله لحمل هذه الأمانة"، جلالة السلطان المفدى - أيده الله وأبقاه.

نحتفلُ بمرور 50 عاما من نهوضنا الوطني، تلك المسيرة التي بذل خلالها أبناء الوطن المخلصين الغالي والنفيس، وقدَّموا من التضحيات ما رفع من شأن أمتنا العمانية.. نحتفل بالإنجازات والعطاء، نحتفل بكل ما تحقَّق في وطننا العزيز من بناء وتشييد، ومن تقدُّم وتطوُّر في كافة مناحي الحياة، وعلى مختلف الأصعدة. فخلال 5 عقود من النهضة المباركة استطاعت عُمان أن تكون حاضرة بشخصيتها التاريخية المرموقة، وقوتها المعاصرة، وإنسانها الخلوق، ودبلوماسيتها الرصينة.. استطاعتْ عُمان أن تكون دائما بلد السلام والوئام، ووطن التسامح والتعايش، كما أراد لها باني نهضتها ومؤسس حضارتها المعاصرة السلطان الراحل قابوس بن سعيد، ليستكمل جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -أبقاه الله- المسيرة لتظل عُمان بلد الأمن والأمان، وقبلة الباحثين عن الاستقرار والاطمئنان.

إنَّنا وبعد 50 عاما على غرس شجرة النهضة الشامخة، نحتفي بإنجازات وضاءة، وبما أصبحنا نزخر به من تقدُّم ونماء، ويكفي أن ننظر إلى أي منجز وطني، لندرك عظمة البناء والتشييد، ومدى الإسهامات المقدرة من كل إنسان شارك في هذا الصرح العظيم.

في احتفالنا باليوبيل الذهبي للنهضة، نمضي خلف قيادتنا الحكيمة بإيمان تام بقدرتنا على مواصلة العطاء، وبثقة والتزام بعدم التقاعس عن خدمة الوطن وقائده المفدى، فرغم كل التحديات والصعاب التي تواجه الأمم في أي عصر، إلا أن الشعوب الوفية والمخلصة لقادتها، هي فقط التي تتمكن من عبور الأزمات والوصول إلى شطآن الأمان.

إننا وفي هذا التوقيت الوطني، يتعين علينا أن ندرك أن حياتنا قائمة على البحث بإرادة صلبة لكي نشق الطريق نحو التقدم، وصناعة الذات.. الذات الوطنية العامة، والذات الشخصية الخاصة، وكلاهما يأتي من نبع واحد، إنَّه نبع الوطن المتقدم، فبدون هذا التقدم لن نحقق ما نصبو إليه. ولذلك نقول إنَّ ما تحقق من رخاء ورفاهية لم يكن مجرد ضربة حظ أو صدفة عابرة في التاريخ، بل إنَّه نتاج جهود دؤوبة وسعي مخلص وثقة بأنفسنا وبمن حولنا لنصل إلى ما نحن عليه.. ومن هنا، ينبغي علينا جميعًا أن نكون على قدر المسؤولية، التي تفرض علينا أنْ نُحافظ على ما تحقق من منجزات، وأن نصُونها، وأن نواصل السعي والبذل من أجل رفعة وطننا وعليائه.

إنَّنا نمضي في مسيرتنا خلف قيادة حكيمة مؤمنة بقدرات أبناء عُمان الأوفياء على مُواصلة مسيرة العطاء، لكي تتواصل رحلتنا الحضارية إلى المجد والعزة دون توقف، ونحو نهضة هدفها الإنسان وتوفير الحياة الكريمة له، وبناء العلاقات المتكافئة والقوية مع دول العالم أجمع.

إنني وأنا أشارك وطني هذا اليوم العظيم وأنعم في خيراته، لأُجدد العهد والولاء لمولاي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- وأدعو الله من عميق فؤادي وفي صلواتي بأن يديم على جلالته نعمة الصحة والعافية، وأن يكُون وطني الحبيب في مصاف الدول المتقدمة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.