صلالة- الرُّؤية
كشفت دراسة بيئية حديثة نفذها مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني ممثلاً في دائرة الشؤون البيئية بصلالة خلال العام الجاري 2020، عن تسجيل علمي جديد يُؤكد وجود النمر العربي في المنطقة الواقعة غرب ولاية ضلكوت بمحافظة ظفار.
ونفذ المكتب في السابق بعض الدراسات الميدانية في المنطقة إلا أنها لم تسجل أي دلالات لوجود النمر العربي غرب الولاية على الرغم من إفادة الأهالي بوجود هذا الحيوان النادر. وأظهرت نتائج الدراسة الجديدة رصد وتوثيق أنواع أخرى من الثدييات البرية النادرة. وقال الدكتور هادي بن مسلم الحكماني مدير دائرة الشؤون البيئية بمكتب حفظ البيئة بصلالة إن منطقة الدراسة البيئية تقع ضمن نطاق انتشار النمر العربي في جبال محافظة ظفار، وأجريت فيها بعض الدراسات والمسوحات الميدانية المتقطعة في السابق إلا أنَّ هذه الدراسات المبدئية لم توثق دلالات لوجود النمر على الرغم من توفر الموائل الطبيعية كالفرائس والتضاريس الجبلية المهمة لحركة النمور. وأضاف أنَّ الباحثين بدائرة الشؤون البيئية بمكتب حفظ البيئة بمحافظة ظفار عكفوا هذه السنة على إعداد دراسة بيئية جديدة ومسوحات ميدانية علمية ومنهجية شاملة في عدد من المناطق الجبلية الواقعة غرب ولاية ضلكوت للتحقق من وجود النمر العربي وتوثيق الثدييات البرية الأخرى التي تعيش في المنطقة.
وحول الوسائل المستخدمة في الدراسة، أوضح الحكماني أنه نظرًا لوعورة المنطقة وصعوبتها والنظام المعيشي للنمر العربي وغيرها من الحيوانات البرية، فقد استخدم الباحثون البيئيون عددا من الوسائل والتقنيات الحديثة التي أثبتت فاعليتها في دراسة الأنواع النادرة والتي من الصعب دراستها بطرق مباشرة أبرزها الكاميرات الفخية، ومسوحات للآثار، إضافة إلى جمع عينات من روث المفترسات، وذلك لإجراء التحاليل الجينية المستقبلية لمعرفة مصدر هذه العينات. وأشار الحكماني إلى آليات العمل المتبعة قائلاً: "سعينا جاهدين لإجراء الدراسة بطريقة علمية شاملة حيث قمنا بتقسيم المنطقة التي خصصت لتنفيذ الدراسة فيها غرب ولاية ضلكوت إلى حوالي 60 مربعاً (مساحة كل مربع 1 كم مربع)، عقب ذلك توصلنا إلى معرفة أهم مسارات الحيوانات البرية حيث تم تركيب فيها ما يقارب 17 كاميرا فخية لمدة حوالي 80 يوما، بعدها تم تجميع تلك الكاميرات وفرز البيانات التي احتوتها وتحليلها".
وأوضح أن نتائج الدراسة كشفت إثبات وجود النمر العربي غرب ولاية ضلكوت بمحافظة ظفار، وكذلك رصده في موقعين مختلفين، إلى جانب وجود 8 أنواع من الثدييات البرية التي تقطن المنطقة وهي حسب مؤشرات الكثافة النسبية لها: الذئب العربي، والشيهم، والرباح، والوشق، والضبع المخطط، وغرير العسل، والنمس، والوبر الصخري.
وأكد الحكماني أنَّ هذه الأنواع الموثقة تسهم بأدوار مهمة في منظومتها البيئية، وهي تمثل ما لا يقل عن 17% من الثدييات البرية الأرضية المسجلة في السلطنة. وتشير هذه النتائج إلى التنوع الأحيائي في منطقة الدراسة وأهميتها البيئية، خاصة مع احتضانها لعدد من الثدييات البرية التي تعد مُهددة أو معرضة للانقراض، وفقاً لتصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة.
يشار إلى أنَّ النمر العربي سلالة نادرة من النمور التي تستوطن الجزيرة العربية، وصنفه الاتحاد الدولي لصون الطبيعة على أنَّه مهدد بالانقراض بالمستوى الحرج. وفي السلطنة يوجد هذا الحيوان النادر في محافظة ظفار؛ حيث أكدت الدراسات الميدانية التي نفذها ديوان البلاط السلطاني ممثلاً في مكتب حفظ البيئة خلال ما يقارب 23 عامًا وجود النمر العربي على امتداد جبال المحافظة؛ من نيابة حاسك في الشرق وصولاً إلى ولاية ضلكوت في الغرب، إضافة إلى رصده في السنوات الأخيرة في بعض المناطق النجدية شمال جبال ظفار.
وتبذل السلطنة، ممثلة في ديوان البلاط السلطاني، جهودًا كبيرة ومتواصلة لحماية النمر العربي والمحافظة عليه من الانقراض؛ حيث ساهمت هذه الجهود الحثيثة في استقرار أعداده والحفاظ على ديمومة موائله الطبيعية في المحافظة.
ووجه مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني الشكر والثناء إلى كل المتعاونين في مشروع صون النمر العربي، ويخص في ذلك المجتمع المحلي بظفار، نظير ما قدموه ويقدمونه من عطاءات ساهمت وتساهم مع الجهات ذات العلاقة في الحفاظ على التوازن البيئي والتنوع البيولوجي بكل المشاريع البيئية القائمة في محافظة ظفار.