تأكيدات على ضرورة تضمين الاستدامة في جميع المشاريع التنموية

مناقشات موسعة حول مستقبل البيئة وسبل تعزيز الاقتصاد الأخضر والدائري

◄ الريامي: ضرورة تحقيق التوازن بين المتطلبات البيئية والاقتصادية والاجتماعية لضمان الاستدامة

 

الرؤية- مريم البادية

 

ناقش المحور الأول من أعمال مُنتدى عُمان البيئي في دورته الرابعة، "المستقبل البيئي وفق أولويات رؤية عمان 2040"؛ حيث قدم المهندس عمر الريامي رئيس مجموعة عمل أولوية البيئة والموارد الطبيعية في الخطة الخمسية العاشرة بوزارة الاقتصاد، ورقة عمل بعنوان "أولوية البيئة والموارد الطبيعية.. خارطة الطريق نحو مستقبل بيئي مستدام".

وتطرق الريامي في ورقة العمل إلى المحاور الأساسية لرؤية عمان 2040، وتشمل مجتمعا إنسانه مبدع، معتز بهويته، مبتكر ومنافس عالمياً، ينعم بحياة كريمة ورفاه مستدام، واقتصادا بنيته تنافسية، ودولة أجهزتها مسؤولة، وبيئة عناصرها مستدامة. وأشار الريامي إلى الأولويات الوطنية للرؤية المستقبلية، وذكر منها الصحة والتعليم العالي وحوكمة الجهاز الإداري للدولة، والتشريع والقضاء والرقابة، والتنويع الاقتصادي والاستدامة المالية، والبيئة والموارد الطبيعية.

 

 

وأوضح أن من أبرز مؤشرات الأداء في هذه الرؤية المستقبلية، مؤشر الأداء البيئي ليصل بنهاية فترة تنفيذ الرؤية إلى معدل 74.69 أو من أفضل 20 دولة في العالم، لافتاً إلى أنَّ التوجه الإستراتيجي في هذا الجانب يستهدف بناء "نظم إيكولوجية فعالة ومتزنة ومرنة لحماية البيئة واستدامة مواردها الطبيعية دعمًا للاقتصاد الوطني".

وعرج الريامي إلى الحديث عن أهداف أولوية البيئة والموارد الطبيعية، وقال إنها تتضمن إيجاد بيئة تحقق التوازن بين المتطلبات البيئية والاجتماعية والاقتصادية والعمل بقواعد التنمية المستدامة، واستخدام مستدام للموارد الطبيعية واستثمارها بما يكفل تحقيق قيمة مضافة عالية، وإيجاد طاقة متجددة متنوعة مع ترشيد الاستهلاك لتحقيق أمن الطاقة، إلى جانب تحقيق أمن غذائي ومائي قائم على موارد متجددة وتقنيات متطورة واستغلال أمثل للموقع الاستراتيجي والتنوع الأحيائي للسلطنة، فضلاً عن بناء اقتصاد أخضر ودائري يستجيب للاحتياجات الوطنية وينسجم مع التوجه العالمي.

التوعية البيئية

وقال الريامي إن تحقيق التوازن بين المتطلبات البيئية والاجتماعية والاقتصادية والعمل بقواعد التنمية المستدامة يستلزم توسيع برامج التوعية البيئية وإيجاد التشريعات الناظمة للمحافظة على البيئة واستدامتها والمرتبطة بعمل العديد من الصناعات والقطاعات المتنوعة بحيث تحقق التوازن بين متطلبات الاقتصاد ومبادئ المحافظة على البيئة. وأضاف أن الوصول إلى أوساط بيئية ذات جودة عالية وخالية من التلوث يتطلب تشديد قواعد الرقابة على كافة مصادر التلوث الهوائي والمائي الإشعاعي والحراري وتطوير آلياتها، وإطلاق برنامج وطني مُجتمعي مبتكر وفق سياسات الحث والتحفيز حول الاستخدامات المثلى للحد من ملوثات الحياة.

وأشار الريامي أيضاً إلى أهمية إعادة هيكلة القطاع المائي وتوسيع الموارد المائية خصوصاً تلك التي تشجع القطاع الزراعي وتستخدم التكنولوجيا الحديثة والمتطورة والهادفة إلى خفيض كلفة الإنتاج وتطبيق مبدأ وفورات الحجم، وتعزيز الأمن الغذائي وفقاً للمزايا التنافسية بما يتوافق مع قدرات الإنتاج المحلي وتقديم الحوافز المشروطة بتحسين الإنتاجية في هذا المجال.

وأوضح أنَّ الاستخدام المستدام للموارد والثروات الطبيعية واستثمارها بما يكفل تحقيق قيمة مضافة عالية لن يتأتى دون إيجاد التشريعات والممارسات الفضلى اللازمة لتشجيع الاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة والاستغلال المستدام للموارد الطبيعية وتخفيف كلفة الإنتاج.

تطوير السياسات

وحثَّ الريامي على أهمية تطوير السياسات واللوائح المعنية بتشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة لدى القطاع الخاص والمجتمع المدني، وانتهاج سياسات الاستثمار الحكومي في رأس المال الطبيعي لتحقيق أمن الطاقة. كما دعا إلى تبني المبادئ العامة للاقتصاد الأخضر التي تتفق عليها جميع الأطراف من مؤسسات حكومية وقطاع خاص إضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني لتطبيق وتحفيز الإجراءات التي تساهم في الديمومة البيئية، من أجل بناء اقتصاد أخضر ودائري.

