حاتم الطائي
نحتفل يوم الأربعاء المُقبل بالعيد الوطني الخمسين المجيد للنَّهضة، ذكرى الثامن عشر من نوفمبر المجيد، ذلك اليوم الذي يُجسد فرحة عُمان السنوية، بهجة الوطن كل عام، اليوم الذي يترقبه كل عُماني وعُمانية للاحتفال بمُناسبة عظيمة، تعكس أسمى معاني الوفاء والولاء من المُواطن للوطن.
ولا شك أنَّ الاحتفال هذا العام هو احتفال استثنائي بكل ما تعنيه الكلمة، فهو العيد الخمسين للنَّهضة، اليوبيل الذهبي لمسيرة مُمتدة من التنمية والبناء في شتى ربوع الوطن، وفي مُختلف قطاعات الحياة، وهو أوَّل عيد وطني بعد رحيل السُّلطان المُؤسس باني نهضة عُمان الحديثة، المغفور له بإذن الله تعالى السُّلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه-، وأوَّل عيد وطني في العهد السعيد لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- حفظه الله ورعاه-. ويأتي هذا العيد وقد شهد وطننا في شهور قليلة جملة من التطورات والمُنجزات، لاسيما على المستويين الاقتصادي والإداري، في ترجمة للوفاء بالعهد الذي قطعه جلالة السُّلطان المُعظَّم- أبقاه الله- في مُستهل فترة حكمه المُبارك، بإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتهيئة البلاد لتطبيق الرؤية المُستقبلية "عُمان 2040". تلك الرؤية الطموحة التي تستهدف الصعود بعُمان إلى مصاف الدول المُتقدمة، وإحراز مراكز مُتقدمة، خاصة فيما يتعلَّق بالجوانب ذات البُعد الاقتصادي.
وإذا ما نظرنا إلى 50 عامًا من النَّهضة والبناء، لن يتَّسع المقال لذكر ما تحقق من مُنجزات وما أحرزته السلطنة من تقدم، لكن يكفي القول إنَّ عُمان انتقلت من حقبة كانت تُوصف بالبدائية، إلى حقبة أخرى تُواكب العصر وتُلبي الطموحات. مرَّت عُمان خلال خمسة عقود من النَّهضة الحديثة، بمراحل شتى، اتَّسمت كلها بنهج التدرج القويم الذي أرسى قواعده السُّلطان خالد الذكر قابوس بن سعيد، رحمه الله. استطاعت عُمان بسواعد أبنائها من المُخلصين أن تُشيِّد المؤسسات والبنى الأساسية في كل مكان، فما من ولاية أو نيابة أو قرية إلا وتنعم بمُنجزات التنمية، حتى سكان الجبال والمناطق البعيدة، يستفيدون من شتى الخدمات كغيرهم من أبناء هذا الوطن المِعطاء. لقد عمَّت التنمية كل شبر على أرض وطننا الغالي، فأينما نولي وجوهنا مشرقاً أو مغرباً، شمالاً أو جنوباً، إلا وشواهد التنمية حاضرة، ومُؤشرات النهضة مُتجلية، استفاد منها كل إنسان يعيش على تراب هذه الأرض الطيبة المُباركة.
ولذلك يتعيَّن على كل فردٍ في مُجتمعنا أن يُواصل السعي من أجل الحفاظ على ما تحقق من مكتسبات وطنية، من خلال بذل المزيد من العمل المُتقن، كل في مجاله، بما يضمن زيادة إنتاجيتنا وارتقاء ترتيبنا بين الأمم المُتقدمة، والساعية نحو التَّقدم. وعلينا أن نضاعف العمل أيضاً فيما يتعلَّق بحماية وطننا مما يتهدده من مخاطر، وفي الوقت الراهن يمثل فيروس كورونا أخطر تحدٍ يُواجهنا، الأمر الذي يفرض علينا جميعاً أن نلتزم بالقرارات والتعليمات الصادرة عن الجهات المعنية، وفي مُقدمتها الحرص على ارتداء الكمامة وعدم التهاون في أي إجراء احترازي، فما تحقق خلال الأشهر الماضية قد يتبدَّد إذا تقاعسنا عن مُواصلة التقيد بالتدابير الاحترازية، وهو أمر يُؤكد عليه الخبراء والمتخصصون في هذا الجانب.
إننا ونحن نحتفل بالعيد الوطني الخمسين المجيد للنَّهضة، نُجدد العهد لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- لنُواصل الجهود الرامية إلى رفعة ورخاء هذا الوطن العزيز، وكُلنا أمل ويقين بأنَّ المُستقبل المشرق على يد جلالته- أبقاه الله- سيشهد تحقق المزيد من النماء والتنمية الشاملة والمستدامة في شتى القطاعات، وعلينا كمواطنين أفرادا، ومؤسسات وطنية، ألا نتوقف عن البذل والعطاء، حتى يظل وطننا في تقدم وسؤدد ونماء.