وفيما يتعلق بالوعي البيئي لضمان التطبيق الفعَّال لقواعد الاستهلاك والإنتاج المستدامين، أكد الريامي أهمية تعزيز الوعي البيئي لدى المُجتمع المحلي بمختلف شرائحه عبر مختلف البرامج والوسائل بشراكة بين قطاعات المجتمع الحكومية والخاصة والمدنية.

وعرج الريامي على الخطة التنموية الخمسية العاشرة، وقال إنها تمثل أولى خطط رؤية "عُمان 2040" وأنها حجر الأساس وخارطة طريق لمستقبل التنمية المستدامة في السلطنة، لاسيما وأن تنفيذها يرتكز على تفعيل المشاركة الواسعة لمختلف الجهات ذات العلاقة، وتتضمن 43 برنامجا استراتيجيا تستهدف تحقيق 7 أهداف.

وشدد الريامي على أهمية السعي لبناء نظم إيكولوجية فعالة ومتزنة ومرنة لحماية البيئة واستدامة مواردها الطبيعية دعمًا للاقتصاد الوطني.

غايات الاستدامة

وقدم الدكتور محمد بن سيف الكلباني مدير دائرة البيئة والتنمية المستدامة بهيئة البيئة، ورقة عمل بعنوان "أهداف وغايات الاستدامة البيئية 2030".

ومن ثم انطلق المحور الثاني من أعمال المنتدى، بعنوان: "نحو مسودة استرشادية لتنفيذ الأهداف الوطنية"، وتضمن جلسة نقاشية يشارك فيها كوكبة من خبراء البيئة، وهم: المهندس إسماعيل بن سليمان الصوافي مدير عام المسؤولية الاجتماعية والعلاقات العامة بالمؤسسة التنموية الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال، وسالم بن مسلم الساعدي مدير دائرة البيئة وبحيرات الأنصب بشركة حيا للمياه، والدكتور مهاب بن علي الهنائي رئيس مركز التميز البيئي في الشركة العمانية القابضة لخدمات البيئة "بيئة"، فيما أدارت الجلسة النقاشية الدكتورة ثريا السريرية المديرة العامة المساعدة لصون الطبيعة بهيئة البيئة.

وبدأت الجلسة بمداخلة للدكتور محمد الهنائي قال فيها إن هناك مشاريع طموحة تتوافق مع المحاور الأربعة لرؤية عمان 2040، منها وضع منظومة متكاملة للرقابة والرصد البيئي، والإنذار المبكر لرصد الإشعاع، والتغيرات المناخية، علاوة على مشاريع تهتم بزيادة الوعي البيئي في المجتمع.

فيما تحدث سالم الساعدي عن التحديات التي تواجه الأمن المائي، وقال: "نعاني من عدم وجود مستهلكين للمياه المعالجة التي تنتجها شركة حيا للمياه، بينما تستفيد بلدية مسقط بجزء قليل ري في الأشجار على الطرقات الرئيسية، لكن معظمه يذهب هدرا في البحر، لذا نحن نحتاج إلى تعاون مختلف الجهات للاستفادة من هذه المياه في الزراعة والري لبعض المحاصيل، وزيادة مخزون المياه الجوفية، فالشركة تنتج مياه بها أعلى المواصفات من ناحية الجودة والالتزام بالاشتراطات البيئية المحلية والعالمية".

وقال المهندس إسماعيل الصوافي إن الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال اهتمت بالمسؤولية الاجتماعية من خلال إقامة عدد من المشاريع من بينها تمويل إغلاق مردم ولاية صور، وإنشاء محطة لمعالجة النفايات، كما مولت الشركة مركز السلاحف بمحمية رأس الجينز، وفي جانب مؤسسات التعليم ساهمت الشركة في رعاية مسابقة للحفاظ على الطاقة الكهربائية على مستوى المدارس، وحصلت المدارس الفائزة على حقيبة لإجراء تجارب الطاقة المتجددة.

فيما ذكر الدكتور مهاب الهنائي أنَّ 90% من الاقتصاد العالمي "اقتصاد خطي"، أي أنه يستخرج المواد الخام لإنتاج المنتجات ثم التخلص منها. وأضاف أن الاقتصاد الدائري لا يعني فقط إعادة التدوير، إنما يندرج فيه الوعي البيئي، مشيرا إلى العديد من البرامج التي تقدمها شركة "بيئة" لتوعية المستهلك. وقال إن الشركة نجحت في تقديم التوعية البيئية إلى 300 ألف طالب خلال العام الماضي، فيما تعكف الشركة في الوقت الراهن على إعداد برامج توعوية لطلاب الجامعات، ودورات علمية معتمدة حول قضايا الاستدامة والاقتصاد الدائري. وأوضح أنَّ من أهداف الشركة تقليل استهلاك الفرد الواحد من النفايات خلال 5- 10 سنوات المُقبلة إلى أقل من كيلوجرام في اليوم الواحد.

تعليق عبر الفيس بوك